العدد 776 - الأربعاء 20 أكتوبر 2004م الموافق 06 رمضان 1425هـ

حديث «سِكْرِتْ»

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

قضايا العنف ضد المرأة باتت تتصدر عناوين الصحف اليومية... في كل يوم نسمع أو نقرأ حكايا لنساء ذقن الويل على يد أزواجهن سواء بالعنف الجسدي الذي حول جسد إحداهن إلى ما يشبه حطام بيت آيل إلى السقوط فلا يختلف عنه إلا في ألوانه الزاهية التي طالت تلك المرأة من وجهها إلى أخمص قدميها فصبغتها بالأحمر والأصفر والبنفسجي... ألوان تحلم كل طامحة إلى التزين بالتزود بها كونها ألوانا ثابتة لا تزول بسرعة جراء عرق هنا أو قطرة ماء هناك... أو العنف المعنوي، وما أشد وطأته على نساء جل ما يطمحن إليه كلمة طيبة ولمسة حب رقيقة!

هذه الصفحة «كشكول» التي حملت من الهموم والمشكلات بمختلف أشكالها وتلاوينها الشيء الكثير فشاركت أصحابها أتراحهم وسعت إلى مواساتهم بالقدر القليل مما تستطيع... هذه الصفحة لم تخل من مشكلات للعنف ضد المرأة وإن كانت تعد على أصابع اليد الواحدة... فمعروف أنها مازالت باقية على العشرة ليس إكراما لزوجها الذي لفظته نفسها قبل قلبها وعقلها وإنما حفاظا على أولاد لم تشأ تشتتهم أو كانت أكيدة من عجزها عن كفالتهم وحدها إن طلقت أو لخوفها وهي تنتمي إلى هذا المجتمع الظالم الذي لا يرحم من حمل لقب مطلقة وكأنه عار تستحق معه الوأد من دون رحمة!... أسباب حبستها حتى عن الشكوى في المحاكم فرضت لنفسها تجرع المر في صمت وسكون... وها هي الحملات تشن في الجمعيات النسائية والصحف والندوات ويخطب فيها نساء ورجال وعلماء دين وقضاة من أجل توعية المرأة بحقوقها وحثها على المطالبة برفع الضيم عنها من زوج لم تعرف الرأفة طريقا إلى قلبه.

وأتساءل ونحن في مجتمع الرجال... هل نال النصف الآخر (الرجل) والمحرك الأساسي - بحسب معتقداتنا - لدائرة الحياة والوجود من الحب نصيبا؟ هل بإمكانه القبول بـ «علقة سخنة تشخشخ بدنه» وممن؟ من جنس لطيف ناعم شده سذاجته وبراءته وما يبدو عليه من علامات الرأفة والحنان إلى الارتباط به؟ هل يقبل الزوج على نفسه العيش مع «بروسلي» في هيئة امرأة؟ وإن قبل كيف سيتصرف؟ هل سيبقى على العيش والملح حفاظا على الأولاد أم «كثر الطق يفك اللحام» فيتحول بين عشية وضحاها من حمل وديع إلى ذئب مفترس أم تراه سيبادر إلى الشكوى في المحاكم مطالبا بتعويض عن الأضرار الجسدية التي لحقت به والتي لا أشك أبدا أن أكثرها ناتج عن عض يستدعي معه أخذ عشرين إبرة مضادة للتسمم ونتف شعر (هذا إذا كان يملك شعرا أصلا) سيضطر إلى لبس باروكة من بعده؟!

لا أظن الرجال بأكثر حظاً منا نحن النساء... بل أخال حالهم يستدعي الشفقة أكثر منا كونهم ولدوا في مجتمع يعيب عليهم الخنوع والرضوخ أمام نظرائهم من الرجال فما بالك بنساء هن في نظر المجتمع البالي آخر ما يمكن الرضوخ إليه؟!

أحسبهم إن لم يستعينوا بسلاحهم الذي منحهم إياه رب العزة والجلال ووضعه بأيديهم كاختبار لهم ففهموا أنه أبغض الحلال عنده فبادروا إلى دفنه إلى حين علهم يستطيعون نيل رضا بارئهم... أحسبهم بالعين للمر وساكتين فعيب عليهم أن يقولوا ضربنا، وعار عليهم شكوى زوجاتهم في المحاكم إذ إن ذلك سيضعهم في خانة المغضوب عليهم، هذا إن لم يقم على أمثالهم الحد كونهم شاذين عن مجتمع «للرجال فقط»... أحسب هؤلاء بحاجة أكثر من غيرهم إلى توعية بكيفية المطالبة بحقوقهم وبوقف العنف المعاكس ضدهم... وإلا فليبق هذا «التكفيخ» حديث «مكفخين» و«سِكْرِتْ» بين بعضهم بعضا... ومساكين لا تفضحوهم

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 776 - الأربعاء 20 أكتوبر 2004م الموافق 06 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً