العدد 793 - السبت 06 نوفمبر 2004م الموافق 23 رمضان 1425هـ

المجالس الرمضانية والإعلام

منصور محمد سرحان comments [at] alwasatnews.com

تعد المجالس الرمضانية ظاهرة صحية، بل هي تطور للمجالس الرمضانية التي كانت عامرة في عهد الآباء والأجداد على رغم قلة إمكاناتها آنذاك. وتساهم المجالس الرمضانية في تعزيز اللحمة وتوطيد العلاقات بين الأفراد، وخصوصا انها أهم مكان في الشهر الفضيل للتجمع والالتقاء بالأصدقاء والأهل وأصحاب القرار والوجهاء والأعيان. ويقضي المواطن أوقاتاً ممتعة بزيارة تلك المجالس العامرة بأهلها في شتى مناطق مملكة البحرين. وشهدت البحرين خلال العقد الأخير من القرن العشرين والسنوات الثلاث الأولى من الألفية الثالثة زيادة ملحوظة في عدد المجالس الرمضانية، ما أوجد مجالاً واسعاً للجمهور لزيارة بعض تلك المجالس.

لقد كان ولايزال الهدف الأسمى من فتح تلك المجالس وتخصيص أيام محددة لها، اتاحة الفرصة لزيارة الأحبة والالتقاء بالشخصيات ذات الأثر الفاعل في المجتمع. وأصبحت المجالس الرمضانية في هذه الأيام تعج بالزوار، ويتم فيها الحديث عن الشأن الداخلي وما يجري على الساحة العالمية من حوادث اقتصادية وسياسية مهمة، بالإضافة إلى الأحاديث الشخصية.

وأصبحت مجالس الوزراء الرمضانية فرصة سانحة لطرح وجهات مختلفة بشأن موضوعات تخص الوزارة المعنية، ويثار النقاش وتطرح الأسئلة بشكل عفوي وبنية صادقة. كما تتم الإجابة عن جميع تلك الأسئلة من خلال تحاور تام بين الجميع. أما مجالس الوجهاء ورجال الأعمال فيزداد الاهتمام فيها بالاستثمار وبأمور الاقتصاد، بالإضافة إلى تناول الشأن الداخلي في جميع المجالس. ويبدو الحديث عن الأدب والثقافة مغيباً في معظم تلك المجالس.

ومما يذكر وجود مجالس صغيرة تؤمها مجموعات محددة ومحدودة منتشرة في قرى ومدن البحرين، يقضون فيها أوقاتاً ممتعة بعيدة كل البعد عن مظاهر الرسميات، وأضواء الكاميرات والصحافة، ما يعطيها نكهة خاصة بها.

لقد برز الإعلام في السنوات الأخيرة بثقله في المجالس الرمضانية، وأصبح الحديث في تلك المجالس مادة دسمة للصحافة والصحافيين. وبدأت الصحف تتحدث بشكل مسهب عما دار في مجلس زيد أو عمرو حتى وإن كان ذلك حديثاً شخصياً لا يستحسن نقله. إلا أن صحافتنا المحلية تقوم بعرض ما يدور من نقاش وحوار في تلك المجالس، ما يعني التدخل في الخصوصيات.

فالمجالس الرمضانية يجب أن تكون بعيدة كل البعد عن أضواء الصحافة والإعلام بأجهزته المختلفة، ليشعر الناس انهم خارج نطاق الضوء، وليتحدثوا بعفوية وحرية تامة، بعيدة عن توريط هذا أو ذلك في نقطة قد يحتدم الجدل بشأنها، أو كلمة تعد من فلتات اللسان التي من غير المستساغ نشرها. كما يشعر بعض أصحاب المجالس بالغبن لعدم تغطية مجالسهم وعرض الصور في صفحات الصحف أسوة بالآخرين. ثم ان تدخل الصحافة في المجالس الرمضانية يفرغها من هدفها الأساسي، كما انها تخلق جواً غير صحي، منها سكوت الكثيرين كي لا تنقل وتفسر أقوالهم فيما بعد وخصوصا من هم في مراكز اتخاذ القرار الذين يحبذون زيارة المجالس من دون رسميات أو أضواء صحافية، وهذا يؤدي إلى حرمان المجالس من آراء ووجهات نظر تثري الموضوعات التي هي قيد النقاش.

وعلى رغم ذلك فإن للصحافة دورها المهم في التعريف بالمجالس الرمضانية من حيث نشر أسماء المجالس وذكر أيامها المحددة، بحيث يتم نشر مواعيد المجالس يوماً بيوم خدمة للمواطنين.

ويختلف الوضع بالنسبة لزيارة رموز القيادة للمجالس الرمضانية باعتبار أن أقوالهم تمثل توجيهات أبوية يجب الاخذ بها، كما أن أحاديثهم تصب في مصلحة الوطن وتطوير بنيته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، ما يجعل حتمية التركيز على نشر التصريحات والكلمات التي ينطقونها لتعريف المواطن بأهمية تلك الأحاديث والأقوال المثمرة.

ويجب التفريق هنا بين المجالس الرمضانية وبين المجالس المفتوحة طوال السنة والمعروفة لدى الجميع، والتي تستضيف وفق برامجها الأسبوعية كاتباً أو باحثاً أو سياسياً أو رجل دين للحديث عن موضوع معين. فهذه المجالس مهيأة لتغطية ما يدور فيها عن الشأن المحلي، سواء كان سياسياً أو اقتصادياً أو ثقافياً، وكذلك ما يدور فيها بشأن تناول قضية عالمية أو تاريخية أو ما شابه ذلك. وهنا للصحافة ووسائل الإعلام الأخرى أن تلعب دورها في التغطية لتعريف أفراد المجتمع بما يدور في تلك المجالس... بل على وسائل الإعلام أن تنشط في تغطية الموضوعات التي يتم طرقها في تلك المجالس. أما المجالس الرمضانية فلها خصوصيتها، وهي لا تحتاج إلى تلميع بقدر ما تحتاج إلى احترام خصوصيتها

إقرأ أيضا لـ "منصور محمد سرحان"

العدد 793 - السبت 06 نوفمبر 2004م الموافق 23 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً