العدد 814 - السبت 27 نوفمبر 2004م الموافق 14 شوال 1425هـ

دواعي الهجمة على البحرين

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

التصريحات المتبادلة التي جاءت في الفترة الأخيرة بشأن موقف بعض بلدان دول مجلس التعاون الخليجي من توقيع اتفاق التجارة الحرة بين البحرين والولايات المتحدة الأميركية لها الكثير من الدلالات، كما أنها تعكس سمة موجودة في العلاقات الخليجية - الخليجية منذ تأسيس المجلس في مايو/ أيار 1981.

فمن أبرز المشكلات التي تواجهها هذه العلاقات الحملات الإعلامية المتبادلة التي تظهر بين فترة وأخرى من أجل التعبير عن موقف معين يتم توظيفه عادة طبقاً للمصالح الذاتية لدول المجلس. وهذه الإشكالية الكبيرة من الصعوبة بمكان معالجتها في الوقت الراهن بسبب غياب التنسيق السياسي الفعال، والتركيز على تفعيل العلاقات الاقتصادية. وعلى رغم أن اتفاق التجارة الحرة يأتي في سياق العلاقات الاقتصادية فإنه طبعاً لا يمكن أن يكون بعيداً عن المجال السياسي لأن له أبعاداً أخرى طويلة المدى.

وتثبت معطيات الواقع أن السياسة الخارجية البحرينية طوال الفترة الماضية لم تمارس هذا الأسلوب، وإذا كان هناك من الدول الخليجية من يرى أن توقيع الاتفاق يأتي في غير وقته، فعليه أن يدرك أن توقيع اتفاق التجارة الحرة البحريني - الأميركي في 14 سبتمبر/ أيلول الماضي أتى في إطار التوجه الذي أعلنه الرئيس الأميركي جورج بوش في مايو من العام الماضي لإنشاء منطقة تجارة حرة في الشرق الأوسط بحلول العام 2013، ولذلك جاءت البحرين ثالث دولة عربية في المنطقة يتم توقيع هذا الاتفاق معها بعد كل من الأردن والمغرب، بالإضافة إلى الرغبة البحرينية في تطوير مصادر الدخل القومي وإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني بعد أن وصل إلى مرحلة أفرزت الكثير من الإشكالات وفي مقدمتها البطالة.

كما يجب أن تكون العلاقات الخليجية - الخليجية على درجة عالية من الشفافية، فمفاوضات اتفاق التجارة الحرة لم تكن سرية أبداً، وإنما كانت هناك مباحثات ومفاوضات بدأت قبل سنوات وكان الجميع على علم بها. ولم تنتهج البحرين أسلوب السرية، كما تحاول الالتزام به بعض الدول الخليجية. وبالتالي فإنه من المهم أن تركز دول المجلس في الوقت الراهن على كيفية الاستفادة من تجربة البحرين في توقيع الاتفاق، وكيف يمكن تفعيله لخدمة الاتحاد الجمركي الخليجي وبعده السوق الخليجية المشتركة. بالإضافة إلى ذلك فلابد من الإقرار بأن الاتحاد الجمركي الخليجي الراهن كشف ضعف قدراته التفاوضية، وهو ما أتاح للحكومة الأميركية المجال لإقامة اتفاقات مع كل دولة خليجية على حدة بدلاً من أن يتم التفاوض بشكل جماعي على إقامة منطقة تجارة حرة خليجية - أميركية، وخصوصاً في ظل تناقل الأخبار عن بدء المباحثات الإماراتية والكويتية مع الولايات المتحدة لعقد اتفاق تجارة حرة.

ومادامت القمة الخليجية المقبلة ستستضيفها المنامة فإنه من الأهمية بمكان أن تلتزم هذه القمة الصراحة وتعلن موقفاً واضحاً من قضية توقيع اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة، بدلاً من أن تتبادل دول المجلس الاتهامات بالخروج من الصف الخليجي والوحدة الخليجية

العدد 814 - السبت 27 نوفمبر 2004م الموافق 14 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً