العدد 843 - الأحد 26 ديسمبر 2004م الموافق 14 ذي القعدة 1425هـ

عين تترقب بابا نويل

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

أيام قليلة تفصلنا عن الدخول في سنة ميلادية جديدة... البعض يترقب كيف سيكون الاحتفال، إذ غالبا ما يغتنمها فرصة لتجديد مشاعره مع من يحب والبعض الآخر يلقاها فرصة لتفريغ ما في جعبته من جنون وإن على حساب الآخرين، وآخرون يبتهلون إلى الله أن يجعلها سنة خير وسلام تنتهي فيها كل الحروب الدولية والعشائرية وحتى النفسية... وبعضهم يندب حظه لإضافة سنة أخرى على طلب لبيت مر عليه أكثر من خمس عشرة سنة... ولكن قليلة هي العيون التي تترقب هذا العام؛ لأن فيه سيتحدد مصير ومطلب بُحَّت فيه الأصوات وسكبت الأحبار وكان الجواب: سنجري الدراسة ونبحث في الأمر و«انتظرونا في 2005» لنبلغكم بالقرار النهائي!

هؤلاء هم مدرسو محو الأمية عموما، وإن كنا سنختص هنا بالإناث منهم كون الشكوى وما نشر بشأنها خلال العام الجاري أصحابهما إناث! ولتعتبر وزارة التربية والتعليم كلماتنا مجرد تذكير ينفع المؤمنين ليجازوا عليه خير الجزاء عندما يحققوا أمل شريحة من المجتمع ما أسكتت ألسنتها إلا على أمل تحقيق الوعد في 2005.

المتأمل في حال هؤلاء اللاتي حكم عليهن الزمن بأن يصارعن جهلا تعشش في عقول بعض الراغبين في الفرار منه لسنوات طويلة أخذت من أذهانهم وأعمارهم، وبمقارنة بسيطة مع أولئك اللاتي أخذن على عاتقن تفتيح بذرات الخير في عظام مازالت غضة وطرية وسهلة التشكيل... المتأمل في الحال تلك سيكتشف بما لا يترك مجالا للشك كم أن هذه الفئة (مدرسات محو الأمية) مسلوبة الحق فعلا ولم تقدر إلى الآن حق قدرها!

وإن كان مدرسو النظام الأساسي يشكون وضعهم السيئ ومازالوا على رغم كل المزايا التي يحصلون عليها (وإن كانت قليلة بالنظر إلى حجم المجهود المبذول) يعتبرون أنفسهم مهضومي الحق وغير مقدرين حق قدرهم، وفي أول فرصة لتفجير المشاعر تشكلت كتل تطالب بتعديل الكادر الذي انتظروه طويلا، وها هم يقطفون حصاد الانتظار أخيرا... إن كان هؤلاء لسانهم لا يكف عن الشكوى، فما بالكم بمدرسات تمزقت أعصابهن وبحت أصواتهن للنفخ في عقول غالبا ما تكون «صدئة» وقد تكالبت عليها عوامل الدهر، فما كانت محاولات تلك المدرسات لبث الروح فيها من جديد إلا جهاداً أعظم يستحققن عليه سواء فزن في المعركة أم لا أكبر وسام وأعظم تشريف!

أولئك تتمزق حناجرهن كل يوم وحصيلتهن قروش قليلة تعادل كمَّ الحصص التي يدرسنها، حياتهن تفنى أمام سبورة ما فتئت تحوي أبجديات العلم الأساسي من دون ضمان اجتماعي ولا حتى راتب تقاعدي... والأنكى من ذلك النظرة الدونية التي ما فتئت تهمشهن عن صرح التربية والتعليم أساسا وكأنهن مخلوقات خلقت لتشقى وتكد وتتعب وما شقاؤها وتعبها ذلك إلا لعب أطفال لا يستحققن عليه جزاء ولا شكورا بحسب النظرة السائدة إليهن!

لم يصمتن، طالبن، رفعن أصواتهن لأعلى الجهات، مباشرة وعبر الصحف... وكانت الحصيلة، بعد حديث عن دراسة الوضع والبحث في الأمر استغرق سنة أو أكثر، موعدا في العام الجديد! وها هي أبصارهن لا تترقب العام الجديد، بل ما تخفيه لهن أيامه... سمعن ببابا نويل وهداياه في العيد ولم يصدقن ما توارد إلى مسامعهن، ولكن ولأن «الغارق يتعلق بقشة» فإنهن لا يملكن إلا التصديق بأسطورة بابا نويل وترقب هديته إليهن «شهادة اعتراف وضمان حقوق»، فهل تصدق الأسطورة وتفرح القلوب بعد شقائها؟

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 843 - الأحد 26 ديسمبر 2004م الموافق 14 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً