العدد 850 - الأحد 02 يناير 2005م الموافق 21 ذي القعدة 1425هـ

هل تتفوق المعاهد الخاصة على المدارس الحكومية في التدريس؟

طلبة وأولياء أمور بين مؤيد ومعارض

مع بدء موسم الامتحانات وانشغال الطلبة بالمذاكرة للامتحانات تتكرر الظاهرة الموسمية بتزايد دور المعاهد والمراكز الخاصة التي تعطي دروسا خصوصية لجميع الطلبة بأسعار متباينة. ولكن مثل هذه الظاهرة التي أصبحت أفضل وسيلة للطلبة تطرح سؤالا عن صدقية المدارس الحكومية في التدريس وجدواها مقابل ما توفره المعاهد والمراكز الخاصة من تدريس قد يكون أكثر جودة باتباعها وسائل أكثر تطورا وأكثر فعالية.

في هذا التحقيق تحاول "الوسط" تسليط الضوء على أسباب تزايد إقبال الطلبة من المرحلتين الإعدادية والثانوية على المعاهد الخاصة خلال فترة الامتحانات النهائية تحديدا بهدف التعرف على جانب من جوانب هذه الظاهرة.

بداية كانت الوقفة مع الطالب نواف سليمان وهو في الصف الأول ثانوي من الفرع العلمي ويقول عن الأسباب التي دفعته إلى حضور الدروس الخصوصية لدى أحد المعاهد الخاصة في محافظة العاصمة "ليست هذه هي المرة الأولى التي أحضر فيها دروس المعاهد الخاصة فقد تعرفت عليها عن طريق أحد الأصدقاء في امتحانات الفصل الثاني من العام الماضي، وكانت التجربة ناجحة جدا إذ حصلت على درجات أكثر مما كنت أتوقع، ولذلك حرصت على الذهاب مرة أخرى هذا الفصل. والدراسة أفضل بكثير عن المدرسة، فعدد الطلبة قليل والمدرس يحاول شرح الدروس بأساليب مبسطة جدا كما أن هناك فرصا كبيرة لطرح الأسئلة والاستفسارات على الأستاذ بعيدا عن التوتر والملل الذي تسببه الواجبات اليومية باستمرار للطلبة".

ويرى نواف أن أكبر مشكلة تواجه الطلبة في التعامل مع المعاهد الخاصة هي ارتفاع الرسوم إذا كان الطالب يرغب في الحصول على ساعات إضافية أو يحصل على دروس خاصة يحضرها لوحده فقط. وهناك طلبة مستواهم متوسط نجدهم بحاجة إلى حضور هذه الدروس، ولكن مستواهم المادي ضعيف ما يجعلهم يتفقون مع عدد من الطلبة ليقوموا بالدراسة بشكل جماعي بسعر معين يتم تقسيمه عليهم.

ثلاث ساعات عن فصل دراسي

أما الطالب صالح محمد في الصف الثاني ثانوي تخصص علمي فقد بدأ مشواره مع المعاهد الخاصة منذ الصف الثالث الإعدادي عندما كان مستواه ضعيفا في اللغة الإنجليزية وأدى حضوره للدروس الخصوصية في المعهد إلى تحسين مستواه ودرجاته في الامتحانات، وخصوصا امتحانات منتصف الفصل، ثم الامتحانات النهائية، وهو ما جعله يستمر على حضورها منذ ذلك الوقت على رغم ارتفاع أسعارها على حد تعبيره.

وعن الفائدة من الدراسة في المعاهد الخاصة يقول صالح "تعتمد فوائد الدراسة على احتياجات الطالب، فهناك طلبة بحاجة إلى تدريس مستمر طوال الفصل الدراسي، أما إذا كان مستوى الطالب جيدا فهو ليس بحاجة إلى المعاهد الخاصة إلا في فترة الامتحانات النهائية فقط، إذ يقوم المعهد بتدريسه لمدة ثلاث ساعات ليلا قبل الامتحانات، وهذا النوع يفضله بشكل كبير، لأنه يرى أن تدريس المعهد ليلة الامتحان يغني عن الدراسة طوال الفصل، لأن منهج الدراسة مكثف جدا ومختصر، ويتم تدريس أهم الموضوعات الرئيسية في المنهج، ويعطى الطالب ملخصا عليه التركيز فيه وكل هذا يضمن حصوله على درجات مرتفعة في الامتحان".

قد تبدو الأفكار التي طرحها الطالب صالح لافتة ومن شأنها أن تحدث تغييرا في نظام التعليم، ولكنها تكرر السؤال بشأن جدوى التعليم الحكومي طوال فصل دراسي كامل، في الوقت الذي تختصره المعاهد في ثلاث ساعات لا تكلف أكثر من خمسة دنانير فقط !

للطالبات رأي مختلف

الطالبة في الصف الثاني الإعدادي غادة حسين التحقت هذه الأيام للمرة الأولى في حياتها بدروس خصوصية في أحد المعاهد بمحافظة المحرق، وتقول عن تجربتها "الدراسة في المعهد تختلف تماما عن الدراسة في المدرسة، فنحن نتعلم الكثير في المدرسة طوال العام الدراسي، ولكن المعهد لا يعطي إلا ملخصا لهذه المعلومات، ويدرس أهم الموضوعات فقط لأغراض الامتحان، وبالتالي فإنه لا يمكن الاعتماد على المعهد فقط في المذاكرة، بل يجب على الطالب أن يقوم بالمذاكرة طوال الفصل الدراسي وفي النهاية بإمكانه الالتحاق بالمعهد لإعادة تثبيت معلوماته للامتحان".

بالمقابل "قد يدمن بعض الطلبة على الدروس الخصوصية" هذا ما قالته الطالبة فضيلة علي من المحافظة الشمالية، والتي تعاني كثيرا في دراستها بسبب "ضعف أساليب التدريس لدى المعلمات" بحسب ما تراه فضيلة. وقد دفعتها الصعوبات الدراسية إلى الالتحاق بمعهد خاص كلف أسرتها أكثر من مئة دينار لدراستها أكثر من مادة في نفس الفصل. وعن مدى تحسن مستواها الدراسي تعتقد فضيلة أن الدراسة في المعهد أفضل من المدرسة، لأنها تعلمت الكثير في المعهد أكثر من شرح المعلمات في المدرسة، والسبب في ذلك من وجهة نظرها أن المدرسة مفروضة على جميع الطالبات، وهناك من ترغب في الدراسة وأخريات لا يرغبن بخلاف المعهد الخاص الذي يأتي إليه من يرغب في الدراسة ويقوم بدفع مبالغ نقدية مرتفعة أحيانا.

رأي جديد لأولياء الأمور

هل يتفق أولياء الأمور مع آراء أبنائهم؟ وهل يقوم الآباء بتشجيع أبنائهم على حضور الدروس الخصوصية في المعاهد؟

مثل هذه الأسئلة قد لا تحتاج إلى طرح أسئلة على أولياء الأمور، ولكن وقفة انتظار لمدة لا تتجاوز الساعة عند أي معهد خاص قد تكشف مدى اهتمام أولياء أمور الطلبة بتدريس أبنائهم في المعاهد الخاصة، إذ يقوم عشرات الآباء والأمهات بتوصيل أبنائهم إلى المعاهد يوميا كما هو الحال في توصيلهم إلى المدرسة صباحا.

جاسم الراشد يقوم كل أسبوع بتوصيل ابنه وابنته إلى معهد خاص، وهو يرى أن مهمة التدريس هذه الأيام "أصبحت شاقة"، ففي السابق كانت هناك الدروس الخصوصية المنتشرة في مختلف الأماكن سواء في المدارس بعد انتهاء الدوام الرسمي، أو حتى في المنازل التي يقدمها بعض الأساتذة للطلبة، ولكن الدروس الخصوصية أصبحت منظمة الآن بفضل المعاهد الخاصة التي تقدم دروسا يومية للطلبة. ويعتقد الراشد أن انتشار المعاهد الخاصة ظاهرة صحية، إذ أدى انتشارها إلى انخفاض الأسعار بشكل كبير عن السابق، وهو في مصلحة الطلبة. كما أن نوعية التدريس حسبما يلاحظه على أبنائه أفضل من الدراسة في المدرسة فقط، فهو يحرص منذ بداية كل فصل دراسي على التحاق أبنائه بمعهد خاص لكي يضمن تحقيقهم نتائج دراسية متميزة.

علياء عبدالله لديها ابنة في المرحلة الثانوية تدرس في معهدين من المعاهد الخاصة، وعن السبب في اختيار معهدين تقول إن كل معهد يقوم بتدريس مادة تختلف عن الأخرى، واستفادت ابنتها كثيرا من هذه المعاهد، وظهر ذلك واضحا في نتائج امتحانات منتصف الفصل. وناشدت عبدالله وزارة التربية والتعليم تكثيف الرقابة على المعاهد الخاصة لضمان عدم التلاعب بتدريس الطلبة والطالبات. في النهاية قد يكون موضوع تزايد إقبال الطلبة على الدروس الخصوصية في المعاهد الخاصة خلال فترة الامتحانات وغيرها ظاهرة واضحة في المجتمع البحريني، ولكنها بالتأكيد بحاجة إلى دراسة بشكل علمي للوقوف على أسبابها وظروفها واتجاهاتها المستقبلية نظرا لأهميتها وتأثيرها الكبير على قطاع التربية والتعليم وسلوكيات الطلبة

العدد 850 - الأحد 02 يناير 2005م الموافق 21 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً