العدد 859 - الثلثاء 11 يناير 2005م الموافق 30 ذي القعدة 1425هـ

ثلاث مفاجآت

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

ونحن في مطلع العام الجديد فإنه من الجدير تناول إبداء الملاحظات عن بعض التوقعات التي من الممكن أن تبدأ علاماتها بالظهور من هذا العام وتستمر إلى أن تتضح الصورة بشكل أكبر بحلول العام المقبل 2006 الذي من المتوقع أن يشهد النظام السياسي البحريني فيه ثلاث مفاجآت بإمكانها أن تغير الكثير داخل المجتمع، وأن تخلق أنماطا جديدة من أنماط التفاعل السياسي في البلاد، وما يميز جميع هذه المفاجـآت أنها حصيلة مشروع الإصلاح الذي يقوده جلالة الملك.

أولى هذه المفاجآت المتوقعة اختفاء ثنائية "المقاطعة/المشاركة" التي برزت داخل النظام نتيجة تحفظ ثلة من القانونيين والسياسيين على دستور مملكة البحرين الصادر في فبراير/ شباط ،2002 ما دفعهم إلى القيام بلوبي جماهيري ونشط طوال الأعوام الثلاثة الماضية لم يتمكن حتى الآن من تحقيق أدنى مكاسب سواء على صعيد مطالباته المتكررة بشأن تعديل الدستور الحالي، أو العودة للعمل بالدستور السابق. بل أدت جهوده الكثيرة إلى ابتعاده تدريجيا عن الساحة السياسية، ومناقشته قضايا هامشية لا تهم المواطن العادي، بل أوقع نفسه في الكثير من التناقضات والإحراجات بسبب عدم قدرته على التعامل مع جملة من القضايا السياسية، ومن أوضح الأمثلة في هذا السياق مسألة تعامل التحالف الرباعي المقاطع مع مشروع قانون الجمعيات السياسية، ومشروع قانون التجمعات العامة.

وما يدفع إلى القول باحتمالات تغير هذه الثنائية بحلول العام المقبل، الأوضاع الإقليمية التي فرضت حالا جديدة من الاختلال في التوازن الإثنوطائفي، وزادت من فرص سيطرة قوى جديدة على حساب القوى الأخرى، وتكون الحال العراقية مثالا صريحا على ذلك، عندما تزايد اهتمام الشيعة بالمشاركة السياسية، في حين لم يكن الأمر كذلك البتة لدى سنة العراق. ومن أهم العوامل التي أدت إلى هذه الحال هي المؤسسة الدينية الفاعلة في معظم الأنظمة السياسية بمنطقة الخليج.

وتأتي المفاجأة الثانية اتصالا بالمفاجأة الأولى، فقد أدت الثنائية السابقة إلى إبراز قوى سياسية معينة وبعض النخب التقليدية غير المؤهلة سياسيا لتهيمن على تفاعلات النظام السياسي في ظل الفرص الكثيرة المتاحة لها بسبب امتناع القوى المؤهلة سياسيا عن المشاركة في عملية صنع القرار. وقد أدى هذا الوضع إلى خلق شكل من أشكال الإحباط الشعبي العام لدى فئات واسعة من المواطنين جراء متابعتهم لأداء القوى غير المؤهلة سياسيا داخل المؤسسة التشريعية، ومن ثم تولدت لديهم قناعة بعدم جدوى المشاركة السياسية وتصل هذه القناعة في بعض الحالات المتطرفة إلى عدم جدوى الإصلاح السياسي والإيمان بإمكان دمقرطة النظام. وبالتالي فإنه من الصعوبة بمكان عندما تأتي الانتخابات التشريعية في نهاية العام المقبل تحفيز المواطنين على المشاركة بالتصويت في هذه الانتخابات، وقد يكون أفضل الخيارات لمعالجة هذا المأزق ممارسة تحفيز طائفي صرف ربما يكون مصحوبا هذه المرة بشكل من أشكال العنف المتبادل، وهذا طبعا له تداعيات سلبية ومؤثرة على النظام، ومن هنا تظهر الحاجة إلى العمل على إيجاد بدائل أخرى من العام الجاري لتفادي هذا السيناريو.

أما المفاجأة الأخيرة فهي مشاركة المرأة البحرينية في الانتخابات البلدية والنيابية المقبلة، فالعام المقبل سيكون هو عام التحدي بالنسبة إلى المجلس الأعلى للمرأة بعد أن طرح مشروعا طموحا لتمكين المرأة البحرينية سياسيا. وبالتالي في ظل وجود المفاجأتين السابقتين فإن هناك اختبارا كبيرا أمام المرأة لإثبات جدارتها السياسية. وإذا لم يحالفها التوفيق في هذا الاختبار فإنها طبعا ستستفيد كثيرا لإدراك أهمية تغيير الثقافة السياسية السائدة في المجتمع حتى يمكن أن يكون لها دور حقيقي

العدد 859 - الثلثاء 11 يناير 2005م الموافق 30 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً