العدد 867 - الأربعاء 19 يناير 2005م الموافق 08 ذي الحجة 1425هـ

المال السياسي

محمود السيد الدغيم comments [at] alwasatnews.com

-

قبل أيام فقط، أصدرت "جمعية الوفاق" بيانا استنكرت فيه قيام الحكومة بدفع مبلغ ربع مليون دينار إلى الوزراء المعفيين من مناصبهم، لعدم وجود ضابطة قانونية أو بند في موازنة الدولة يدعو إلى تسلمهم هذا المبلغ، إلا أنها تناست أنها تسلمت مبلغا يبلغ أكثر من 50 ألف دينار حين قررت عقد مؤتمرها السنوي الثاني "التنمية المستدامة في البحرين"، من دون وجود بند في قانون الجمعيات يشير إلى دعم الحكومة المالي للجمعيات السياسية، ولا بند في موازنة الدولة يشير إلى ذلك.

"الوفاق" أخذت الفكرة من جمعية العمل الديمقراطي التي قررت عقد مؤتمر قومي في البحرين، فخاطبت السلطة لدعم المؤتمر، وتسلمت مبلغا يفوق ضعف ما تسلمته الوفاق، وبعد انتهاء المؤتمر قررت "العمل" إرجاعه إلى الدولة، إلا أنها أعطتها حق التصرف فيه من دون غطاء قانوني. أما "الوفاق"، فقررت دعوة شخصية بثقل رئيس الوزراء اللبناني السابق سليم الحص لتكون مخاطبتها للدولة وطلبها الدعم مبررا، وحصلت على المبلغ، واحتفظت به من دون مسوغ قانوني أيضا. ولا تحاكم النوايا، فالعمل ليس مخططا له، لكن الأفضل لـ "الوفاق" الوقوف عند حدود دعم كلف المؤتمر، وإرجاع باقي المبلغ.

هذا السلوك السياسي من "الوفاق" يقيدها عن إدانة مظاهر الفساد المالي والسرقات والرشا في أجهزة الدولة، لأنها تسلمت مبلغا من الحكومة من دون ضابطة قانونية. لكن الأخطر أن قبولها هذا المبلغ يجعلها غير قادرة على الاعتراض على دعم الحكومة لأية جمعية سياسية تنوي دخول الاستحقاق النيابي بمبالغ طائلة، في حال قررت "الوفاق" دخول الانتخابات النيابية. فالمال السياسي من دون ضوابط قانونية بإمكانه شراء الذمم، وحصر مجال التبرعات للجمعيات في نطاق محدود، يدخلها في مساومة سياسية مكشوفة مع الدولة عبر نفوذ المال السياسي الخطير على العملية السياسية

العدد 867 - الأربعاء 19 يناير 2005م الموافق 08 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً