العدد 904 - الجمعة 25 فبراير 2005م الموافق 16 محرم 1426هـ

السياسة وملاعبها

غسان الشهابي comments [at] alwasatnews.com

الحملات الإعلامية المتبادلة في الأيام الأخيرة بين من يقف مع السيدعلي السيستاني ومن يقف على الطرف الآخر، تعطي جملة من المؤشرات، ومن أهمها أسس الخطاب، فالطرف المناهض يرى "رأيا" في مواقف السيستاني السياسية، بينما قراءة إعلانات التأييد والشجب - في آن - كانت تحمل التبجيل الديني بصفته "مرجعية"، ومن هنا لا يصل الطرفان غالبا إلى تفهم - ولا نقول اتفاقا - لأن كلا منهما متدرع بموقفه لا يريد مغادرته، ولا يريد في الغالب أيضا أن يقرأ الطرف الآخر، فهناك حكم قد صدر مسبقا.

ليس الأمر متعلق بقراءة خطوات السيستاني في ما أصاب "سياسيا" وفي ما أخطأ، ولكن دخول السياسة لأي فرد كان هو كما يقول نيتشه: "من يذهب إلى وليمة الذئاب، عليه أن يصحب كلبه معه"، لأنها ليست نزهة، ولا كبير فيها، فهي مغمسة بالكثير من الوصوف السيئة، وأكثرها انتشارا بأن اللعبة السياسية "قذرة"، أو كما وصفها فولتير بأنها "فن الخداع"، الأمر الذي لا يستقيم مع الطهر والسمو في عدد كبير من المواقف التي تحتاج المراوغة والكذب والتزلف والملاينة والانحناء للريح لكي تمر والبطش والصفح، بما لا علاقة له بالحب والكره بل بالمصالح، وهي توكل لأناس ربما يستعدون لأن يدعسوا على أي شيء في طريقهم من أجل الوصول إلى مراكبهم التي توصلهم إلى أهدافهم السياسية، حتى قال السياسي لتزاروس: "حين تصل المعارضة إلى كراسي الحكم، تنسى لماذا عارضت".

من هنا، فإن المكانة الدينية للسيستاني - وغيره من علماء الدين الذين دخلوا السياسة - ليست محل فتوى وتقييم، وذلك للفارق العلمي والمراتب التي يجتازها المجتهد في هذا السبيل، ولا يقارعه إلا من هو في درجته أو أعلى، ولكن عندما يتعلق الأمر بالسياسة فإن تقييمه وارد.

فالنقد وحرية التعبير يجب أن يصانان، لأنهما الواجهة الحقيقية للحرية، ولكن نقل الأمر إلى التجريح الشخصي، والنيل من آدمية صاحب الرأي وإنسانيته والتطاول على حقه في التعبير السياسي، أمر لابد من الوقوف أمامه، لأنه بذلك سيرعب من يود الدخول في المعترك السياسي، وسيرجف من يود انتقاده

إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"

العدد 904 - الجمعة 25 فبراير 2005م الموافق 16 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً