العدد 912 - السبت 05 مارس 2005م الموافق 24 محرم 1426هـ

صدقنا على المعاهدات الدولية ولا وجود للتمييز في البحرين

مجيد العلوي comments [at] alwasatnews.com

وزير العمل

أود أن أتطرق إلى الإنجازات التي حققتها مملكة البحرين في ميدان تعزيز وحماية حقوق الإنسان. ففي السنوات القليلة الماضية أخذت المملكة على عاتقها تنفيذ سياسات وخطط هدفها ضمان وتعزيز واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. فالتحديث التدريجي الذي قامت به البحرين خلال السنوات الخمس الماضية ركز على إحراز تقدم سياسي واجتماعي واقتصادي من خلال المشاركة في اتخاذ القرار ضمن روح الأسرة الواحدة.

وفي هذا الصدد يسعدني أن أبرز للجنة الموقرة ما تم تحقيقه منذ لقاء وفد المملكة باللجنة في دورتها التي عقدت في مارس/ آذار ،2000 وذلك على النحو الآتي:

أولا: جرت الانتخابات البلدية والتشريعية في شهري مايو/ أيار وأكتوبر/ تشرين الأول 2002 قبل سنتين من موعدها الأصلي الذي حدده ميثاق العمل الوطني، وأقر بغالبية الشعب في استفتاء حر ومباشر بلغت نسبته 98,4 في المئة. وهذا، طبعا، يعود إلى رغبة القيادة في تثبيت العملية الديمقراطية والمشاركة الشعبية في أقرب وقت ممكن. إضافة إلى ذلك صدرت خلال شهر يوليو/ تموز من العام ذاته ثلاثة مراسيم بقوانين تتعلق بمباشرة الحقوق السياسية وبمجلسي الشورى والنواب وبديوان الرقابة المالية.

ثانيا: نالت المرأة حقوقها كاملة بما في ذلك الحقوق السياسية، إذ استطاعت أن تدخل الانتخابات كمترشحة وناخبة. وعلى رغم أن المترشحات من النساء اللواتي شاركن في الانتخابات لم يتمكن من الفوز بأية مقاعد في الانتخابات البلدية أو التشريعية، وهي ظاهرة مؤسفة بلاشك لكنها مؤقتة، فإن بعضهن تمكن من الوصول إلى الدور الثاني في انتخابات مجلس النواب. ولكون دور المرأة محوريا، فقد تم تعيين ست سيدات في مجلس الشورى. وشهد العام 2002 انضمام البحرين إلى اتفاق مناهضة التمييز ضد المرأة نظرا إلى الاهتمام الذي توليه لحقوق المرأة. وعزز دور المرأة تشكيل المجلس الأعلى للمرأة الذي أصبح الجهة الرسمية الأساسية المدافعة عن حقوق المرأة في البحرين، في الوقت الذي تكونت فيه أكثر من 15 جمعية نسائية ضمن تطور المجتمع المدني. وخطت المملكة خطوات رائدة على المستوى الإقليمي، إذ أصبحت المرأة البحرينية شريكة في صنع القرار بعد أن تم تعيين وزيرتين للصحة وللشئون الاجتماعية.

ثالثا: أصدرت المملكة في صيف العام 2002 قانون النقابات العمالية الذي تم وضعه بالتشاور مع الأجهزة المعنية بالعمال وأرباب العمل بالمملكة إضافة إلى عدد من الخبراء الدوليين في ميدان العمل والعمال من مختلف أنحاء العالم، والذي مكن من إنشاء النقابات العمالية لأول مرة وبمشاركة جميع فئات المجتمع في تلك النقابات سواء مواطنين أو مقيمين.

رابعا: التطور الأهم حدث في الميدان القانوني بإنشاء المحكمة الدستورية نهاية .2002 وأعقب ذلك بدء عمل النيابة العامة المستقلة في بداية ،2003 إذ تم فصلها عن وزارة الداخلية. إضافة إلى ذلك، صدر قانونان مهمان هما قانون السلطة القضائية - التي فصلها فصلا كاملا عن السلطة التنفيذية - وقانون الإجراءات الجنائية.

خامسا: إن من نتائج الانفتاح السياسي والتطور القانوني والاجتماعي خلال السنوات الخمس الماضية، ذلك المتعلق بتعزيز مكانة المجتمع المدني وخصوصا المنظمات غير الحكومية التي زاد عددها الآن على 390 جمعية ومنظمة. وكان من ثمار ذلك قيام هذه الجمعيات والمنظمات، بما في ذلك التنظيمات التي تعمل كواجهات لتيارات سياسية، بالاهتمام بهذا التقرير الذي أمامكم وهو الأمر الذي لم يحدث قط في المنطقة، ما يرسخ لممارسة الديمقراطية في المملكة، ويؤكد القناعة التامة لديها بالأهمية القصوى لتطور المجتمع المدني، الذي يعتبر ركنا مهما في المسيرة الإصلاحية. ونحن نثمن الدور الذي يقوم به المجتمع المدني عموما، وخصوصا تلك الجمعيات التي تضم أطيافا وأعراقا مختلفة والتي يهمها تطبيق هذا الاتفاق وغيره من الاتفاقات الدولية لأجل تقدم ورقي شعب المملكة.

إن مملكة البحرين تؤمن بأهمية المحافظة على منجزاتها في ميدان حقوق الإنسان كما في الميادين الأخرى، من خلال الدعم المعنوي للمجتمع الدولي ومنهم أعضاء هذه اللجنة، فحال عدم الاستقرار الإقليمية الحالية قد تخلق عوائق في تنفيذ الخطط والبرامج، ولكننا في البحرين نتسلح بعزيمة أكيدة على الاستمرار والنجاح، بل والتطوير الدائم.

ونحن في هذا الاجتماع، نقدم تقريري المملكة السادس والسابع، لا نستهدف استشفاف الأحكام على ما تم تنفيذه، بل هدفنا الحوار البناء والتعاون المثمر للسعي لتطبيق الاتفاق بالشكل المطلوب مع جميع أعضاء اللجنة، والاستفادة من خبرات الأعضاء الموقرين وخصوصا أنها لجنة تضم خبراء من مختلف أنحاء العالم يتمتعون بخبرة طويلة في مجال مناهضة التمييز العنصري.

إن التقرير الذي أمامكم يشير إلى التطورات الدستورية والسياسية والاجتماعية المهمة التي شهدتها المملكة منذ تقديم تقاريرها السابقة، بما يلبي تطلعات شعب البحرين الناهض لمزيد من التقدم والتطور الحضاري. ووفقا لما جاء في الميثاق صدر الدستور المعدل في 14 فبراير/ شباط ،2002 الذي يؤكد مبادئ المساواة والديمقراطية وسيادة القانون.

إن التزام مملكة البحرين بالاتفاق الدولي للعام 1965م الخاص بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري يعكس إيمان البحرين مجتمعا ودولة بمبدأ المساواة ورفض أشكال التمييز العنصري. فالنظام الدستوري والقانوني للمملكة وأحكام الشريعة الإسلامية التي تعتبر مصدرا رئيسيا للتشريع، تؤكد جميعها على سواسية البشر وعلى الضمانات اللازمة لمكافحة جميع صور التفرقة العنصرية. كما أن شعب البحرين بطبيعته ينفر من كل صور التمييز، ولم تعرف البحرين في تاريخها القديم أو الحديث العنصرية البغيضة وكراهية الأجانب، فشعب البحرين يتمتع بسمات التسامح والترابط والتآخي.

وينقسم التقرير المعروض على لجنتكم الموقرة، إلى جزئين، أولهما يتضمن معلومات أساسية عن مملكة البحرين والإطار العام للنظام القانوني البحريني بشأن المساواة والقضاء على التمييز العنصري. وثانيهما يتضمن معلومات خاصة بكل مادة من مواد الاتفاق، ويهمني في تقديم هذه التقارير أن أشير على وجه الخصوص إلى الآتي:

- إن الاتفاق الدولي للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري أصبح قانونا من قوانين البلاد، بمقتضى ما نصت عليه المادة 37 من الدستور، ومن ثم فإن عدم الالتزام به يعد مخالفة للقانون، الأمر الذي يدخل في نطاق المسئولية الجنائية إذا كان فعلا جريمة، كما يدخل كذلك في إطار المسئولية الناشئة عن الضرر في إطار ما قرره القانون، ويسأل المتسبب في جميع الأحوال بتعويض الأضرار الناشئة عن خطئه هذا، ويعاقب قانون العقوبات البحريني في المادة 172 كل من حرض بطريق من طرق العلانية على بغض طائفة من الناس أو على الازدراء بها، إذا كان من شأن هذا التحريض اضطراب السلم العام، إلا انه حتى وإن لم تؤد جريمة التحريض على بغض فئة من الناس أو الازدراء بها إلى اضطراب السلم العام، فإن الواقعة تجرمها مواد أخرى من مواد القانون نفسه، ومن ثم فإنه في حال توافر عناصر جريمة التحريض فإنها تشتمل كذلك على العناصر التكوينية لجرائم أجرى "القذف أو السب أو الإهانة بحسب الأحوال"، ووفقا للقواعد العامة تجري ملاحقة هذه الجرائم المختلفة جنائيا في آن واحد، وتطبيق عقوبة الجريمة ذات الوصف الأشد بالتطبيق لنص المادة "65" من قانون العقوبات الذي يقضي بأنه "إذا انطبق على الواقعة أكثر من وصف قانوني وجب بعد إثبات الأوصاف في الحكم اعتبار وصف الجريمة الأشد والحكم بعقوبتها دون غيرها". وبالتالي، تعتبر أعمال التمييز العنصري والتفرقة العنصرية هدما لمبدأ المساواة الذي يقوم عليه النظام الاجتماعي في الدولة.

- تنص المادة 38 من قانون تنظيم الصحافة والطباعة والنشر رقم 47 لسنة ،2002 فيما تنص عليه، على التزام الصحافي بالامتناع عن الانحياز إلى الدعوات العنصرية، كما تنص المادة ،69 من القانون نفسه، على المعاقبة على نشر ما من شأنه تحريض على بغض طائفة أو طوائف من الناس، أو على الازدراء بهم.

- يحظر القانون رقم 21 لسنة ،1989 الخاص بالجمعيات، والمعدل بالمرسوم بقانون رقم 44 لسنة 2002 الصادر في 22 أكتوبر ،2002 أن تتضمن برامج الجمعيات ما يمس وحدة الشعب أو ما يثير الفرقة أو الطائفية، وهذا يؤدي إلى عدم مشروعية تأسيس أية جمعية تقوم على أهداف أو أغراض تمس بمبدأ المساواة وعدم التفرقة الذي يقوم عليه المجتمع البحريني.

تعتبر مملكة البحرين من الدول المستوردة للعمالة الأجنبية بحسب حاجة الخطط التنموية والاستثمارية، ويلقى الأجانب في البحرين كل تقدير واحترام وعناية انطلاقا من روح المساواة والمودة التي تطبع بها المجتمع البحريني والقوانين المعنية، وإدراكا لإسهام الأجانب في الحياة البحرينية. ويعيش سكان البحرين، مواطنين ووافدين، في مناخ يتسم بسياسات وممارسات واضحة تؤكد كفالة الحياة الكريمة للجميع.

وأود أن أشير هنا إلى الآتي:

- يكفل قانون العقوبات الحماية القانونية لجميع الموجودين على الأراضي البحرينية من مواطنين ومقيمين دون تمييز بسبب الجنسية أو الجنس أو غيرهما.

- يشمل قانون الجمعيات رقم 21/ 1989 جميع الجنسيات والطوائف والأعراق التي ترغب في تأسيس أو الانضمام إلى جمعية أو تنظيم. ولم ترد في القانون أو لائحته الاسترشادية أية اشتراطات تتسم بالتمييز العنصري.

- يحق للمقيمين، بحسب قانون النقابات العمالية، الانضمام للنقابات العمالية في المنشآت التي يعملون بها.

- لم يفرق قانون العمل في القطاع الأهلي في الحقوق والمزايا بين العمال المواطنين والمقيمين، ولضمان حصول العمالة الأجنبية على جميع حقوقها عند وقوع نزاع مع صاحب العمل، أجاز المشرع البحريني لأي عامل مقيم - بما في ذلك عمال المنازل ومن في حكمهم - أن يتقدم بشكوى إلى وزارة العمل لتسوية النزاع القائم بينه وبين صاحب العمل، فإذا لم تتم تسوية هذا النزاع وديا خلال أسبوعين من تسلم الشكوى، تتم إحالة هذه الشكوى إلى المحكمة المدنية وتعفى هذه الدعوى من جميع الرسوم في جميع مراحل التقاضي.

إن عدم الالتزام بالاتفاق الدولي للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري يعد مخالفة للدستور وللقانون، الأمر الذي يتيح للمتضرر اللجوء للمحاكم، وهو أمر ميسر للجميع بما في ذلك الحق في المساعدة القضائية، ونشير هنا إلى أنه إلى جانب سبل التظلم المتاحة يستطيع المواطن وغيره، وفقا للعادات والتقاليد الراسخة والمتبعة، توصيل شكواه إلى الديوان الملكي أو ديوان سمو رئيس الوزراء أو ديوان سمو ولي العهد، بالإضافة إلى آليات الشكوى الأخرى المتاحة.

وتضمن تقرير المملكة معلومات عن وسائل الانتصاف وإجراءات تعزيز وحماية الحقوق المقررة في الاتفاق، ومؤشرات إحصاء، على سبيل المثال بالنسبة إلى المساواة في الحقوق كالحق في العمل والتعليم والخدمات الصحية والسكن وتشكيل الجمعيات وغيرها. كما تم إشهار جمعية أهلية تختص بالدفاع عن حقوق العمالة الوافدة، وتعهدت الوزارة بتقديم جميع سبل الدعم اللازم لها لإعانتها على القيام بمهماتها وتحقيق أهدافها.

بالنسبة إلى النظام القانوني البحريني بشأن المساواة والقضاء على التمييز العنصري، يلاحظ بداية أن الدستور ينص، فيما ينص عليه، في مادته الـ "18" على أن الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، أي ان المساواة وعدم التفرقة العنصرية تتمتع بحماية دستورية، ولم تكتف المملكة بذلك بل أخذت على عاتقها الكثير من الالتزامات الدولية ذات الصلة ومن ذلك انضمام المملكة إلى الاتفاق الدولي لإزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقات منظمة العمل الدولية ذات الصلة. فتعكس بذلك الممارسات العملية للحماية القانونية ضد التفرقة العنصرية.

هذا وتحرص مملكة البحرين على التعريف بالاتفاق، ليس فقط من خلال النشر في الجريدة الرسمية، ولكن أيضا من خلال القطاع الأهلي الممثل في مؤسسات المجتمع المدني، ومن خلال التلفزيون والإذاعة والصحافة. وبالمثل فإن قطاع التعليم يولي أهمية كبيرة للتعريف بالاتفاق المذكور، وذلك في إطار جهود الدولة في التعريف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية وآليات الحماية المتاحة.

ويتضمن الجزء الثاني من التقرير تطبيقا على الأحكام الموضوعية للاتفاق ويتضح من التعليق أن جميع قوانين البحرين المقررة للحقوق والحريات والواجبات العامة، تخلو من أية إشارة أو نص يقوم على التمييز العنصري أو يسمح بوجوده تحت أي شكل من الأشكال. كما يتضح نطاق الخدمات الواسع والمتاح للمواطن والمقيم على حد سواء.

إن مملكة البحرين منذ استقلالها العام 1971م أكدت في أروقة الأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية والإقليمية مناهضتها للتفرقة العنصرية بكل أشكالها، واتخذت مواقف عملية لدعم الشعوب التي كانت تعاني من التفرقة العنصرية والتمييز والفصل العنصري، كما أن المملكة شاركت أخيرا في الاجتماع الخاص الذي عقدته اللجنة فيما يتعلق بمساندة الجهود الدولية لمكافحة جريمة الإبادة الجماعية.

إن قوانين المملكة وسياساتها وممارساتها في شتى المجالات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا تعكس بوضوح الوجه الحضاري للبحرين، وانفتاح المجتمع البحريني، ومن ذلك مثلا، التسهيلات الواضحة بالنسبة إلى دخول الأجانب وإقامتهم ونشاطهم التجاري أو تملكهم للعقار، أو التطوير المستمر للتشريعات الوطنية بما يتواءم مع الاتفاقات الدولية.

هذا وتؤكد القيادة السياسية التزام المملكة بمبادئ المساواة والتسامح وعدم التفرقة العنصرية. ونشير في هذا الصدد إلى ما ذكره جلالة الملك بمناسبة الذكرى الرابعة والخمسين لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر/ كانون الأول ،2002 من أن الإعلان العالمي يؤكد أن جميع الناس يولدون أحرارا متساوين في الحقوق والكرامة الإنسانية، ووهبوا عقلا وضميرا وعليهم أن يعامل بعضهم بعضا بروح الإخاء، انطلاقا من الآية القرآنية الكريمة "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" "الحجرات: 13".

أود - أخيرا - أن أؤكد لكم أن مملكة البحرين حريصة على التعاون مع اللجنة والاستفادة من خبرتها ومن المناقشات التي ستتم فيها وذلك من أجل خدمة هدف مشترك تؤيده البحرين بكل طاقاتها، ألا وهو التطبيق الفعال للاتفاق الدولي للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري

إقرأ أيضا لـ "مجيد العلوي"

العدد 912 - السبت 05 مارس 2005م الموافق 24 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً