العدد 933 - السبت 26 مارس 2005م الموافق 15 صفر 1426هـ

البريطانيون يراجعون موقف حكومتهم من الحرب في العراق

مهدي السعيد comments [at] alwasatnews.com

مع حلول الذكرى الثانية لإعلان الحرب على العراق واحتلاله، أبدت معظم الفعاليات البريطانية المعارضة لحكومة طوني بلير معارضتها السياسية الاحتفاظ بالقوات البريطانية في العراق. وذكرت وسائل الإعلام المختلفة التي خصصت مساحات واسعة لتغطية موقف المعارضين للحرب، أن قرار وزارة الدفاع البريطانية بتقليد الجندي جونسون بهاري "وسام فيكتوريا" تقديرا لشجاعته بإنقاذ عدد من أفراد وحدته في جنوب العراق، أثار من جديد مطالبة الشارع البريطاني الحكومة بسحب القوات البريطانية من العراق، فباستثناء التظاهرات التي شهدتها لندن وبعض المدن البريطانية قبل يومين والتي نددت بالحرب ودعت إلى نفض اليد من سياسة التدخل المسلح في شئون العراق أو أي بلد آخر من قبل بريطانيا والدول الكبرى، فإن وسائل الإعلام ركزت على خسائر البريطانيين في العراق، وأشارت إلى أن حصيلة هذه المشاركة وصلت إلى إصابة 790 جنديا بريطانيا بجروح ومقتل نحو 110 جنود ومدني بريطاني وتعرض نحو 2937 لأمراض نفسية وعصبية. وبلغ حجم الإنفاق الذي صرفته الحكومة البريطانية في هذه الحرب نحو 3,5 مليارات جنيه استرليني، وبحسب الصحف البريطانية فإن الإنفاق الشهري الذي تنفقه الحكومة البريطانية على قواتها العاملة في العراق يتراوح ما بين 50 و60 مليون جنيه استرليني.

وتربط المعارضة السياسية بين هذا الإنفاق وغياب الأمل بسحب القوات البريطانية، الأمر الذي سيكلف خزينة الدولة مليارات الجنيهات في المستقبل. وذكرت صحيفة "الاندبندنت أون ساندي" أن القوات البريطانية جهزت بـ "ذخائر حربية فارغة" عوضا عن الذخائر الحية أثناء احتلال العراق، الأمر الذي عرض حياة البريطانيين للمزيد من الخطر، إضافة إلى عجز الحكومة عن توفير المعدات العسكرية لحماية الجنود وكذلك عدم توفير المواد الطبية الكافية.

ونبهت الصحيفة إلى تقرير لجنة مجلس العموم البريطاني المكلفة تقييم شئون الدفاع والذي سيصدر نهاية الأسبوع الجاري، وسربت بعض ما سيتناوله التقرير بخصوص إخفاقات وزارة الدفاع البريطانية وطبيعة تعامل القوات البريطانية مع مراكز التوتر في جنوب العراق، إذ يتهم التقرير القيادة العسكرية البريطانية في العراق بإطلاق سراح مرتكبي الجرائم العنيفة وبعض أفراد العصابات العراقية المسلحة بعد أن يجري الاتفاق معهم بالتعاون مع هذه القوات، وهذه السياسة لا تضمن أمن القوات البريطانية بحسب التقرير.

وأبرزت وسائل الإعلام أيضا تصريحات لوزير الخارجية البريطاني السابق روبين كوك الذي عارض الحرب على العراق، وقال فيها: "إن رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير كان يعلم بنوايا جورج بوش الرامية إلى تغيير نظام صدام حسين وليس نزع سلاحه، ومع ذلك ذهب بلير مع بوش إلى النهاية، ولكن المشكلة تكمن في أن بلير لم يصارح الشعب البريطاني أو المحيطين به في قيادة حزب العمال وإنما حاول ترديد المنطق نفسه الذي كان بوش يردده وهو نزع أسلحة الدمار الشامل".

واعتبر بعض السياسيين المعارضين في حكومة بلير أن ما ذهب إليه وزير الخزانة البريطاني بإضافة 400 مليون جنيه إلى القوات المسلحة، إضافة إلى المبلغ الذي أنفقته وزارة التنمية والتطوير الدولية والبالغ 334 مليون جنيه، كلها أرقام ربما تبدو عالية، ولكن الأمر يصبح أكثر كلفة حينما لا تحدد الحكومة البريطانية سقفا زمنيا لسحب قواتها من العراق.

ويبدو أن رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير لم يكن يتمنى أن تحل هذه المناسبة التي تفجر الشارع البريطاني في الوقت الذي يقترب فيه موعد الانتخابات البرلمانية، كونه يأمل رفع شعبيته في الحملة الانتخابية الجارية حاليا، من خلال تخطي واقع الدخول في الحرب، وتحويل الأنظار إلى أمور أخرى تهم حياة المواطنين البريطانيين عموما، كالتقاعد والمعوقين ورفع قيمة المساعدات الاجتماعية وما إلى ذلك، بغية كسب المعركة التنافسية مع الغريم التقليدي حزب المحافظين، الذي بدوره حاول استغلال هذه المناسبة للتدليل على أن سياسة الحرب التي تتبعها حكومة بلير في العراق هي سياسة خاطئة وبذلك يريد التنصل من موقفه السابق الذي أبداه قبل نشوب الحرب بأيام، حينما ساند حكومة بلير في الدخول إلى أتون الحرب.

بيد أن البريطانيين ربما يدركون أن اللعبة السياسية التي يمارسها الطرفان تخضع إلى عامل "المزايدات" لكسب الشارع البريطاني، وهم فيما إذا توافرت إمكان الاختيار بين الطرفين، فإن استطلاعات الرأي مازالت تؤشر باتجاه فوز العمال، على أساس أنهم ارتكبوا ومازالوا يرتكبون أخطاء كثيرة، إلا أن هذه الأخطاء لا ترتقي إلى مصاف الأخطاء التي ارتكبها حزب المحافظين سابقا وخصوصا في مرحلة حكومة ثاتشر وتصديها العنيف للإضرابات العمالية وتصفية النقابات

العدد 933 - السبت 26 مارس 2005م الموافق 15 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً