العدد 4664 - الأحد 14 يونيو 2015م الموافق 27 شعبان 1436هـ

الإحسان إلى الآخرين

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

ما زلنا حين نسمع حكاية لأحد المحسنين بأي شكل من الأشكال نبتسم وكأننا نسمع شيئاً غير مألوف أو خارج سياق الفطرة البشرية!

قبل أيام سمعت حكاية امرأة أخذت على عاتقها توفير وجبات الفطور الصباحي لطالبات مرحلة من المراحل في إحدى المدارس الابتدائية الحكومية بشكل يومي طوال فترة الامتحانات، تفعلها رغبةً منها في إسعاد الطالبات وتوفير ما يسهم في زيادة تركيزهن، وهي تعلم أن هناك جزءًا كبيراً من هؤلاء الطالبات لا يقدرن على توفير هذه الوجبة، فيما لا تهتم بها أخريات خوفاً من التأخر أو لأي سبب آخر.

هذه المرأة تقوم بما تمليه عليه فطرتها الإنسانية، وتشعر بالسعادة تغمرها لأنها تقدّم ما يسعد غيرها، ولا ترتجي شيئاً أو شكراً من أحد. كل ما يشغلها هو تقديم الخير ورسم الابتسامة على قلوب غيرها قبل شفاههم، وهي نفسها تقدّم للطالبات من ذوات الدخل المحدود في المدرسة ما يحتجنه في أوقات الاحتفالات أو الأيام التي تشهد فعاليات خاصة.

مثل هذه المرأة وغيرها لابد وأن يسوق لها الله بركةً في الرزق، والسعادة في الدنيا، قبل نيلها جزاء إحسانها في الآخرة، بشكل مباشر أو غير مباشر. وقصتها تذكّرني بقصة الملك الذي استاء من قلة اهتمام الناس في بلاده ببعضهم، فقرّر أن يضع صخرةً في وسط الطريق ويحفر تحتها ليضع كنزاً يكون من نصيب من يزيحها عن الطريق، لأنه سيستحقه لاهتمامه برفع الأذى عن الناس.

ووقف الملك يراقب الوضع، وكم كانت خيبته عظيمة وهو يرى أهالي البلدة يمشون أمام الصخرة غير مكترثين بإبعادها عن الطريق، على رغم ضيقهم من وجودها، حتى تساوت ردود فعل الجميع شباباً ونساءً وأطفالاً، وحين شارف على اليأس جاءت امرأة مسنة وقد اختارت أن تقوم بالمهمة بنفسها خوفاً على غيرها، فحاولت إبعادها، وحين شعرت بالصعوبة نادت مَنْ معها ليساعدوها ولكن دون جدوى، فقرّرت زيادة جهدها وبالفعل استطاعت إبعادها فشاهدت الكنز، وحين علم من هم قربها بوجوده سارعوا لمساعدتها كي ينالوا جزءاً منه، فخرج الملك وأخبرهم بالقصة، وأن الكنز من نصيب من أبعد الصخرة وهي المرأة المسنة.

ربما لا تكون القصة حقيقية، ولكن ما تحمله من مغزى جعلني أنقلها باعتبارها تأكيداً على جزاء من يفعل الخير في الدنيا قبل الآخرة.

في الحياة كثيرٌ من البشر ممن يخدمون غيرهم من غير انتظار جزاء مادي أو معنوي، هؤلاء يشعروننا بالخجل ونحن نمر بالمواقف المختلفة في الحياة، من غير التفكير في استثمارها بما يخدم غيرنا.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4664 - الأحد 14 يونيو 2015م الموافق 27 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:02 ص

      مقال جميل

      شكرا للكاتبة لانها لامست احساسنا بالاخرين

    • زائر 1 | 1:40 ص

      شكرا للمقال

      الخير ما يمووووووووت
      واروع انواع السعادة هي اسعاد الاخرين

اقرأ ايضاً