العدد 4667 - الأربعاء 17 يونيو 2015م الموافق 29 شعبان 1436هـ

الشيخ علي سلمان

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

صدر الحكم بالسجن أربع سنوات على الأمين العام لجمعية «الوفاق الوطني الإسلامية»، الشيخ علي سلمان، صباح الثلثاء (16/6/2015).

الحكم بالسجن لم يكن مفاجئاً للكثيرين، بل سرّبت بعض الجهات الأمر قبل ثلاثة أشهر. وهو شخصيةٌ، أحبّها البعض أو كرهها البعض الآخر، لها وزنها وحضورها في الساحة خلال الخمسة والعشرين عاماً الأخيرة.

بعد صدور الحكم بسجنه، أعربت الخارجية الأميركية عن قلقها العميق لذلك، وأكّدت على أنه يجب ألا يُحاكم أو يُسجن أي شخص لمجرد تعبيره عن رأيه سلمياً. ودعت إلى إسقاط التهم الموجهة إليه، كما دعت الحكومة إلى «الوفاء بالتزاماتها في حماية حرية التعبير».

عودةً إلى سيرة الرجل، وبعد تخرّجه من الثانوية العامة في مثل هذه الأيام من العام 1984، توجّه إلى الرياض ليدرس الرياضيات، ولم يكن في حياته شيء مختلف عن أغلب الطلاب، إلا أنه كان طالباً عاش في طفولته وصباه وحيداً، في أسرةٍ فرّقها الطلاق. وكان يمكن أن يتخرّج هذا الصبي الهاديء الخجول صاحب الابتسامة الخفيفة ليعود مدرساً كسواه.

في عامه الثالث بالرياض، وقعت حادثةٌ غيّرت مسار حياته إلى الأبد، حين اتجه إلى مكّة لأداء فريضة الحج، حيث وقعت «أحداث الحجاج» العام 1987، لا ندري ما هي المشاهد التي رآها، لكنه عاد من مكّة إنساناً آخر، وكان يبكي في خلواته كلما استذكرها. وقرّر أن يقطع دراسته العلمية ليتجه إلى الدراسة الدينية في قم.

في 1991، وبعدما خلّفه غزو العراق للكويت من ارتدادات، سُمح لمجموعةٍ من المنفيين والمهاجرين بالعودة للبحرين، كان من بينهم سلمان. وبدأ نجمه بالصعود مع تزكيته من قبل الشيخ عيسى أحمد قاسم، لإمامة الجماعة في مسجد الخواجة في قلب المنامة، ليصبح على اتصالٍ مباشرٍ بالشباب وهمومه وتطلعاته.

في تلك الفترة، بدأ الحراك الشعبي للمطالبة بعودة البرلمان، عبر كتابة «العريضة النخبوية» (1992) التي وقّع عليها 300 شخصيةوطنية من مختلف التيارات السياسية والدينية. وسرعان ما التحق سلمان بهذه الحملة، وبعدما رُفض استلامها تلتها «العريضة الشعبية» (1994) التي وقّع عليها 25 الف مواطن... وبعدها بدأت الساحة بالاحتقان.

وأنت تراجع تسلسل الأحداث، ستقف عند بعض المحطات: اعتصام للعاطلين أمام وزارة العمل (يونيو/ حزيران 1994) واتهم بأنه حرّضهم للمطالبة بفرص عمل؛ صدامٌ بين مجموعات شبابية ومشاركين في سباق ماراثون مختلط على شارع البديع (نوفمبر/ تشرين الثاني)، اتهم فيه أيضاً. وفي 5 ديسمبر/ كانون الأول اعتقل، ليتفجّر الوضع في سلسلة متتالية من الأحداث التي سُمّيت بـ«انتفاضة التسعينيات». تزامن الاعتقال مع عقد قمة دول مجلس التعاون، ما أعطى الحركة زخماً قوياً في الإعلام الخارجي لوجود العديد من المراسلين الأجانب. وبعد شهرٍ أُخرج ورفيقيه السيد حيدر الستري والشيخ حمزة الديري إلى الإمارات، ومنها توجّهوا إلى لندن حيث التحقوا بالمعارضة.

مع تدشين ميثاق العمل الوطني (2001)، تم تبييض السجون والسماح بعودة المنفيين السياسيين، وانشغلت التنظيمات السياسية بترتيب أوضاعها للتحوّل إلى العمل العلني بعد عقود من العمل السري، وهكذا أصبح سلمان على رأس أكبر جمعية سياسية في 2001. بعد إقرار دستور 2002 من جانب السلطة، عادت المشكلة مجدّداً ليستمر الخلاف السياسي مع أول استحقاق انتخابي: «برلمان 2002»، حيث أعلنت أكثر جمعيات المعارضة المقاطعة.

السنوات الأربع التالية، شهدت البحرين الكثير من الاعتصامات والمسيرات الاحتجاجية، كانت كثيراً ما تنتهي بمواجهات واعتقالات. ومع نهاية 2005، كانت الإجراءات الأمنية قد بلغت درجةً كبيرةً من التضييق على التجمعات السياسية، ما دفع الجمعيات إلى التفكير في الخيار الآخر: المشاركة. وبسبب توزيع الدوائر طائفياً، حصدت «الوفاق» 17 مقعداً في انتخابات 2006، فيما لم ينجح أيٌّ من حلفائها. وقبل نهاية الدورة الانتخابية، يفاجأ الرأي العام بتصريحٍ صريحٍ للشيخ سلمان (2009): «إن نتاج مشاركتنا في البرلمان كانت صفراً»، ويعلن نيته عدم الترشّح مجدداً. بعض المراقبين اعتقد أنها كانت مناورةً سياسيةً، لكن حين أجريت انتخابات 2010، كان خارج تشكيلة الوفاق البرلمانية.

في هذه الفترة، كان العالم العربي يشهد بداية إرهاصات «الربيع العربي»، الذي قادته المجموعات الشبابية الجديدة، وفاجأت به الأنظمة والأحزاب العربية معاً، وكان تأثر الساحة البحرينية واضحاً، فيما تعرفونه من تسلسل بقية الأحداث، وسقوط ضحايا، ما دفع كتلة «الوفاق» لإعلان الانسحاب بعد أقل من أربعة أشهر من انتخابها.

في العامين التاليين شهدت البحرين عدة جولات من «الحوار الوطني»، فشلت في تحقيق أي تقارب أو الوصول إلى حل توافقي للخروج من الأزمة. ومع اقتراب الانتخابات الجديدة (أكتوبر 2014)، كانت المعارضة قد أعلنت مقاطعتها، وأبقت الباب موارَباً على أمل حدوث «توافق اللحظة الأخيرة» الذي لم يأتِ. ومع انسداد الأفق السياسي، كان خطاب سلمان يأخذ منحى تصاعدياً، وتم انتخابه مجدّداً أميناً عاماً للوفاق، في 28 ديسمبر 2014، وفي اليوم التالي تم استدعاؤه للتحقيق، ليعلن عن بقائه قيد الاعتقال مساءً.

سلمان ساهم في إنشاء تحالف مع الجمعيات الوطنية الأخرى، ما ساهم في تخفيف القراءة الطائفية للأحداث. وتمت تبرئته من تهمة محاولة قلب النظام، حيث عُرف بتمسكه بالدعوة الدائمة للنهج السلمي، ونبذه للعنف. وفي السنوات الأخيرة لوحظ أنه كان كثيراً ما يطعّم خطاباته السياسية وخطبه الدينية، بإشاراتٍ إلى تجربة غاندي ومارتن لوثركنغ.

 

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4667 - الأربعاء 17 يونيو 2015م الموافق 29 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 8:53 م

      هم يعتقلون السلمية

      آه.. مثل هذا الرجل يبقى في السجن والمجرم الحقيقي يسرح ويمرح..
      ولن اقول في هذا الرجل اكثر مما قالوا فيه العلماء والمفكرين والساسة من جميع انحاء العالم

      الله يفرج عنك يا ابا مجتبى

    • زائر 21 | 11:19 ص

      آه ياوطن

      لكل الأسف من يدعو الي السلمية يكون مصيره السجن ومن شغلته الطائفية وتفكيك المجتمع حر طليق آه ياوطني آه ياوطن

    • زائر 20 | 8:01 ص

      ا

      سجن الشيخ بضوء اخضر امريكي لحسابات ومراهنات لم تتضح بعد واذا اقتضت المصلحه الامريكيه والغربيه ان يكون الشيخ خارج السجن سيطلق سراحه تبعا للمصلحه امرنا ليس بيدنا بل ببدهم شئنا ام ابينا .هذه هي الحقيقه

    • زائر 19 | 7:15 ص

      من

      من زمان السلطات لاتحب كلمة الحق فى جميع البلدان العربيه كلمة الحق توجع الظالم يريدوون ان ينهبوون اموال الخزانه تبع شعووبهم وجوعون الناس ولايريدونهم ان يطالبو بحقوقهم هل هاده يرضى الله ياسلطات الدول الاسلاميه لماذا لاتتبعون دين الله فى المعاملة وانتم تصلون على محمد لو بس اعلان تتدعون انكم مسلمين الله لايرضى بالظلم الله يحب العدالة ويه الناس والشعب دفع الضريبه ودخل السجن وهو مظلوم المشتكى لله والله افرج

    • زائر 18 | 6:57 ص

      سيخرج ..

      وسترون

    • زائر 17 | 6:50 ص

      ابهر العالم

      هذا الرجل ابهر العالم بسلميته والكل يشهد بذلك ولكن السلطة تحيرت في هذه السلمية فانتقمت منه

    • زائر 16 | 6:18 ص

      التحريض

      ولا شي لديهم غير التحريض...

    • زائر 15 | 6:03 ص

      انت الامين

      معك يا ابا مجتبى .. قلوبنا معك دائماً يا امين الشعب ايها التقى النقى .. والفرج قريب بإذن الله

    • زائر 12 | 4:51 ص

      خلط بسيط في المعلومات

      شكرا لك أستاذ قاسم..
      هناك تصحيح بسيط فيما يتعلق بتاريخ العريضة النخبوية والتي سبقت العريضة الشعبية.. النخبوية كانت الأولى عام 1992م.. والشعبية كانت اللاحقة في عام 1994م

    • زائر 11 | 4:17 ص

      الشيخ علي سلمان

      الشيخ علي سلمان يحمل نفساً تبعث على الحياة بالتجديد ينشد السلام والأمن والأمان يعمل لخير هذا البلد وساكنيه رفض الانتهازية والاستبداد ونصح وبلغ وأرشد ولكن هذه حال الدنيا لا تريد المصلحين الخيرين ولا تريد إلا المفسدين

    • زائر 10 | 4:09 ص

      رجل وطني

      رجل وطني اسلامي محب لكل أطياف الشعب لا يفرق بين فئة وأخرى احبته الناس فكان يستحق ان يسكن ف القلوب وليس السجن.

    • زائر 9 | 4:01 ص

      المشكلة ليست في سجن الشيخ علي، المشكلة في اقناع العالم انه شخص مجرم

      لقد وقعوا في حيص بيص بعد الحكم على الشيخ فالشيخ لديه شهادة من كل العالم على انه رجل حكيم سلمي لأبعد الحدود صاحب خلق فاضل وراق في التعامل .
      يصعب تسويق أي تهمة غير سياسية للشيخ علي سلمان
      لقد ضج كل العالم يوم امس ولا زال والخارجية البحرينية تحاول تفنيد ان الشيخ علي سلمان سجن بسبب مواقفه السياسية ويصعب عليهم اقناع احد بذلك
      انها ورطة ماذا تقولون للعالم

    • زائر 8 | 3:58 ص

      ليش اللي عندنا

      يطالبون بحقوق السنه في العراق وانهم مضطهدين والشيعه اللي من نفس بلدكم
      تحتقرونهم وتحتقرون مطالبهم لانهم ليسوا من مذهبكم ليش تقولون انكم مو طائفيين عيل منوا الطائفي بسكم احقاد

    • زائر 7 | 3:04 ص

      أعتقال ش علي بين الحجم الخلل

      أعتقال ش علي بين الحجم الخلل التي تاني منه البلد حيث يعتق الانسان على هده التهم البسيطة جدا رغم وجود من قال أكثر منها هناك من قال أن طائفة من الشعب نغول وغيرها من الكلمات

    • زائر 6 | 2:52 ص

      رجل مخلص والجميع يشهد له بذلك واعتقاله تعطيل وحل المشكل السياسي

      خسارة اصبحت سمعة البلد في المحافل الدولية سيئة السمعة اعتقال وسجون شغالة ليل نهار

    • زائر 5 | 2:22 ص

      انت حر

      فالسجن ينبغي ان يكون للمستبدين وسراق المال العام والاراضي وغيرهم من المتواطئين والمطبلين المتمصلحين على حساب جورح الشعب النازفة
      الله يفرج عنك وعن كل المعتقلين

    • زائر 4 | 1:41 ص

      مثل هذا الرجل المخلص

      ليس مكانه السجن وانما مكانه اصلاح الخراب والفساد المالي والاداري والمحسوبيات

    • زائر 3 | 1:36 ص

      امين الشعب

      انته في قلوبنا يا ابا مجتبئ فرج الله عنك

    • زائر 1 | 1:06 ص

      ونعم الرجال

      رجل وطني بكل ما للكلمه من معنى ونهجه سلمي ويخاف على وطنه اكثر ممن يدعون انهم وطنيين ..لكن ماذا عسانا ان نقول الله يفرج عنه وعن جميع المظلومين

اقرأ ايضاً