العدد 4672 - الإثنين 22 يونيو 2015م الموافق 05 رمضان 1436هـ

موائد الوحدة الوطنية... لقاء «رمضاني» نيجيري

علاقة نيجيريا بالدين الإسلامي موغلة في القدم، وثابتة بالتواتر في كتب التاريخ، فقد ثبت أن الإسلام دخل نيجيريا في القرن الأول الهجري «السابع الميلادي» واتسع نفوذه وانتشاره، ومنذ ذلك الحين وحتى القرن الخامس عشر الميلادي قام ملوك الهوسا في كانو وكاتينا بجهود كبيرة لنشر الإسلام في المناطق المجاورة.

احتفالات الرؤية

يحتشد النيجيريون ويطوفون شوارع المدن الرئيسية عند ثبوت رؤية هلال رمضان، ويدقون الطبول ابتهاجاً بقدوم شهر الخير، ويعتمد مسلمو نيجيريا على رؤيتهم الخاصة لهلال رمضان، فهم لا يتبعون أو يقلدون أي دولة أخرى ثبت لديها شهر رمضان ما لم تثبت رؤية الهلال عندهم.

وفي نيجيريا عادة تبادل أطباق الطعام التي تنتشر بشكل كبير في رمضان، حيث تبدأ الأسر قبيل أذان المغرب بتبادل وجبات الإفطار والأطباق النيجيرية، والنيجيريون يحبون شراب الحوم أو الكوكو وهو مصنوع من الذرة ولونه أصفر ويضاف إليه السكر، وبعد الإفطار على هذا العصير يذهبون لصلاة المغرب ثم يعودون لتناول طعام الإفطار ويضم اللحم والرز والبطاطس... ثم يشربون الشاي، وتنتشر في نيجيريا ظاهرة صيام الأطفال حتى الظهر من باب التدريب على الصيام.

عادات رمضانية

ومن عادات سكان مناطق جنوب نيجيريا أنهم لا يفطرون خارج المنزل، والأكلات المفضلة عندهم في الإفطار هي «إيكومومو» وهى أكلة مصنوعة من الذرة المطحونة، ومعها «أولي لي» وهي مصنوعة من نبات اللوبيا أو «أكارا» وبجانب ذلك توجد الفواكه مثل الموز والبرتقال، ويقتصر الإفطار الجماعي في جنوب نيجيريا على أفراد الأسرة الواحدة سواء كانت كبيرة أو صغيرة، ولكل فرد من الأسرة صحن أكل مستقل، حتى لو كان طفلاً صغيراً، والطريف أنهم لا يستمتعون بإفطارهم إلا إذا أقيم أمام البيت.

ومن العادات الشائعة عند مسلمي نيجيريا أن تتناول الأسر المتجاورة وجبة الإفطار معاً؛ فتجمع الصواني والأواني من البيوت وتوضع في أماكن قريبة من المساجد، وبعد أن يؤدي الجميع صلاة المغرب جماعة، يجلس الرجال يتناولون طعام إفطارهم معاً، وأيضاً تجلس النساء معاً في المكان الذي خصص لهن لتناول طعام إفطارهن.

وبعد الإفطار يذهب الرجال والنساء إلى المساجد لتأدية صلاة العشاء والتراويح، ولسماع دروس الوعظ، ويعودون إلى منازلهم قرب منتصف الليل، ومن العادات عند مسلمي نيجيريا في صلاة التراويح تخصيص كل ليلة من ليالي رمضان بصلوات خاصة، وأذكار معينة، إضافة إلى الاجتماع لقراءة أذكار فضائل كل ليلة من ليالي الشهر المبارك، ويعظم المسلمون النيجيريون ليلة القدر، وهم يميلون إلى الاعتقاد بأنها ليلة السابع والعشرين من رمضان.

ومن أشهر الأكلات الرمضانية في نيجيريا أكلة (العصيدة) وهي أكلة تصنع مع اللحم وتعد من أفخر الأكلات التي تعد خلال هذا الشهر الكريم، وأيضاً هناك أكلة تسمى (الدويا) وهي تحضر من اللحم والأرز والقمح وإلى جانب هذه الأكلات الشهية توجد سلطة الخضار، ويسمونها (أذنجي) مع (اللوبيا).

فرق المسحراتية

والمسحراتي في نيجيريا ليس فرداً يتولى إيقاظ الناس إنما هناك فرق أو جماعات من المسحراتية تتولى إيقاظ مسلمي نيجيريا للسحور، وتسمى هذه الجماعات «فرق الإيقاظ» وهي تتكون من مجموعات من الشباب يتجولون بين المنازل والبيوت والمعارف لإشعارهم بدخول وقت تناول السحور، وهم يضربون الطبول والمعازف.

ويبدأ السحور في ساعة متأخرة من الليل، ومن الأكلات المشهورة في وجبة السحور (التو) وهي عبارة عن صلصة الأرز والخضار، و(العصيدة) ثم اللبن والشاي، وفي السحور يتناول النيجيريون الأطباق المحتوية على البقول مضافاً إليها المرق واللحم، كذلك يتناولون الأسماك ويشربون العصير، ووجبة السحور اسمها «ساري» وهي كلمة مشتقة من العربية بينما تسمى وجبة الإفطار «استييو».

موائد الوحدة الوطنية

يستغل النصارى في نيجيريا قدوم رمضان لرفع شعار الوحدة الوطنية، وذلك لوقف المواجهات التي قد تنشب بين المسلمين والنصارى في عدد من الولايات في البلاد، وبما أن رمضان يعلم المسلمين الفضائل والصبر والتحمل، فإن النصارى يسعدون بتعامل المسلمين معهم بتسامح شديد في رمضان.

وعلى رغم المناوشات التي تحدث بين المسلمين والنصارى فإن اتحاد الأساقفة النيجيري يرفض محاولات إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام أو أي دين سماوي، مؤكداً أن تعاليم الإسلام ومبادئه «السمحة» دائماً تدعو إلى السلام، ودائماً ما يطمئن علماء الدين الإسلامي الأوساط المسيحية الخائفين من تطبيق الشريعة، أن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية لا يشكل خطراً عليهم، بل يعد مصدر أمن ومظلة استقرار، ويؤكد علماء المسلمين في نيجيريا أنه لا إكراه على الدخول في الإسلام، مستلهمين قول الله تعالى: «لا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ»، و «لَكُمْ دِينُكُمْ، وَلِيَ دِين».

ويستغل علماء الدين المسلمون شهر رمضان بنيجيريا في إلقاء الدروس التي تحض على التعايش بين المسلمين وغيرهم، ويتم ذلك في كل مساجد نيجيريا، وقد أصبحت مسألة المعاملة بين المسلم مع غير المسلمين محوراً رئيسياً لأحاديث ودروس عدد من كبار العلماء في رمضان.

شهر القرآن

دائماً يحتل القرآن الكريم مائدة الدروس في رمضان باعتبار الشهر هو شهر القرآن، حيث تعم مجالس تدارس القرآن وتلاوته أرجاء البلاد، وتختلف مسمياتها، فهناك من يسميها «جلسات التفسير»؛ لأنها مخصصة لتفسير معاني القرآن الكريم باللغة الوطنية، ويسميها آخرون جلسة المواعظ، إلا أن التسمية الأولى أكثر تداولاً وانتشاراً، وتُعقد تلك الدروس في أوقات الصباح والظهيرة وبعد العصر، وأيضاً بعد أداء صلاة التراويح بالليل، وتشهد الدروس التي تعقد بعد العصر حضوراً مكثفاً من الجماهير لمناسبتها للعمال والموظفين وطلاب المدارس والجامعات إضافة لقربها من وقت الإفطار.

العدد 4672 - الإثنين 22 يونيو 2015م الموافق 05 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً