العدد 4677 - السبت 27 يونيو 2015م الموافق 10 رمضان 1436هـ

أمةٌ من الانتحاريين

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لأول مرةً أرى أختنا العاملة المسيحية مشدودةً إلى التلفزيون وهي تجهّز الأطباق على مائدة الإفطار، عند غروب يوم الجمعة الأخيرة.

كانت تتطلع بذهول وذعرٍ إلى مشاهد التفجير الذي لحق بمسجد الإمام الصادق بمنطقة الصوابر في دولة الكويت الشقيقة. كانت مشاهد الأجساد ملقاة على الأرض كأنها ساحة معركة، وكانت الدماء تصبغ ثياب الرجال الناجين من المجزرة.

بعد الإفطار سألتني: ماذا حدث؟ فقلت لها هناك جماعة متعصبة قامت بتفجير أحد المساجد في الكويت. سألت باستغراب: لماذا؟ لم أجد ما أجيبها به. كنت فعلاً حائراً. كيف أشرح لها؟ كيف أفسّر هذا الجنون؟ قلت لها: هناك جماعة متطرفة قامت بقتل من يصلّون. ردّت علي بسرعة: لكنهم مسلمون (تقصد الضحايا). سكتّ! بماذا أجيبها؟ كيف أشرح لها هذا العبث الجنوني. من يُفترض أنهم مسلمون قاموا بقتل مسلمين، وأين؟ في مسجدٍ للمسلمين.

حاولت أن أوضّح لها بأبسط العبارات، أن هناك مجموعةً من المسلمين تعتقد أنها وحدها على الحق، وهي وحدها تؤمن بالإسلام، وهؤلاء لا يمثّلون إلا قلةً قليلةً جداً من المسلمين. وتعتبر غيرها من الجماعات منحرفةً وليسوا مؤمنين حقيقيين، وأحياناً تعتبر بقية المسلمين كفاراً، فضلاً عن بقية أصحاب الأديان الأخرى، يجب قتلهم وتصفيتهم من الوجود.

كنت أدقّق في كلماتي لأوصل لها باختصار، حقيقة ما يجري بأمانةٍ وصدقٍ، كما أراها دون تحاملٍ أو تضخيم. بدت غير مصدّقة، أو واثقة مما أقول، فعادت لتسأل: لماذا يفعلون ذلك فعلاً؟ قلت: لأنهم يؤمنون بانهم إذا قتلوا الآخرين سيذهبون مباشرة إلى الجنة. بدا كلامي لها سخيفاً جداً، من خلال نظرتها، ومن خلال ابتسامتها المليئة بالشك وعدم التصديق.

سكتت قليلاً، كأنما تريد أن تقول شيئاً تتردّد في قوله. علّقت: «نحن في الفلبين عندما كنا نسمع خبر تفجير انتحاري يقوم به عربي، ننظر للعرب كلهم كأشخاص خطرين ومجرمين. أصبحنا نخاف منهم». كانت تتكلم ببراءةٍ وعفويةٍ، وكان كلامها جارحاً لمن يفكّر بحال هذه الأمة البائسة، رغم ما فيه من تعميمٍ غير علمي. فليس كل العرب إرهابيين ومجرمين، وإنّما هي فئةٌ قليلةٌ جداً، هي التي تصبغ الأفق بكل هذا القتل والدماء، وهي أكبر من يشوّه صورة الإسلام، والعرب هم أكثر ضحاياها، في سورية والعراق ولبنان ومصر وليبيا وتونس والصومال واليمن... وأخيراً في السعودية والكويت.

عادت لتسأل ببراءةٍ تامة: لماذا لا تحمي الشرطة المساجد؟ لم أجد جواباً جاهزاً، قلت بعد تردد: ربما لأنهم لا يكترثون. إنهم ينتظرون حتى تقع الكارثة ويُقتل الناس، ثم بعد ساعةٍ يرسلون الجيش والشرطة لتحيط بالمكان، بعد أن انتهت المجزرة. وما الفائدة حينئذٍ؟

لا أدري كيف استقبلت كلامي، وكيف أخذت تقلّبه في عقلها، هل معقولٌ أن يجري كل ذلك؟ مسلمون ينفذّون تفجيرات انتحارية ليقتلوا مسلمين مثلهم يصلون داخل أحد مساجدهم! أي قومٍ هؤلاء؟ هل يمكن أن توجد أمةٌ متخلّفةٌ على وجه الأرض، مثل هذه الأمة؟

من جانبي، كنت أقلّب في عقلي ما قالته، إننا شعوبٌ خطرة. هكذا ينظرون إلينا في أقرب القارات إلينا، التي تمثّل متنفسنا وفضاءنا الحضاري. هذه القارة التي انتشر نصف الإسلام فيها من خلال القوة العسكرية، في القرنين الأول والثاني الهجريين، وانتشر النصف الآخر فيها من خلال القوة الناعمة، من خلال دعاة الدين ورجال التصوف والتجار الذين كانوا يقدّمون نماذج حيّة في الأخلاق والصدق وحسن المعاملة، حتى حوّلوا شعوباً بكاملها إلى الإسلام دون سفك دماء أو غزوات وإرسال جيوش.

الفلبين كان الإسلام يحكم أجزاءً كبيرةً منها، ويصل نفوذه إلى مانيلا. وأندونيسيا، أكبر بلد مسلم في العالم، لم يدخلها الإسلام بالسيف. ومثلها البلد الإسلامي المزدهر ماليزيا، والهند التي دانت لحكم السلطنات الإسلامية عدة قرون حتى سيطر عليها البريطانيون... كل هذه الشعوب لن يعتنق شخصٌ واحدٌ منها الإسلام اليوم، بعدما باتت تنظر إلينا كأمةٍ من الانتحاريين الخطرين.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4677 - السبت 27 يونيو 2015م الموافق 10 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 2:46 م

      قال امير المؤمنين على عليه السلام

      سياتى يوم تخرج اليكم عصابات اسلاميه تحمل رايات السود تسفك دماء المسلمين وخصوصا الشيعة وهؤلاء حزب الشيطان الامريكى بدعم باموال عربيه لسيطرة على الشرق الاوسط لاكن ..... واعين اليهم ولن يقدروا ان يفنوون........ واقفه اليهم بالمرصاد وسيهزمون الاشرار ..........

    • زائر 13 | 6:40 ص

      صدق

      من من هذه الشعوب ستدخل الاسلام وهي ترى هؤلاء البرابرة الهمجيين يقتلون المسلمين وباسم الاسلام؟

    • زائر 12 | 6:15 ص

      استغربت من كلامك

      الذي تقول فيه .وهؤلاء لا يمثّلون إلا قلةً قليلةً جداً من المسلمين .
      فهل حقا انهم قلة قليلة جدا , ام ان ما تقوله هو كلام دبلوماسي ؟ حينما يقوم فرد امريكي لم يفت له كاهن ولا توجد كتب تشجعه على ذلك فالتهمة جاهزة لكل المجتمع الامريكي بانه مجتمع ارهاب و جريمة ! وحينما تقوم امة كاملة بارها و قتل فاننا نحاول ان نبرر هذا بانه عمل شاذ وانهم شاذون لا يمثلون الاسلام و لا المسلمين ! رحم الله ملكة اسبانيا ايزابيلا ظ،ظ¥ظ ظ¤ التي انقذت بلادها من هؤلاء القوم والا لاصبح حال اسبانيا كحالنا اليوم

    • زائر 11 | 4:13 ص

      امة تخرب بيوتها بايديها

      خططوا لنا لتدميرنا بأموالنا. شبابنا محارق .اراضينا ومدننا مدمرة نقصف بعضنا بعضا . ندفع اموال البترول لشراء اسلحة الدمار لكي ندمر بلاد عربية وشعوب عربية . قالوا لنا غيروا عدوكم ووجهة قتالكم فسارعنا نتراكض ايران هي العدو الجديد. وماذا عن العدو القديم؟ اصبح شقيقا

    • زائر 10 | 3:32 ص

      ...

      لمعلوماتك ... بأن أفواجا وأفواجا من الفلبينيين وغيرهم يسلمون ويتركون الشرك والديانات المحرفة، وهذه دعوة مني لزيارة مركز الفاتح في البحرين لكي تعرف كم الجالية الفلبينية تسلم أسبوعيا وينطقون بالشهادة ناهيك عن عشرات الجنسيات الأخرى من الأمريكية والبريطانية والألمانية والإسبانية، ...

    • زائر 14 زائر 10 | 8:01 ص

      الى زائر 10

      الحمد لله بس اهم شيء لا يصيرون دواعش ويقتلون المسلمين. والله يهدي الجميع

    • زائر 9 | 3:21 ص

      حتى الامام علي

      كفروه ولكنه قال لهم لا نمنعكم مساجد المسلمين ولا نقطع عنكم الفي ولن نقاتلكم حتى تبداون بقتالنا ليس من طلب الحق فاخطاه كمن طلب الباطل فادركه
      وكان شعارهم لا حكم الا لله فقال لهم الامام كلمه حق يراد بها باطل هؤلاء التكفيررين هم حفدة الخوارج نفس النهج ونفس الاسلوب حتى انهم يكفرون ابائهم وامهاتهم الا بئس القوم هم

    • زائر 4 | 2:40 ص

      زائر

      رحم الله من قتل في التفجيرات ولا اؤيده بالاطلاق ولكن الا نتذكر ماحدث في ديالا في العراق في 2013 التفجيرات في جامع ابوبكر الصديق لم يكن الاعلام بمثل هذا المستوى بطرح قضية الإرهاب نحن امة ابتليت بالتمييز والعنصرية ولم يكن هناك أي شجب من رجال الدين كما قلت نحن امة التمييز بين الناس وانتشر فكر التكفير ومفهوم نحن مؤمنون واؤلئك كافرون

    • زائر 16 زائر 4 | 12:49 م

      زائر 4

      صحح
      كلامك
      احنا ضد التفجيرات والإرهاب تجاه أي طرف
      وانا صادقه بكلامي
      بس داعش لا تستهدف فقط الشيعة تستهدف السنة وأي واحد يعارضها
      والدليل قتلاها في العراق سنة أكثر من الشيعة
      دبحتوونا
      واحنا نقول ليكم
      السنة أعداء لدااعش
      رحموونا عاااد

    • زائر 3 | 2:01 ص

      في العراق

      رتل لااكثر من 800 سياره رباعية من طراز toyot land cruiser جديده بكم تساوي من المال ومن موّل شراؤها ومن مول هؤلاء الشيشان والبتان والافغان والعرب من المجاهدين ومجاهدات النكاح, مليارات الدولارات تتداول عينك عينك ومحطات الفتنه تبث ليل نهار وبعض المحرضين في المساجد يبثون الفتنه بلاقيود الضاهر ان هذا البلاء استفحل وعلاج المرض بعد انتشاره يكون اصعب فيما لو كانت هناك وقايه مبكره والله المستعان.

    • زائر 5 زائر 3 | 3:04 ص

      لترضى بالواقع

      حتى ترضى بالواقع وتمتنع عن المطالبة بشيء اسمه ديمقراطية وتداول سلطة او حتى "وأمرهم شورى بينهم". لذلك ولذاك ظهرت داعش وماعش وما بينهما. هل تعتقد ان هذا العته وليد اليوم!؟ لا والله وإنما بيت له منذ زمن ليس قريب أبدا واستحضر عندما استدعت الحاجة.
      ارضى بما انت فيه وإلا طار رأسك عن جسدك... رسالة علينا استيعابها حالاً.

    • زائر 2 | 1:50 ص

      قالها ومضى

      هل غاية الدين أن تحفوا شواربكـم ** يا أمة ضحكت من جهلها الأمـم

    • زائر 1 | 1:13 ص

      اي والله

      أسوأ وأخبث أمة على وجه الارض . هؤلاء هم المفسدون في الارض ولو لا وقوف دول تدعي الاسلام معهم لما تمكنوا من اختراق معظم البلدان

اقرأ ايضاً