العدد 4678 - الأحد 28 يونيو 2015م الموافق 11 رمضان 1436هـ

في سبيل إيجاد مستقبل مستدام وأكثر أماناً لنا نحن الشعوب

بان كي مون comments [at] alwasatnews.com

الأمين العام للأمم المتحدة

قبل وقت طويل من تقلدي منصب الأمين العام، احتلت الأمم المتحدة مكانة خاصة في حياتي. فقد كنت في السادسة من عمري عندما اندلعت الحرب الكورية. ولا أزال أتذكر قريتي والنار تلتهمها بينما كانت أسرتي تلتمس اللجوء في الجبال القريبة. ولكن مشهداً آخر لا يفارق ذاكرتي حتى اليوم، هو علم الأمم المتحدة. فقد أنقذتنا عمليات الإغاثة الغذائية التي اضطلعت بها الأمم المتحدة من الجوع؛ وتلقينا الكتب المدرسية من اليونسكو؛ وعندما تساءلنا عما إذا كان العالم الخارجي يهتم بمعاناتنا، ضحى الجنود الذين قدموا من العديد من الدول بأرواحهم ليعيدوا لنا الأمن والسلام.

وأنا أعرف من مرحلة الطفولة، والآن من عقود من الخدمة العامة، الفارق الهائل الذي يمكن أن تحدثه الأمم المتحدة. وإذ نحيي الذكرى السنوية لاعتماد الميثاق المؤسِّس للمنظمة في 26 يونيو/ حزيران 1945 في سان فرانسيسكو، يحدوني الأمل في أن توحّد الأسرة البشرية صفوفها وتعقد العزم الثابت على العمل من أجل مستقبل أكثر أماناً وأكثر استدامة لنا «نحن الشعوب»، التي وضع الميثاق باسمها.

وبوسع الأمم المتحدة في الذكرى السنوية السبعين لإنشائها، أن تنظر بفخر إلى سجلها المشرف من العمل مع العديد من الشركاء لإزالة الاستعمار، والانتصار على الفصل العنصري، وحفظ السلام في الأماكن المضطربة، وصياغة مجموعة من المعاهدات والقانون لحماية حقوق الإنسان. وكل يوم، تقدم الأمم المتحدة الطعام للجائعين وتوفر المأوى للاجئين، وتؤمن اللقاحات للأطفال ضد شلل الأطفال وغيره من الأمراض الفتاكة. ويتحدى موظفونا العاملون في مجال الإغاثة البيئات النائية والخطرة لتقديم المساعدة الإنسانية، ويدأب الوسطاء في إيجاد أرضية مشتركة بين الأطراف المتحاربة وحلول سلمية للمظالم والنزاعات. وقد أُسست الأمم المتحدة لمنع نشوب حرب عالمية أخرى، وهي تنجح في تحقيق تلك الرسالة المحورية. وعلى الرغم من النكسات الخطيرة، من المؤكد أن العقود السبعة الماضية كانت لتصبح أكثر دموية من دون وجود الأمم المتحدة.

غير أننا ندرك تماماً، أن مشهد اليوم يحمل ندوب النزاع والاستغلال واليأس. فقد فرّ ما لا يقل عن 59.5 مليون شخص من ديارهم، وهو أكبر عددٍ من اللاجئين والمشردين وطالبي اللجوء يسجل على الإطلاق منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ولايزال العنف ضد المرأة آفةً تنزل بجميع المجتمعات. وفي وقت تشتد فيه احتياجات البشر إلحاحاً، لا تزال تُبذّر مبالغ ضخمة على الأسلحة النووية وغيرها من الترسانات العسكرية المزعزعة للاستقرار.

أما عواقب تغير المناخ، فتظهر بوضوح متزايد، وهذه هي البداية فحسب. وعلى الرغم من أن العالم قد أعلن «توبته» بعد محرقة اليهود، ومرة أخرى بعد عمليات الإبادة الجماعية في رواندا وسريبرينيتشا، لانزال نشهد جرائم فظيعة يرتكبها متطرفون يمارسون العنف وجهات أخرى.

وقد ظهرت دول جديدة منذ أن اجتمع ممثلو 50 دولة لوضع الميثاق، وازداد عدد الأعضاء في المنظمة إلى 193 عضواً. أمّا العولمة والتحضر والهجرة والتحولات الديمغرافية وجوانب التقدم التكنولوجي وغيرها من التطورات الهائلة، فهي تواصل إعادة تشكيل مجتمعاتنا وتغيير طبيعة العلاقات الدولية. غير أن رؤية الميثاق المتمثلة في عالم يسوده السلام، وقيم الكرامة والمساواة في الحقوق والتسامح والحرية المكرسة في نصه، لا تزال تشكل المعايير التي تعمدها الناس في كل مكان.

وتصادف الذكرى السنوية السبعين سنة تصدر فيها قرارات يمكن أن يكون لها نتائج بالغة الأثر في مستقبلنا المشترك. ويقوم أعضاء الأمم المتحدة بوضع ما نأمل في أن يكون خطة جديدة وملهمة للتنمية المستدامة وهم في طريقهم نحو التوصل إلى اتفاق معقول بشأن تغير المناخ. وهدفنا هو التغيير: فنحن أول جيل يمكنه أن يزيل الفقر من وجه البسيطة، وآخر جيل يمكنه العمل لتفادي أسوأ آثار الاحترار العالمي.

ومع استمرار اختفاء الحدود بين ما هو وطني وما هو دولي، تصبح التحديات التي يواجهها أحد الأعضاء تحديات يواجهها الجميع، بالتدريج في بعض الأحيان ولكن بغتة في أحيان كثيرة. ومع تواصل ازدياد تشابك مصائرنا، يجب أن يشهد مستقبلنا قطع أشواط غير مسبوقة في التعاون، الذي يتجسد في أمم توحدها روح المواطنة العالمية التي ترقى إلى مستوى الوعد الذي يحمله اسم المنظمة.

إقرأ أيضا لـ "بان كي مون"

العدد 4678 - الأحد 28 يونيو 2015م الموافق 11 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 6:51 ص

      ا

      ما تقوله يابوكيمون صحيح ولكن يحتاج الى رجال اشداء اصحاب مواقف ومبادئ وقيم لا موظفين يأتمرون بأوامر من يوجههم وهو كل على مولاه اينما يوجهه لايأتي بخير

اقرأ ايضاً