العدد 4683 - الجمعة 03 يوليو 2015م الموافق 16 رمضان 1436هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

الحقيقة في وسيلة الإعلام العربي

إن الحقيقه التى يجب أن يُعترف بها هي أن اي دولة لا تستطيع أن تقوم بأي عمل إعلامي أو دعائى جدير بالاهتمام فى مواجهة المخاطر التى تواجهها من الإرهاب والمنظرين له، فيما الواقع أن هيكل اعلامها لا يؤهله لذلك، وتكوينه الحالي هو استمرار لأوضاع سابقه لا تتجانس مع طبيعة المهمة في مواجهة أخطار المنظرين للإرهاب.

إن الاعلام الرسمي يجب أن يخرج من تقاليد اللامبالاة التي تسيطر على أوضاعه الحالية والدوران في حلقة مفرغة، ومشكلة الإعلام الرسمي تكمن بالغالب في عدم وجود الكفاءات والخبرات المتدربة على التصور، واستغلال الفرص في مواجهة هذه الظاهرة الخبيثة التي استطاعت الانتفاع من الأخطاء والفشل الواضح في المواجهة التي يقع فيها هذا الإعلام.

للأسف لا يوجد لدى الدولة إعلام خارجي يمثل أحد المنطلقات لمخاطبة الخارج، لذلك وجب خلق مثل هذا الإعلام، اذ غاب عن الإعلام الرسمي بأن الوظيفة الاعلامية التى كانت قاصرة على النطاق الداخلي اتسعت لتشمل النطاق الخارجى، وأن الواقع أن عملية التمييز بين الإعلام الداخلي وبين الإعلام الموجه للخارج أصبحت تمثل أحد الأعمدة الأساسية التي يجب أن تنطلق منها الوظيفة الدولية الإعلامية. لذلك فالإعلام بحاجة لفن إعلامي وكيفية نقل الخبر، ويحتاج إلى الأهداف المحركة، والغايات التي يجب أن يسعى الإعلام إلى تحقيقها. كذلك فإن الإعلام يحتاج أولاً وهذا المهم إلى متخصصين لديهم الكفاءة والتدريب والخبرة لتولي مسئولية ذلك وهذا ما يفقده الإعلام حالياً.

يحتاج إلى خلق كفاءات شابة تغير من النمط السائد منذ نصف قرن وأصحابه ومن جاء بعدهم مازالوا يقدمون نفس ما قدموه قديماً، ونريد الإدارة الشابة الخلاقة والتي تتناسب والزمن الذى نعيشه، والأحداث التي تمر بها الأوطان لا يكفى بأن يكون الرئيس شاباً ومساعدوه ذوي عقول قديمة، يقدمون برامج عقيمة تعتمد على طرح مواضيع بعيدة كل البعد عن الواقع الذى نعيش فيه مع كلمات مبتذلة، نحن لا نريد إعلاماً في غفلة عما يحدث من تهديد لأمننا.

والسقطة التى يقع فيها الإعلام، بأنه يجعل الحياة والأمور كلها وردية، ولا يتطرق إلى ما يهدد هذه الحياه الوردية كما يصفها الإعلام، وفي حالته هذه

لا يستطيع أن يقول الحقيقة ولا يستطيع مقارعة الحجة بالحجة، إذا لزم الأمر فالشعوب يجب أن تعرف الحقيقه من إعلامها وأن لا تُهمل، وعندما تُهمل الشعوب تصبح سلبية في فهمها الأحداث التي تمر بها الأوطان.

فالإعلام في حاجة إلى التخطيط العلمي المنظم، وإلى العاملين ذوي الخبرة والكفاءة، ويحتاج الاعلام إلى تدريب منتسبيه في كيفية إدارة الأزمات. وضرورة تلوين هذا الإعلام بالعمل وبالأسلوب الدبلوماسي، بحيث لا يكون الإعلام يتحدث في واد والسياسة تسير في واد آخر. لذلك يتوجب على الدولة ايجاد جهاز قوي ذي صدقية يتولى عملية التخطيط بحيث يضمن نوعاً من التنسيق والتناسق بين مختلف عناصر الرساله الإعلاميه، فالصدق والتخطيط الجيد هما أحد العناصر الأساسية التي يفرضها التحرك الاعلامي وهذا التحرك لا بد أن يكون له قائد ومساعدون على أن يكون هؤلاء يفهمون معنى التخطيط الاعلامي ومتمرسين فيه. وأن يكون القائد ومساعدوه مُلمين بضرورة التناسق بين المنطق الاعلامى والأداة الاعلامية فليس كل منطق صالح لكل أداة وما يصلح هنا قد لا يصلح هناك.

ويحتاج ذلك إلى أن لا تغيب الحقيقة ولو كانت مزعجة لأنه إذا غابت الحقيقة غابت الثقة وانهارت وجزء من الصدقية هو أن تكون محترماً وصادقاً. والمفتاح لذلك هو إدراك الناس لمصداقيتك.

فالاعلام القصد منه هو خلق الثقه بينه وبين متلقيه وهذا ما فشل به الاعلام لدينا في العالم العربي لأنه ركز على تشويه الآخرين وأهمل الكثير من القضايا المهمة والمتعلقة بما يمر به الوطن. فالاعلام في حاجة لأن يتوجه إلى الشعب كله لا نصفه وأن يعلم بأن الشعوب هي الحقيقة المطلقة للجميع.

خليل النزر


ابنتي... والدول الفاشلة

عندما رأت ابنتي ذات السبعة اعوام عنوان الكتاب (الدول الفاشلة) لـنعوم تشومسكي، على شاشة الآيباد، راق لها العنوان ولا ادري حقا ماذا عنى لها او خطر ببالها، غير انها طلبت مني ان أقرؤه لها أو تقرؤه معي! هي قطعاً لا تعرف تشومسكي، ولا اظنها حسبت الكتاب قصة للأطفال، وهي على الأرجح لن تفهم سطراً واحداً مما ستقرأ ولن تفهم أية فكرة منه، ولكن طلبها في حدّ ذاته ملأني غبطة و رضا من ان لها شغفا بالمعرفة والقراءة منذ نعومة أظفارها (هكذا يقولون) وإن كان من باب الفضول او تقليد أبيها.

وددت فعلاً ان اقرأ لها الكتاب، إذ انني دائما ما كنت أجادل أخاها الأكبر، بأن القراءات خارج مقررات ومناهج المدرسة هي من تمنح الفرد الثقافة والمعرفة وسعة الأفق، حيث دائماً ما كنت اغريه بالقراءة والاطلاع حتى تكون لديه حصيلة من اللغة العربية تفيده سواءً في موضوعات الإنشاء او في أحاديثه العامة، خصوصاً ونحن نراه وأقرانه في هذا السن مولعين بالإنجليزية، لكونهم يعتقدون ان العربية لغة الكلام والمزاح والشتيمة لا لغة الحياة!

العجيب في الأمر انك ان اشتكيت من قلة فهم واستيعاب ابنك للغة العربية وقلة اهتمامه بها وتمكنه منها، بل عجزه أحيانا عن صياغة فقرة من عدة اسطر بلغة سليمة وواضحة، بالمقابل فإن لديه ولعاً باللغات الأجنبية الأخرى (اليابانية إحداها)!وسعيه للاستزادة من معرفته بها، إذا تحدّثتَ بهمّكَ هذا، فإن الأقارب والأهل يردّون عليك باقتناع تام ويجيبون على شكواك بالسؤال «وماذا سيستفيد من اتقانه اللغة العربية «! إذ – في رأيهم – يكفي انه قادر على القراءة والكتابة وعلى معرفة بأساسيات اللغة العربية، اما ضبط النحو الصرف و الالمام بالمحسنات البلاغية على اختلافها و استيعاب مفردات الكلمات، كل ذلك غير ذي اهمية لأنه لن يحتاجه لمستقبله مادام لا ينتوي ان يصبح مدرس لغة عربية.

لقد اصبت بخيبة امل ويأس لطريقة التفكير هذه والتي تنمّ عن عدم إيلاء لغتنا الأم الفضلى قدرها ومنزلتها في النفوس، إذ صرنا ننظر لها على انها مجرد مادة ضمن منهج دراسي تنتفي الحاجة لها حالما ننجح ونتخرّج بحيث تصبح حالها حال اي مادة دراسية اختيارية لا شأن لها بحياتنا.

تشعر بالحسرة والمرارة، عندما ترى على التليفزيون احد الأطفال العراقيين او المصريين دون العاشرة من العمر وهو قائمٌ يتحدث اللغة العربية الفصحى بطلاقة وتمكّن او يلقي قصيدة أمام الجموع وهو رابط الجأش كأنه تجاوز الخمسين من عمره، بينما من أطفالنا من قد يسأله احد الجيران او المعارف عن اسمه او في اي مرحلة هو فيقف صامتا جامداً كأنّ على رأسه «ابو قردان»!لا يحير جوابا ولا يملك غير ان يهزّ رأسه او يغمغم بكلمات كأنها طلاسم وعلى السائل فكّها وتفسيرها أو سحب الكلمات من لسانه، مما يشعرك انك انجبت ديكاً او ببغاء! في حين ان هذا الولد او البنت في البيت تجده يتغنى رافعا صوته بـأغاني افلام الأنميشن الأجنبية ويحفظها عن ظهر قلب.

الملاحظ ان كثيرا من المدراس (الخاصة غالباً) تضع كامل جهدها وثقلها خلف منهج اللغة الانجليزية، بتنويع انشطتها وتوفير مصادر التعلم والفهم والتشجيع على اتقانها بشتى الوسائل، في حين ان اللغة العربية تنحصر في مقرر المادة وتقتصر على حفظ بعض سور القرآن الكريم وقصائد الشعر، وذلك يعود ببساطة لأن المجتمع عندما يسمع احد الأطفال يتحدث الانجليزية بطلاقة فإنه ينبهر به وينظر له بإكبار وإعجاب وبناءً عليه يقيّم أداء ومستوى المدرسة التي ينتسب لها هذا الطفل، في حين انه لو كان هذا الطفل في فصاحة سحبان بن وائل أو بلاغة قس بن ساعدة، فإن احداً لن يلتفت له ولن يرى في ذلك انجازاً فضلاً عن ان يكون تميّزا.

جابر علي

العدد 4683 - الجمعة 03 يوليو 2015م الموافق 16 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً