العدد 4695 - الأربعاء 15 يوليو 2015م الموافق 28 رمضان 1436هـ

فابيوس يفتح باب السباق الغربي لزيارة طهران.. ولندن تعتزم فتح سفارتها قبل نهاية العام

بعد يوم واحد على التوصل إلى اتفاق فيينا حول البرنامج النووي الإيراني بين مجموعة الدول الست وطهران، فتح باب التسابق الغربي للوصول إلى العاصمة الإيرانية وخصوصا إلى أسواقها الواعدة، حسبما أفادت صحيفة الشرق الأوسط اليوم الخميس (16 يوليو/ تموز 2015).

وبعكس ما كان يتصوره الكثيرون، فإن قصب السبق حاز عليه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي أعلن أمس في مقابلة صحافية صباحية، أنه سيزور طهران بناء على دعوة «جديدة» تلقاها من نظيره محمد جواد ظريف أول من أمس.

وفيما لم يحدد الوزير الفرنسي تاريخا معينا للقيام بزيارته التي في حال حصولها ستكون الأولى من نوعها لمسؤول غربي من هذا المستوى، فإنه حرص على القول إنه سبق له أن رفض في الماضي دعوة مشابهة وإن التوصل إلى الاتفاق الأخير مع طهران هو ما يبرر مبادرته الجديدة.

في المقابل أعلن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند أمام البرلمان أمس أنه يأمل في أن يعاد هذه السنة فتح سفارة لندن في طهران المغلقة منذ 2011، وقال هاموند «أتطلع لزيارة طهران للقيام بذلك».

وقال: «هناك مسائل تقنية لا يزال يجب حلها» لكن «هناك رغبة فعلية في القيام بذلك وسأعمل بشكل مباشر مع نظيري الإيراني لإزالة هذه العراقيل في الأشهر المقبلة». وقال هاموند «إن إعادة إشراك إيران في القضايا الإقليمية بشكل عقلاني ومنطقي ستأتي بفوائد كبرى». وتعرضت السفارة البريطانية في طهران للنهب والتخريب في 2011 من قبل متظاهرين كانوا يحتجون على الإعلان عن عقوبات جديدة من لندن ضد إيران، بسبب برنامجها النووي. وردا على ذلك، أغلقت السفارة الإيرانية في لندن. وكانت مساعي إعادة العلاقات بين البلدين بدأت بعد انتخاب الرئيس المعتدل حسن روحاني في يونيو (حزيران) أما مفاجأة فابيوس فإن سببها الأول هو أن باريس كانت الطرف الأكثر تشددا في التعامل مع الملف النووي من خلال فرضها ثلاثة شروط متصلة وهي التحجيم الجدي للبرنامج النووي الإيراني وتمسكها بالشفافية المطلقة من جانب طهران بما في ذلك تمكين الوكالة الدولية للطاقة النووية من تفتيش «كافة المواقع» بما في ذلك العسكرية وأخيرا إقرار مبدأ العودة إلى العقوبات في حال لم تف طهران بالتزاماتها. وبحسب الوزير فابيوس ولكن أيضا وفق ما قاله الرئيس هولاند يوم الثلاثاء، فإن فرنسا «نجحت» في تضمين الاتفاق مطالبها الثلاثة. وأمس، أقر البرلمان الفرنسي الاتفاق من غير صعوبة تذكر وينتظر أن يعمد الاتحاد الأوروبي إلى إقراره بدوره في الأيام القليلة القادمة.

في المقابلة الصحافية المذكورة، أعلن فابيوس أنه قال لظريف إنه سيذهب إلى إيران و«لذا سأذهب إلى إيران».

ليس سرا أن الوزير الفرنسي هو صاحب مبدأ «الدبلوماسية الاقتصادية» التي تعني وضع قدرات الدولة وسياستها ودبلوماسيتها في خدمة مؤسساتها وشركاتها لعقد شراكات اقتصادية والحصول على عقود وزيادة المبادلات التجارية وكل ذلك مسخر لخدمة الاقتصاد الفرنسي الذي بدأ بالتعافي مع توقع نسبة نمو من نحو 1.5 في المائة للعام الجاري.

وعندما يسأل الفرنسيون، مسؤولين وغير مسؤولين عن سبب «الاستعجال» في الانفتاح على إيران فإن جوابهم يأتي قاطعا: نحن تأخرنا والأميركيون سبقونا إلى طهران. فضلا عن ذلك، فإن بعض المعارضة الفرنسية ورجال المال والأعمال كانوا ينتقدون الرئيس هولاند والحكومة الفرنسية لأنها «وضعت كل البيض في سلة واحدة» هي سلة مجلس التعاون الخليجي والمملكة السعودية على وجه الخصوص.

ومأخذهم أن المواقف السياسية من شأنها الإضرار «مستقبلا» بالشركات الفرنسية التي سترغب في الوصول إلى السوق الإيرانية والاستفادة مما تقدمه من فرص واعدة صناعيا وتجاريا واستثماريا ناهيك عن العودة القطاع النفط والغاز الإيرانيين حيث تمثل إيران ثالث احتياطي عالمي في النفط وثاني احتياطي في الغاز.

في الأسابيع والأشهر الأخيرة، كان المسؤولون الفرنسيون يدأبون على انتقاد إيران بسبب سياستها الإقليمية التي تتسبب في الكثير من التوترات في المنطقة ومنها توفير الدعم المطلق للرئيس السوري بشار الأسد ونظامه ووقوفها وراء حزب الله اللبناني وتحريكها الحوثيين في اليمن والمس باستقرار وأمن الخليج. ولذا، فإن مصادر دبلوماسية عربية وأجنبية في العاصمة الفرنسية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» تتساءل عما إذا كانت باريس «ستتناسى» هذه الانتقادات وستسعى إلى «طمس» مواقفها «النووية» المتشددة طمعا بالعقود البراقة أم أنها ستوظف «الانفتاح» الجديد على طهران من أجل حملها على التزام مواقف أكثر اعتدالا و«تجنيدها» للعب دور إيجابي من شأنه «تبريد» النزاعات المستفحلة والتهيئة لحلول سياسية مقبولة؟

خلال المقابلة التقليدية التي يجريها كل عام بمناسبة العيد الوطني الفرنسي، كان لافتا أن الرئيس هولاند طلب من طهران بشكل شبه مباشر مساعدتها من أجل إيجاد حل للحرب في سوريا. ويبدو أن الرهان الفرنسي، وفق أحد الدبلوماسيين الغربيين، يقوم على اعتبار أن إعادة إدخال إيران في الدورة الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية الدولية ووضعها مجددا على خريطة الاستثمارات العالمية من شأنه دفعها إلى انتهاج أسلوب «معتدل» وليس الاستمرار في «تأجيج النزاعات أو افتعالها».

وخلال الأشهر الماضية، قام مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو بعدة زيارات إلى طهران للبحث في الملف اللبناني بشكل أساسي وأيضا الملف السوري. لكن جهوده لم تفض إلى أي نتيجة ملموسة رغم «الإشارات» التي أرسلها الطرف الإيراني حول الحاجة إلى «تحصين» لبنان وانتخاب رئيس للجمهورية. أما بشأن الرئيس الأسد، فإن دبلوماسيين فرنسيين يؤكدون أن أي «إشارة» لم تصدر عن طهران لجهة خفض الدعم للأسد ونظامه وأنهم لا يتوقعون تغييرا بهذا الشأن أقله على المدى القريب.

واضح من استعجال الوزير الفرنسي في التوجه إلى طهران ولكن أيضا من كلمة الرئيس الأميركي أول من أمس أن الغربيين يراهنون على التعاون مع إيران لما بعد الاتفاق وليس على التصادم معها وفق إحدى الفرضيات التي كانت تقول إن الغرب «سيتحرر من أي قيود للتعامل المتشدد مع إيران حال التوقيع على الاتفاق النووي». وفي الكفة المقابلة للفرضية الأخيرة، ردد الغربيون أن التفاوض مع طهران محصور فقط بالملف النووي ولا خلط بينه وبين الملفات الإقليمية الساخنة «حتى لا يفتح الباب أمام طهران للمزايدة أو الابتزاز». أما الآن وقد تم تجاوز الملف النووي، فإن سؤالين يطرحان بقوة: الأول، هل يعني التوصل إلى اتفاق من جهة ورغبة الغرب، من جهة أخرى، بالتعاون مع طهران وليس الاصطدام بها أنه «سيغض الطرف» عن السياسات الإيرانية الإقليمية التي كان ينتقدها على الدوام وبشدة؟ والثاني، هل ستعمد طهران إلى ملاقاة الغرب في منتصف الطريق أم أن «الانتصار» الذي تقول وسائل إعلامها إنها حققته من خلال الاتفاق النووي سيدفعها إلى مزيد من التدخل والتشدد واستخدام الموارد المالية التي سيفرج عنها من أجل زيادة تدخلها؟

لا أجوبة حتى الآن. لكن الثابت أن الشركات الغربية ومنها الفرنسية «مستعجلة» للعودة إلى إيران وعلى رأسها شركات كبرى مثل «توتال» النفطية و«أنجي» (شركة غاز فرنسا سابقا) و«ألستوم» (قطارات، مترو...) و«رينو» و«بيجو» (سيارات) و«دانون» (مأكولات ومشتقات الحليب) وغيرها من الشركات الكبرى تريد ألا يفوتها القطار وتسرع الخطى لاستعادة مواقعها السابقة في هذا البلد المتشكل من نحو ثمانين مليون نسمة وحيث حاجاته الاستثمارية والصناعية والتجارية كبيرة للغاية. ولذا، فإن الوزير فابيوس سيكون على الأرجح من أوائل الواصلين.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 7:26 ص

      الغرب يتسابق وظريف في قطر وعمان

      واول دوله بالخليج هي الامارات وبعدها قطروعمان والكويت اما الدولتين الباقيتين ماعندهم من يهندس الاقتصاد الا بشراء الذمم والاسلحه دام حتي الطيران منعوه بالسابق

    • زائر 4 | 5:01 ص

      الف مبروك هذا الانتصار

      رفعتم الراس في رضوخ الغرب لبرنامجكم السلمي

    • زائر 2 | 4:01 ص

      ايه ايه

      تحت الماء إني اغرق اغرق

اقرأ ايضاً