العدد 4716 - الأربعاء 05 أغسطس 2015م الموافق 20 شوال 1436هـ

الخطر عربي وليس إيرانياً

أنس زاهد

كاتب سعودي

قرأت مئات المقالات عن المشروع الإيراني في المنطقة، وعن خطر المشروع الإيراني على المنطقة، وعن التهديد الذي يمثله المشروع الإيراني للمنطقة، لكنني لم أستفد شيئا يذكر من كل تلك المقالات.

آلاف المقالات التي تحدثت عن المشروع الإيراني والتي لم تتوقف أو تهدأ منذ سقوط العراق في يد الأميركيين، لا يمكن أن تؤخذ مأخذ الجد، ليس فقط بسبب خلو الأغلبية الساحقة منها من أية إشارة للمشاريع الأخرى في المنطقة، كالمشروع الصهيوني والمشروع الأميركي والمشروع التركي.. ولكن أيضا لأن هذه المقالات لم تتحدث ولو ضمنا عن غياب المشروع العربي!

إن المشاريع الخارجية التي تهدف إلى الهيمنة على المنطقة، لم يكن لها أن تستقطب دولنا وشعوبنا، لولا خلو الساحة من مشروع عربي يمثل آمال وطموحات شعوب المنطقة. هذه هي نقطة الانطلاق التي يجب أن نبدأ منها عند دراسة وتحليل المشاريع الخارجية التي تستهدف المنطقة... وأية نقطة انطلاق أخرى ستكون عديمة الجدوى لأنها لن توصلنا إلى أي مكان.

هذا الفراغ الاستراتيجي والسياسي، من الطبيعي أن يجتذب القوى المؤهلة لملئه. هذا قانون معروف في علم السياسة: المناطق التي تعاني من حالة فراغ استراتيجي وسياسي وتفتقر إلى الرؤى، هي تماما مثل الحقل المغناطيسي، حيث تعمل قوة الجذب المهولة على استدراج كل ما يقع خارج دائرة ذلك الحقل.

مشكلتنا أننا أمة بلا مشروع.

هذه هي المشكلة الحقيقية، أما وجود كل هذا الكم من المشاريع الخارجية التي تستهدف استقطابنا أو الهيمنة على قرارنا وثرواتنا، فهي مجرد عرض للمرض الذي نعاني منه.

هناك أزمة عميقة على صعيد الفكر والتخطيط الاستراتيجيين، وحالة الفراغ التي نعاني منها على الصعيد السياسي، هي نتيجة مباشرة لهذه الأزمة. هذه الأزمة التي ولدت حالة الفراغ التي نعيش في ظلها، هي نتيجة لغياب الرؤى الذاتية.. وهو أخطر ما يمكن أن تتعرض له أمة من الأمم.. فغياب الرؤى السياسية والاستراتيجية بالنسبة للأمم، يساوي إصابة الفرد بالعمى.. والأعمى بالتأكيد لا يستطيع أن يقود نفسه.

افتقارنا للرؤى الذاتية ليس هو المشكلة.. المشكلة الحقيقية تتمثل في قبولنا بهذا الواقع، واستسلامنا لحالة العمى التي فرضناها على أنفسنا. ومن هنا تجد أن العربي -أقصد النخب- لا يتورع في التعبير عن ولائه للمشروع الأميركي وحتى الصهيوني، مقابل من لا يجد حرجا في المجاهرة بولائه للمشروع الإيراني أو التركي!

إن الجهل بحقائق التاريخ والجغرافيا، إضافة إلى العلاقة السطحية مع الشخصية الحضارية للمنطقة، هو أحد أهم أسباب إصابتنا بحالة العمى الاستراتيجي والفراغ السياسي. وحدها التجربة الناصرية رغم كل ما صاحبها من أخطاء وصلت أحيانا حد الخطايا، هي التي انطلقت من إدراك عميق لحقائق التاريخ والجغرافيا، بل ووصلت إلى مرحلة عظيمة من الانسجام مع شخصية المنطقة الحضارية.

لقد قام المشروع الناصري في البداية بالإجابة عن سؤال: من نحن؟.. وهو سؤال يستتبع بالضرورة عددا من الأسئلة الأخرى التي لا تقل أهمية، مثل: ماذا نريد؟.. وما هي إمكاناتنا؟.. وما هي العقبات التي يجب أن نتخطاها لتحقيق ما نريد؟

لقد مضى المشروع الناصري في تجسيد رؤاه بشكل عملي. وحتى بعد الانتكاسة الخطيرة التي تعرضت لها التجربة في العام 67، فإن القليل من الصبر والصلابة كانا كفيلين بإيصال العرب إلى ما يفوق ما وصلت إليه إيران اليوم.

المشكلة أن السادات سعى إلى وأد التجربة الناصرية دون أن يقدم بديلا سوى الارتماء في أحضان أميركا. ولقد كانت النتيجة خضوع المنطقة شيئا فشيئا، لحالة من الفراغ السياسي والاستراتيجي، أدت إلى استسلامنا أمام المشاريع الخارجية التي تهدف إلى الهيمنة على قرارنا وثرواتنا.

الخطر الحقيقي لا يتمثل في المشاريع الخارجية، بل في غياب المشروع الذاتي. هذا هو ما أوصلنا إلى مرحلة داعش.

إقرأ أيضا لـ "أنس زاهد"

العدد 4716 - الأربعاء 05 أغسطس 2015م الموافق 20 شوال 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 7:48 ص

      رد على زائر 2

      تعرف انه ايران ببركة الثورة والنصر الي حصل للشعب الحين هو مرتاح بقيادة اسلاميه توالي اهل البيت عليهم السلام اما عن انتاج البترول الذي قل لانه العالم كله ضد ايران ووقفوا كلهم ضد ايران ايام الحرب العراقيه الايرانيه والى الحين يحاربون ايران لانها تطالب بسلام الاوطان عن القتل والارهاب وانه ايران خلال 30 سنه ازدهرت انصحك ان تدهب الي ايران وبعدين احكم الله يهديك

    • زائر 23 زائر 22 | 9:02 ص

      روح شوف بيوت الطين في إيران أول

      ازدهرت طل ... شكلك ما رحت إلا مشهد و مصدق إن إيران جنة!

    • زائر 24 زائر 22 | 9:13 ص

      إيران تخاف من تويتر و فيسبوك ... دولة تتفاخر بأسلحتها كل يوم!

      ليش في إيران ممنوع الستلايت؟
      ليش في إيران محجوب الفيسبوك و تويتر و حتى اليوتوب أحيانا
      هل لهذه الدرجة النظام الإيراني يخاف من أن ينقلب عليه الشباب و يتمرد؟
      لا تبوق لا تخاف! و لكن النظام الإيراني يعرف أنه فاشل و لا يستطيع الإستمرار إلا بالقمع.

    • زائر 25 زائر 22 | 11:27 ص

      إلى زائر 23

      الي يسمعك يقول الدول العربيه ماتسجن
      أحد على كلمه في التويتر ،هذا نبيل رجب اكله سنتين في السجن.

    • زائر 20 | 6:33 ص

      نفخ إيران على الفاضي!

      الغرب دائما ينفخ أعداءه و يصورهم على أنهم شيء عظيم ... فعلوا ذات الشيء مع الإتحاد السوفييتي ... و الإتحاد السوفييتي كان منهار و متآكل من الداخل و بمجرد تراجع أسعار النفط في الثمانيينات انهار النظام الحديدي!
      إيران ليس لديها مشروع لأن مشروعها فاشل ... قارن بين دولتين تركيا و إيران ... إيران غنية بالنفط و الغاز و تركيا ليس عندها أي نفط أو غاز ... كلا الدولتين تعداد سكانهما يقارب 80 مليون نسمة .. و لكن هنا المفارقة العجيبة .. اقتصاد تركيا يبلغ 752 مليار بينما الإقتصاد الإيراني 393 مليار دولار.

    • زائر 19 | 6:18 ص

      ابو حسين

      فعلا هذ وهو الواقع مع كل اسى واسف الاستاذ الفاضل يتكلم عن غياب المشروع
      عربي وبعض الاخوة الافاضل تحركهم الطائفية المقية والعنصرية ويتكلم عن انتصارات
      الوهم الكبير بماذا تحققها هل بتكفر الناس واباحت دماهم واموالهم وبيع نساءهم
      بالمفخخات والتفجيرات في اماكن العبادة والاسواق العامة العالم وصل الى قمت
      التقدم في مجالات العلم وهولا يبحثون عن امجاد موجود في الكتب وهم خارج
      هذا العصر

    • زائر 16 | 4:10 ص

      المشكلة

      ان العرب يفكرون هم بس طائفتهم يبغون يحكمون العالم اللأسلامي داعش أكبر خطرعلا العالم العربي وهم أغلبهم عرب وتمركزهم وتهديدهم للدول العربية اصبح واضح وهم ماعدهم ال ايران

    • زائر 14 | 3:51 ص

      استاذ زاهد

      بما ان مقالك يلمس الجرح ويقول الحقيقة .. تفضل شوف رد العنصريين والذين لا يريدون احد ان يتكلم بما أشرت اليه في مقالك !!

    • زائر 13 | 3:48 ص

      ايران

      التطور اذهل الامريكان والاوروبين جعلهم في عجله لابرام الاتفاق الانووي لبرم الاتفاقات الاقتصاديه بالملاين وايران ان عاجلا اواجلا ستصبح من الدول العملاقه او شبه العملاقه في زمن لا يرحم من جعل نفسه صغير ومستهلك قزم

    • زائر 21 زائر 13 | 6:54 ص

      تفضل هذا واحد مغسول دماغه

      تطور ايش يا ابني؟ النووي؟ زين كوريا الشمالية عندها نووي و شعبها ميت جوع .... باكستان عندها نووي و هم من أفقر الدول ... تطور قال!

    • زائر 12 | 2:31 ص

      الخطر عربي وليسي ايرانيا

      صباح الخير ( كوكم ) الخطر ليسي من ايران الخطر بالفعل من دول اقليميه والتي بايعت داعش مغتصب قاتل فاعل هو بالفعل الخطر الأكبر احتلاله سوريا ونصف العراق ولكن من الذي أوصل المدعشين الى احتلال مدن كبري وبث الفساد وقتل الأبرياء وتشريد آلاف الأشخاص الفقراء كل من صنع الدول الداعمة ولكن ايران هي الوحيدة التي وقفت ومازالو ضد المتشرذمين

    • زائر 11 | 2:15 ص

      مشروعنا

      الأمّة العربية متعطشة لهذا المشروع الذاتي، وهي مهيّئة له تماماً، لكن الدول التي ترفع علم امريكا واسرائيل هي التي تمنع هذه الأمّة من تحقيق آمالها وتطلعاتها

    • زائر 9 | 1:41 ص

      أحسنت أستاذ الخطر عربي وليس إيراني لمن له عقل يفكر

      والله اصبحت إيران نستخدمها للنكت أي شئ يصير في البلد نقول على طول سببه إيران سواء بطالة تجنيس فساد

    • زائر 8 | 1:39 ص

      الأنظمة العربية تعلق جميع أخطائها الداخلية على إيران هذا ماصرح به امس السفير الأمريكي السابق في الرياض

      تخشى مطالبات الشعوب ومعرفتهم حقوقهم فتعلق كل شاردة وواردة على إيران شماعة تنقذ نفسها بها وبالتالي يزداد العداء لأطراف معينة تضمن به بقائها

    • زائر 6 | 12:37 ص

      ايران

      العداء مع ايران قديم و ازلي فنحن اعداء منذ يوم ذي قار و القادسية و باذن الله سنعيد امجاد ذي قار و القادسية لان الإيرانيين هم اول اعداء العروبة و الاسلام العربي الأصيل الخالي من الخزعبلات و الدجل

    • زائر 17 زائر 6 | 5:33 ص

      الحمد لله والشكر

      العالم وصل لأبعد من المريخ وهذا للحين عايش على أطلال ذي قار والقادسية ... عزة الله فلحنا

    • زائر 18 زائر 6 | 5:51 ص

      عجبتني

      عجبتني الخزعبلات والدجل...ينغز ينغز الشفت

    • زائر 4 | 12:07 ص

      رائع

      مقال رائع لكنه لا يصلح للشعوب الخليجية التي تساق من الحكومات كما تساق ...فبمجرد يحصل انفتاح بين ايران وحكومات الخليج يبدأ المغفلون بقراءة مقالك من جديد

    • زائر 27 زائر 4 | 11:42 ص

      شكراً

      أشكرك على هذا الرد

    • زائر 2 | 11:59 م

      يا أستاذ زاهد أحنه نبي نسكر الباب و انت تبي تفتحه!

      أي مشروع إيراني أو أي مشروع عربي و أي مشروع خربوطي ... عنبر أخو بلال ... يعني انت عاجبك المشروع الإيراني؟ ... لعلمك يا أستاذ إيران بلد نفخه الإعلام العربي و الغربي لأسباب لا مجال لذكرها ... إيران يا عزيزي انهارت بعد حكم رجال الدين و تخلفت ... كانت تنتج قبل 1979 6 ملايين برميل نفط يوميا ... الآن هي تنتج فقط 3.5 برميل فقط! في إيران تتعمد السلطات تخفيض سرعة النت لأنها تخاف من الشباب أن يتمرد ... إيران من البلدان القليلة التي تحجب فيسبوك و تويتر! هذه الدولة تخاف من تويتر تصور!

    • زائر 1 | 10:33 م

      اذاً اين الخطر

      عزيزي الكاتب اين الخطر ومن من تاتينا المخاطر لقد وقفنا ضد ايران وساند حكامنا في الخليج واكثر بلدان العالم بالقضاء على الثورة الوليدة وخفنا وخوفونا من هذة الثورة ولكن وبعد هذا الزمن والمدة الطويلة الم يتضح اين الخطرومن من لماذا لم نتعظ ونمد يدنا الى الجاره ايران ونعيش حياة آمنة الم يقل وزير خارجيتها الجار قبل الدار لنمد يدنا معهم لنعرف اين الخطر

اقرأ ايضاً