العدد 4728 - الإثنين 17 أغسطس 2015م الموافق 03 ذي القعدة 1436هـ

"بحر الجليد" معلم سياحي بارز في جبال الالب الفرنسية مهدد بفعل الاحترار المناخي

بات بلوغ "بحر الجليد" عند قمة مون بلان يتطلب نزول عشرات الأمتار من السلالم، في شاهد صارخ على التأثير الخطير لظاهرة الاحترار المناخي التي ينجم عنها ذوبان سريع لاكبر المثلجات في فرنسا.

فمن محطة مونتنفير الواقعة على ارتفاع 1913 مترا، يجب بداية استقلال تلفريك للنزول الى المستوى الذي كان النهر الجليدي موجودا فيه سنة 1946.

ومنذ ذلك التاريخ يحفر سنويا كهف "بحر الجليد" وهو مقصد سياحي يشمل عروضا بالصوت والضوء ونقوشا جليدية ويجذب 350 الف سائح سنويا.

ويكشف جان ماري كلاريه مشغل هذا الموقع منذ سنة 1971 أن المنطقة تشهد منذ بضع سنوات "ظاهرة جديدة تتمثل في أن الناس يأتون الى هنا لمعاينة آثار الاحترار المناخي".

وعند الخروج من التلفريك، ثمة سلالم طويلة تمتد على طول المنحدر المصنوع من الغرانيت.

وبعد التقدم خطوات قليلة، تظهر لافتة مكتوب عليها "مستوى النهر الجليدي سنة 1985".

هنا يتعين على الزوار الانحناء قليلا لرؤية الجليد على بعد حوالى مئة متر نزولا اذ بات من شبه المتعذر رؤيته جراء اكوام الصخور الرمادية التي يحملها الجليد سنة بعد سنة.

ويظهر التباين جليا عند مقارنة الموقع في وضعه الحالي مع الصور الملتقطة عنه في ستينات القرن الماضي عندما كانت موجات الجليد الازرق الفيروزي وكأنها تلامس قاعدة مقصورات التلفريك.

وبعد خمس خطوات نزولا يمكن الوصول الى مستوى العام 1990. من ثم تتواصل عملية النزول على وقع التبدلات الناجمة عن ذوبان النهر الجليدي الذي بدأ بالتسارع في العقد الأول من القرن الحالي.

وبعد اللوحة الاخيرة الخاصة بمستوى سنة 2010، يتعين النزول 70 خطوة اضافية قبل الدوس على الجليد.

ويروي جان ماري كلاريه "أننا كنا نضطر في مرحلة معينة الى اضافة 15 الى 20 خطوة سلالم سنويا".

وقد شهد "بحر الجليد" وهو اكبر مثلجات قمة مون بلان بمساحة تبلغ 32 كيلومترا مربعا، تراجعا في سماكته على مستوى الرأس بين اربعة وخمسة امتار سنويا بين عامي 2003 و2012، بحسب دراسة حديثة صادرة عن مختبر علم الجليد في مدينة غرونوبل الفرنسية ومختبر الدراسات الفضائية للجيوفيزياء وعلم المحيطات في تولوز.

وفي مطلع القرن التاسع عشر، كان هذا النهر الجليدي الضخم الذي يتغير اسمه على طول مساره ينزل حتى منطقة في وادي شاموني بات يتعذر حاليا رؤيته منها. فقد تراجع مستوى الجليد اكثر من كيلومترين منذ سنة 1850 وبات مخفيا خلف منحدر ضخم.

وبعد اندفاعة جليدية قوية بين خمسينات وسبعينات القرن الماضي، بدأ ذوبان الجليد حقيقة سنة 1983.

ومنذ ذلك التاريخ، يشهد "بحر الجليد" تراجعا سنويا في حجم كتلته مع استثناءات نادرة.

وهذا التراجع بحسب الخبراء ليس عائدا الى تراجع في منسوب المتساقطات التي لم تشهد تبدلا كبيرا في السنوات الاربعين الاخيرة.

وكميات الثلج التي تتساقط على الموقع عند مركز النهر الجليدي الواقع على علو حوالى اربعة الاف متر لا تزال تزوده بكمية كافية.

ويشير اخصائي علم الجليد كريستيان فنسان الى ان "وتيرة الذوبان هي التي سجلت ارتفاعا كبيرا" نظرا الى ان "درجات الحرارة خلال الصيف شهدت خلال السنوات الثلاثين الاخيرة ارتفاعا بواقع 1,5 درجة مئوية" عند قمة مون بلان.

وتجري حاليا دراسة مشروع اقامة تلفريك للسماح للزوار بالصعود الى مستوى اعلى في النهر الجليدي الى موقع يتوقع ان يصمد الجليد فيه لثلاثة عقود اضافية.

ويشير ماتيو دوشافان المدير العام لشركة مون بلان الى ان "الناس يريدون حقا رؤية الجليد مع أن البعض يشعرون بخيبة امل او الغضب عند المقارنة مع الوضع قبل ثلاثين عاما".

كما أن كهف الجليد نفسه سيتم نقله الى موقع آخر، اضافة الى مشروع لانشاء مركز كبير للدراسات بشأن المناخ والمثلجات بمساحة 400 متر مربع من المتوقع ان يبصر النور بين عامي 2018 و2019.

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً