العدد 4735 - الإثنين 24 أغسطس 2015م الموافق 10 ذي القعدة 1436هـ

طلعت ريحتكم... موجة الغضب الثانية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد شهر من انطلاق غضبة الشارع العراقي ضد ائتلاف الأحزاب الحاكمة الفاسدة في العراق، نزل آلاف اللبنانيين إلى شوارع بيروت للاحتجاج على طبقتهم الحزبية الفاسدة أيضاً.

إنها بدايات الموجة الثانية التي تضرب سواحل المنطقة، بعدما تكسّرت الموجة الأولى من الربيع العربي، في عدد من العواصم العربية العصيّة على التغيير. فقد انتهت الموجة الأولى بعودة القوى القديمة، لتمسك مجدداً بزمام الأمور في بعضها، بينما غصت السجون في بعضها الآخر بآلاف المواطنين المطالبين بالتغيير، وامتلأ البحر بقوارب اللاجئين الهاربين من الجحيم.

هذان البلدان، لبنان والعراق، يتمتعان بنظام ديمقراطي، يسمح للناس بـ «إعادة» انتخاب النخبة الحاكمة من مختلف الطوائف، وبالتالي إعادة إنتاج المحسوبية والطائفية ومراكمة الفساد. والغضب الشديد الذي حرّك الجماهير في البلدين يكشف مقدار كراهية الناس للأحزاب ومن يمثلها من سياسيين، حيث أصبحوا رموزاً للجشع والنهب والاستئثار واقتسام الغنائم التي يتيحها النظام السياسي المتخلف.

الموجة الأولى من الربيع العربي، كان محرّكها الأمل بالتغيير السياسي، أما الموجة الثانية التي نشهد بداياتها، فتوجهت نحو أهداف أكثر تحديداً، ومباشرة، والتصاقاً بالمعاناة اليومية والهمّ المعيشي. ففي بغداد كانت الشعارات ضد «الطبقة الحاكمة» تتمحور حول نقص الكهرباء، وهي قضيةٌ تضغط على أعصاب الناس، في ظل أجواء حرارة غير مسبوقة. فلسان حال المواطن البسيط: «تركناكم تعبثون وتنهبون وتتقاسمون المال العام بينكم وتعيشون في القصور، وسلّمتم ثلث الأرض لأوباش (داعش)، وتركتمونا في الأكواخ وبيوت الطين، حتى الكهرباء فشلتم في توفيرها أيها الأوغاد».

أما في لبنان، هذا البلد الجميل، فلم يتوقع «ائتلاف الأحزاب الحاكمة» أن يأتيه الغضب بسبب الزبالة. وهي إهانةٌ لكرامة شعبٍ، يحرص الفقير فيه على زرع مدخل بيته بالزهور والنباتات، فإذا به يصحو على أكوامٍ متراكمةٍ من النفايات في شوارع عاصمته. هذه الغضبة انعكست على حدّة الشعارات التي رفعوها في احتجاجات اليومين الماضيين، حيث اتخذت الحملة شعار «طلعت ريحتكم»، ووصف الكثيرون الحكومة بحكومة الزبالة، وعبّروا جهاراً عن رغبتهم في كنسها، بل إن شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» أخذ يتردّد لأول مرةٍ في بيروت.

استخدام مسيل الدموع على نطاق واسع في اليوم الأول في مواجهة حركة شبابية سلمية، إلى جانب الرصاص الحي، أجّج غضب المتظاهرين، وولّد ردود فعل ضد قوات الأمن، وهو ما دفع وزير الداخلية ليعِدَ بالتحقيق. بل إن أحد ثعالب السياسة اللبنانية، وليد جنبلاط، دعا الوزير نفسه للرحيل! وحين ظهر رئيس الوزراء تمام سلام، توعّد بمحاسبة المسئولين عن ذلك!

نقف هنا لنسجّل هذه الظاهرة الجديدة، فكما حدث في العراق قبل أسابيع، أعلنت كل الصحف والقنوات والسياسيون الفاسدون وقوفهم مع الشباب الذين خرجوا ضدهم! فلم نسمع أحداً يصرّح ضد ثورة الكهرباء في العراق، ولم نسمع أحداً يناوئ الثورة ضد الزبالة، التي تسبّبوا فيها جميعاً، كسياسيين وأحزاب متنفذة ومتواطئة على حفظ المصالح المتبادلة.

الشباب اللبناني الذي أوقف حراكه مؤقتاً أمس، بسبب ما شابها من أعمال عنف، اختار يوم (22) يوليو، وهو حاصل جمع (8 و14) آذار، للدلالة على أنهم كفروا بالأحزاب والقوى الراهنة. لقد أعلنوا بحركتهم أنهم خارجون على هذه التركيبة السياسية التي فشلت في التخلص من الزبالة. لقد أوصلوا رسالتهم لساستهم بوضوح تام، حتى اضطر رئيس الحكومة أن يستخدم مصطلحهم نفسه في توصيف الحال بأنه «نفايات سياسية»، ولكنه سها عن أنه يجلس فوق تلّة النفايات.

إنه التحدّي الأكبر القادم، فالشعوب العربية كفرت بالأوضاع الفاسدة الراكدة، بعد أن تم تعويم قضاياها وإنزالها من طلب الحريات والكرامة والنظام الديمقراطي العادل الذي يحفظ حقوق الشعب... إلى مناقشة التخلص من الزبالة وسعر كيلو اللحم وانقطاع الكهرباء والماء. وهي أمورٌ لن تعطي أحداً بعد اليوم، فرصةً لاتهام الشعوب بالطائفية أو الارتباط بالأجندات الأجنبية!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4735 - الإثنين 24 أغسطس 2015م الموافق 10 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 26 | 5:10 م

      شكلنا وراهم

      رفع الدعم عن الشعب.. يخلي الكل يتوحد ضد حقوقه ومنجزاته.

    • زائر 24 | 1:54 م

      هذه هي الموجة الثانية

      ولكن هل ستقتصر عل العراق ولبنان؟ ام انه من حلقت لحية جاره فليسكب الماء على لحيته؟

    • زائر 19 | 4:30 ص

      الأحزاب الطائفية هي سبب بلاء العراق ولبنان

      المنطقة كلها تعوم في مستنقع الطائفية والفتنة

    • زائر 18 | 4:06 ص

      قطعت شوطا

      كل من العراق ولبنان صوت الناخب صوت حقيقي ومسئول فهل لنا ان نطالب بإقالة النواب بعد الأداء المخجل امام تراجع الوضع الاقتصادي او البطالة او ملفات متفقوا وزارة التربية او التعذيب في السجون او الأحكام طبعا لا

    • زائر 14 | 2:57 ص

      يجب القضاء على مليشيا حزب الله أولا

      خطة الطريق التي وضعتها إدارة أوباما لضرب حزب الله بداعش و النصرة هي فكرة خلاقة و مبدعة .. اضرب عصفورين بحجر.
      بعدها يمكن لكل الأطياف اللبنانية سواء كانت مسيحية أو شيعية أو سنية أن تعيش في حب و وئام .... وجود تنظيم مسلح إلى جانب الدولة تهديد لديمقراطية لبنان.
      و لا أحد يلوع جبدي بفيلم المقاومة ... جهزوا أنفسكم ... إسرائيل داخلة على الخط و السلام بين العرب و اليهود قادم لا محالة. و كل التنظيمات الإرهابية سيتم القضاء عليها.

    • زائر 17 زائر 14 | 4:02 ص

      اصحاب الفكر الإلغائي

      هم اخطر الناس وهم من يدفعون دائماً باتجاه التأزيم لأنهم لا يعيشون الا في الماء العكر ولا يقتاتون الا على الأزمات فعلى الحكومات اللتي تريد النهوض بوطنها ان تلجم اصحاب هذا الفكر وتصلحهم بايداعهم بالمصحات النفسيه ليتخلص الناس من شرور هم .

    • زائر 12 | 2:44 ص

      بوعلي

      الفساد في العراق استفحل اكثر بعد سقوط صدام حسين

    • زائر 22 زائر 12 | 7:21 ص

      زائر 12 بوعلي

      استشره وزاااد
      صدام على مساؤوه والعلل لي فيه
      ما سوه في العراق جدي
      وش هالحاااله

    • زائر 11 | 2:19 ص

      في الأمر إن

      مشاريع الإصلاح في الوطن العربي دائما تجد من يقف في وجهها بثورات مضاده وكأن هناك من لا يريد الخير لهذه الامه وأهلها ولا ندري من يقف وراء ذلك بعلم اوبغير علم والله العالم.

    • زائر 10 | 2:07 ص

      ويلاه

      كله ايران السبب ساحره العالم هذا ابسط شيء لرد على اي تحرك في جنة عدن وكانه لحم او البترول اكثر هم الشعب اكثر همهم هو التجنيس لي بدمرالبلد

    • زائر 9 | 1:28 ص

      هذه دول لا يمكن

      اصلاحها بلدان تشبعت بالطائفيه السياسية والمحاصصه لا حسب الكفاءه ولا مجال للاصلاح لان الذي سيصلح سيواجه باجهزه مهترئه ينخرها الفساد
      نحن لا نرضى بان تسيطر فئه من طائفه واحده وهي غير كفوئه ولكن تسيطر بكفائتها وعدالتها
      او ان يكون الحكم بالتناوب بين الطوائف حتى يستطيع الشعب ان يميز بين الخبيث من والطيب

    • زائر 7 | 1:11 ص

      الفرق بين الحلم والواقع

      هناك ازمة في الافق..في مجالات مختلفة الاقتصادية و الاجتماعبة وحتى الامنية بسبب ضعف الرؤىا المستقبلية ..حتى شعار البحرين 2030 عرضة للنكسات !! النظرة العامة اننا دولة نفطية وفى نفس الوقت تعتمد على المعونات الخارجية والمساعدات ..فخطوة رفع الدعم هى البداية ..ان حل هذه الاشكالية ليس مستحيلال ولطنه ينحصر في متخذي القرار الذين ينظرون الى الشكل وليس الجوهر ولعل اعتماد الدولة 80%على النفط ..اصل المشكلة و الاشكالية الاساسية المهمة هى زيادة وتيرة الفساد وضعف العدالة و المحاسبة

    • زائر 6 | 1:01 ص

      في بلدنا

      المشكلة مغايرة تماما فالزبالة استخدمت اول الامر والكهرباء يشكل اخر حيث اعطي اناس مكرمة وترك الاخر حيث لايزالون ينتظرون دزرهم ولكن نوعا ما الناس في امان لكن المسئلة الواضحة هو تقديم الاجنبي حيث صارت القدرة الشرائيه للاجنبي عالية جدا والبحريني متدنيه للغاية هناك وضع مسنود وليس فيه لف ولادوران المال يخرج للحارج ودورة المال غير طبيعيةمما يسبب عوار للمواطن في اخر المطاف

    • زائر 5 | 12:40 ص

      القفز في المجهول

      من مشي مشية تييه ونسى ما كان فيه
      سوف يأتيه زمان يتمنى الموت فيه

    • زائر 3 | 11:13 م

      لبنان

      ان شاء الله يتغير الحال في لبنا الجميلة سابقا والتي لم تعرف الطائفية من قبل الا من بعد ما سيطر ثعالب السياسة اللبنانية على معظم الشعب وسلبوا ارادتهم باسم الاحزاب اليوم تحرك احد ثعالب السياسة اللبناية وليد جنبلاط وغدا تاتي البقية امثال ميشيل عون و وشكرا

    • زائر 1 | 9:46 م

      فبعد انخفاض النفط الى درجات قياسيه و ايضا تمرير الكونغرس الامريكي قرارا بتصدير النفط لاول مره منذ 40 عاما .. يعني اننا و خصوصا دول الخليج ستشهد تضخم غير مسبوق في الاسعار خصوصا في السلع الاولية ، و ما يحدث في البحرين كمثال من رفع الدعم او ربما اقرار القيمه المضافه يعني انحدار كبير في المستوى المعيشي خصوصا على دولة تستورد غالبيه حاجات الشعب اليوميه من الخارج .. توقعاتي قبل نهاية هذا العام انهيار لاسعار الاراضي و البيوت و المحلات التجارية خصوصا انها ستعاني ايضا من رفع دعم الكهرباء

اقرأ ايضاً