العدد 4738 - الخميس 27 أغسطس 2015م الموافق 13 ذي القعدة 1436هـ

البورصات الآسيوية تستعيد أنفاسها لكن الصين مازالت مصدر قلق

استعادت البورصات الآسيوية أنفاسها أمس مع الارتفاع الكبير الذي سجلته بورصة وول ستريت، لكن هذه العودة للهدوء تبدو هشة في أسواق مازالت تخشى المخاطر المرتبطة بتباطؤ الاقتصاد الصيني.

فبعد انخفاضها حوالي 8 في المئة الاثنين ثم الثلثاء لتجر معها أسواق المال في العالم، بدأت بورصة شنغهاي أمس تتحسن وأغلقت على ارتفاع كبير بلغ نسبة 5.34 في المئة في منتصف الجلسة. وفي الوقت نفسه سجلت بورصات سيدني وسيول وطوكيو ارتفاعاً أيضا بينما ربحت بورصة هونغ كونغ أكثر من 3 في المئة حوالي نهاية الجلسة. وفي أوروبا سجلت بورصات باريس وفرانكفورت ولندن ارتفاعاً تجاوزت نسبته 2 في المئة أمس.

ويرى الوسطاء أن ارتفاع البورصات الآسيوية يفسر قبل كل شيء بالتفاؤل الذي أثاره تحسن بورصة نيويورك.

وكان مؤشر داو جونز لبورصة نيويورك أغلق جلسة التداولات يوم أمس الأول على ارتفاع كبير جدا. وقد ربح حوالي 4 في المئة بعد ست جلسات متتالية من الانخفاض وخصوصاً بفضل احتمال إرجاء الاحتياطي الفيدرالي الأميركي زيادة معدلات فائدته الأساسية بسبب الصعوبات الاقتصادية في الصين. وقال المحلل في دار الوساطة جيشانغ سيكيوريتيز لوكالة «فرانس برس» جانغ يانبينغ: إن «التحسن الكبير في نيويورك يساهم إلى حد كبير في دعم السوق». وأضاف أن «معنويات المستثمرين تتحسن لكن ارتفاعا (دائما) سيحتاج إلى بعض الوقت».

لذلك تبقى الأسواق قلقة من ضعف ثاني اقتصاد عالمي، وخطر عدوى من الصين التي تحقق 13 في المئة من إجمالي الناتج العالمي.

واعترف جاسبر لولر، المحلل في دار الوساطة «سي ام سي ماركيتس»، بأن «إحصاءات اقتصادية أميركية متينة ومؤشرات بأن الاحتياطي الفيدرالي لن يرفع معدلات فائدته في سبتمبر/ أيلول وجهود الإنعاش التي قام بها المصرف المركزي الصيني كلها أمور ايجابية». وأضاف «لكن المستثمرين سيبقون قلقين إلى أن تتوقف التقلبات الجنونية للأسعار فعليّاً».

وفي رغبة منه لتهدئة الوضع والبرهنة على تصميمه على إنعاش النشاط الاقتصادي، كشف البنك المركزي الصيني الثلثاء عن خفض جديد لمعدلات فائدته الأساسية وذلك للمرة الخامسة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2014.

وقد خفض أيضًا معدل الاحتياطي الإلزامي للمصارف ما يسمح لها فعليا بمنح مزيد من القروض. وهذا يعني خفض نفقات الإقراض للشركات والأفراد والإدارات. لكن هذه الإجراءات لم تقنع المستثمرين إذ أغلق عدد من البورصات الآسيوية والأوروبية على انخفاض أمس الأول بعد جلسات شهدت تقلبات كبيرة.

ويرى محللون بشكل عام أن هذه القرارات الجديدة لتليين السياسة النقدية مرحب بها، لكنها غير كافية لإنعاش النشاط الاقتصادي والاستثمارات والاستهلاك بشكل دائم، ما لم تتخذ إجراءات إضافية من قبل الحكومة في مجال الإنعاش الميزاني وخفض الضرائب.

وكانت هذه الدولة الآسيوية العملاقة سجلت العام الماضي نسبة نمو بلغت 7,4 في المئة، وهي الدنيا منذ حوالي ربع قرن. وحددت بكين نسبة 7 في المئة هدفا لها في 2015.

ويرى المحللون أن انفجار فقاعة أسواق المال الصينية التي خسرت أكثر من أربعين في المئة منذ منتصف يونيو/ حزيران بعد ارتفاعها 150 في المئة خلال عام، غير مرتبط بوضع الاقتصاد الواقعي. وبمعزل عن سوق شنغهاي، تطرح تساؤلات منذ أمد عن قدرة الصين على مواصلة لعب دورها كقاطرة للنمو العالمي بينما يشهد نموذجها الاقتصادي عملية انتقال مؤلمة.

وبعد عقود من النمو الذي تجاوز عشرة في المئة مدفوعا بالصادرات والنفقات العامة الكبيرة في البنى التحتية، تسود حالة من الضعف مع إنتاج صناعي يعاني من تباطؤ حاد وانكماش قطاع الصناعات اليدوية وهبوط الصادرات وتغير سوق العقارات.

ويؤكد خبراء ان على بكين أن تسعى إلى «إعادة توازن» باتجاه نموذج لنمو متباطىء، لكن أكثر ديمومة عبر تعزيز الاستهلاك الداخلي وتشجيع ازدهار الخدمات والقطاع الخاص وإعادة تنظيم هيئاتها الحكومية غير الفاعلة والدفع باتجاه تحسين الاداء الصناعي.

لكن على رغم إجراءات الدعم المتكررة، تتوالى المؤشرات التي تدل على تراجع في الصين، وهذه الصورة القاتمة المستمرة للوضع في هذا البلد هي التي أدت إلى تراجع البورصات العالمية في الأيام الأخيرة.

والصين تحتل المرتبة الأولى بين الدول المستوردة للسلع وللمواد الأولية، لذلك يمكن أن تتضرر المجموعات الصناعية الغربية والدول المصدرة للمعادن والنفط.

كما أن الخفض الأخير لقيمة اليوان يمكن أن يساهم في الحاق مزيد من الضرر بالطلب الصيني.

العدد 4738 - الخميس 27 أغسطس 2015م الموافق 13 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً