العدد 4744 - الأربعاء 02 سبتمبر 2015م الموافق 19 ذي القعدة 1436هـ

مصرع آسيوي... وماذا بعد؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حادث دهس بموقع عمل في أحدى المشاريع العقارية... وماذا يهم؟

مجرد عامل آسيوي، دهسته سيارة في موقع عمل. ولم يكن أول الضحايا ولن يكون الأخير. وقد صرح رئيس قسم السلامة بوزارة العمل بأن صاحب العمل لم يلتزم بالاشتراطات بشأن حماية العمال، وكفانا الله شر المحاسبة أو تأنيب الضمير!

هذا العامل ليس مهماً أن نعرف اسمه. وليس مهماً أيضاً أن نعرف بلده أو قريته أو عائلته. كما أنه ليس مواطناً ولا عربياً ولا أجنبياً أشقر. مجرد عامل آسيوي، يمكنك أن تصفعه سراً ولكن حذارِ أن تصوّر ذلك في الفيديو وتبثه على «اليوتيوب» لكي لا تلفت الأنظار ويطولك العقاب. فلماذا نوجع قلوبنا بالوقوف أمام حادث مقتله بهذه الطريقة تحت عجلات شاحنة كانت تنقل الرمال؟

هل سأل أحدٌ كم عمره؟ هل هو في العشرينات أو الثلاثينات أو الأربعينات من عمره أم أكثر؟ وكم أفراد أسرته التي يعولها؟ هل له والدان عجوزان يعولهما ويحتاجان ليرسل لهما ثمن الدواء كل شهر؟ أم له زوجة أصبحت أرملةً بعد اليوم؟ وهل له أطفال أصبحوا الآن في عداد الأيتام، ببساطةٍ شديدةٍ لأن السيد صاحب العمل لم يلتزم بالاشتراطات الخاصة بسلامة العمال؟ وكم صاحب عملٍ لا يلتزم بالاشتراطات الخاصة بسلامة العمال؟

مجرد أجانب. والأجانب يملأون البلاد، بعد أن أصبحوا 54 في المئة من السكان، وأصبحوا أفضل ذريعةٍ يُتعلّل بها لتمرير مشروع رفع الدعم عن المواطنين. وأكثرهم من الفقراء والطبقة العاملة التي ليس لها حقوق. السكان المحليون أنفسهم مازالوا حتى الآن يطالبون بالمواطنة المتساوية وتطبيق مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص، فلماذا تتكلّم اليوم عن حقوق العمال الأجانب؟

العامل الآسيوي الذي لقي مصرعه تحت عجلات هذه الشاحنة الضخمة، ماذا سيفيده اكتشاف وزارة العمل متأخرةً، أن صاحب العمل الموقر لم يلتزم بالاشتراطات الواردة في القرار الوزاري رقم 4 لسنة 2014 بشأن «حماية العمال من مخاطر أعمال الإنشاءات والهندسة المدنية»؟

الكثير من هؤلاء الأجانب يُستخدمون في عجلة هذا الاقتصاد الرأسمالي الجشع الذي لا يرحم. كثيرٌ منهم يُستخدمون في مشاريع الإنشاءات الكبيرة في المدن والملاعب الرياضية والأسواق والمجمعات التجارية والأبراج الشاهقة التي نفاخر بعلوها في السماء. حين زرت أحدها في عاصمة خليجية قبل سنوات، وصعدت إلى الطابق المئة، كنت أسأل نفسي: من الذين أنشأوا هذا المبنى الضخم؟ ومن الذين صبروا على الشمس الحارقة والأتربة تتسلل إلى مسامهم الجلدية والعرق الذي يعرك عيونهم في ساعات العمل بالنهار؟ ومن الذي طلى هذه الجدران وأقام هذه النوافذ الزجاجية ومدّ هذه الأعمدة الضخمة من الفولاذ؟

هؤلاء العمال الأجانب الذين يعيش أكثرهم في بيوت متهالكة، يأنف المواطنون من سكناها، ويتلقون أجوراً زهيدة، ولا يحظون بتغطيةٍ من التأمين الصحي، حتى مثّل ذلك موضوعاً دسماً للصحافة الأجنبية التي نتهمها ليل نهار بالتدخل في شئوننا!

فقراء يأتي أغلبهم إلى ديارنا طلباً للرزق، في زمن العسرة، ونساء يتركن بلادهن وأطفالهن وأزواجهن طلباً لتأمين اللقمة لعوائلهن والتعليم الابتدائي لأطفالهن، ويصبرن على الفراق سنتين وأربعاً وست سنوات، ولو وجدن نصف الراتب في بلادهن لما جئن لبلادنا وتحملن كل هذه الغربة والمعاناة. فهل تخيّلنا لو دار الزمان علينا وجفّت آبار نفطنا، واضطرت أخواتنا وزوجاتنا وبناتنا للهجرة - لا سمح الله - للعمل «شغالات» في بيوت الأجانب على بعد آلاف الكيلومترات؟

أخيراً... إنهم مجرد أجانب، والشكر لوزارة العمل الموقرة، التي طلبت من أصحاب العمل والمقاولين أن يقوموا باتخاذ «جميع احتياطات السلامة لتنظيم حركة سير المركبات والأفراد في مواقع العمل»... لتجنب دهس العمال مستقبلاً بشاحنات الرمال!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4744 - الأربعاء 02 سبتمبر 2015م الموافق 19 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 7:41 ص

      حوادث مميتة

      قبل صلاث سنوات سقط احد العمال الهنود من على سكله شااااهقة جدا وهو ينظف نوافذ احد العمارات في المنطقه الدبلوماسيه فتفرق جسدا الى فرقا كثيرة اضطر معها الى خياطه جسده للدفن! اشتراطات السلامة ينبغى ان تكون لجميع العمال وليس لعمال البا وبابكو!

    • زائر 19 | 5:01 ص

      العنصرية

      لا زالت العنصرية لم تنتهي ونحن مسلمين ونحن نعرف أن الاسلام حرمها لا فرق بين عربي ولا اعجمي الابتقوى لا عشيرة ولا ولد افلان لا فرق بين ابيض و لا اسود

    • زائر 17 | 3:28 ص

      اين دور الاتحادات العمالية

      صمت من يدعي تمثيل العمال واكتفائهم على أكثر تقدير ببيان لا يسمن ولا يغني عن جوع كيف هم يعرفون العمال ويسعون لتمثيلهم في المؤتمرات والسفرات لا غير

    • زائر 16 | 3:12 ص

      ماذا يقصد

      وقد صرح رئيس قسم السلامة بوزارة العمل بأن صاحب العمل لم يلتزم بالاشتراطات بشأن حماية العمال،

    • زائر 18 زائر 16 | 3:58 ص

      يعني

      راحت على هالفقير

    • زائر 14 | 2:59 ص

      احم احم

      هي الراسمالية لازم اتسود وتحكم العالم ؟ ولازم تعوض سيئات الراسمالية بي التامين الاجتماعي ؟ بدون الراسالية ما اتصير تنمية
      التامين عندنا في البحرين مو قادر يستوعب البحرينيين فما بالك الاجانب خله على الله والله يرحم هذا المسكين

    • زائر 13 | 2:57 ص

      احسنت

      حقوق الانسان لا تتجزأ.ومن لا يرحم لا يرحم

    • زائر 10 | 1:48 ص

      الحقوق تشمل الجميع الاجنبي وولد الديرة

      اذا كنا لا نراعي لهولاء من الطبقة الفقيرة لماذا نبكي من حكوماتنا ونوابنا الذين يعاملوننا بالمثل
      نعم علينا تطبيق احامنا ديننا في هؤلاء الفقراء هم بشر مثلنا والا فلا نبكي اذا ظلمنا احد

    • زائر 8 | 1:25 ص

      يا اخي ما يكسر خاطرك الا الاجنبي والبحريني ما كسر خاطرك ؟؟

      يا حضرة الكاتب لما تشوف الاجنبي ياخذ حقك ووظيفتك ويهددك ويفصلك من العمل وانت ابن البلد تقعد تحب راسه عشان يردك لوظيفتك هذي مو مهانه ولا مذله ؟؟ بس تطالع انته الاجنبي لين صاده شي ؟؟ ما تنتبه للبحرينين ؟ مو كل يوم يسطرون البحرينين في الشوارع ؟ ما انكسر خاطرك لما بحريني يطر في الشارع ؟ ولا مات من الجوع ؟ واللي ينامون في الشارع ؟ واللي ماتو البحرينين في العمل ؟ بس ما لفت انتباهك غير هالاجنبي ؟

    • زائر 9 زائر 8 | 1:39 ص

      انت انسان متحجج

      والا السيد قاسم كتب الف مرة عن المواطنين وعن السجناء وحقوق الانسان واااسكان والصحة والسكلر والطلبة والعمال المفصولين والف قضية وقضية. التحجج من الصبح مب زين.

    • زائر 11 زائر 8 | 1:51 ص

      الكاتب يكتب لكل الناس

      الكاتب يكتب عن مشاكل البحرينيين دائما وابدا اذا تقرا مقالاته وانسانيا يكتب عن كل البشر مافيه شيئ يزعل انصافا

    • زائر 15 زائر 8 | 3:00 ص

      صج

      صج صج فيه ناس فارغين ومتحججين.

    • زائر 6 | 12:59 ص

      احسنت احسنت

      يمكن قلوب الناس الميته تتوعى شوي.

    • زائر 5 | 12:57 ص

      مجرد اسيوي

      يعني مو انسان. للاسف هذه طريقة تفكيرنا غير الانساني.

    • زائر 4 | 12:34 ص

      ظواهر مدمرة

      من الظواهر الآخذه في الاتساع ..عمال الفري فيزا .. ظاهرة انتشرت بشكل مرعب تنذر بالأسوأ .. هالبلد تدمر بفعل فاعل

    • زائر 3 | 12:17 ص

      يعني اسيوي مو بشر؟

      هذه مشكلتنا.العنصرية المتأصلة فينا.

    • زائر 2 | 12:09 ص

      المحاسبة بس للفقراء

      أصبح الناس في هذا البلد يعرفون بأن القوانين الصارمة هي فقط من نصيب الفقراء والمغضوب عليهم، وأما المتنفذين وحتى المرضي عنهم فليس لهم من العقوبات نصيب، وبعد ذلك يريدون الناس تصدق بأن المواطنين سواسية أمام القانون.

    • زائر 1 | 11:24 م

      لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

      يجب على الوزاره تعليمهم اساليب الحفاظ على سلامة ارواح الناس وليس كل من هب ودب يعطونه رخصة القياده

اقرأ ايضاً