العدد 4745 - الخميس 03 سبتمبر 2015م الموافق 19 ذي القعدة 1436هـ

أنموذج «كوتر» لقيادة التغيير الإستراتيجي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تحدثنا في مقال سابق عن «أنواع التغيير» التي تواجهها المؤسسات، وأن هناك ثلاثة أنوع. النوع الأول هو الأحداث المفجعة أو الصادمة أو التطورات غير المتوقعة التي تفرض نفسها على بيئة العمل، وهي تتطلب القدرة على استيعاب هذا النوع من التغيير المفروض على المؤسسة، والتحرك نحو وضع آخر يلائم المستجدات، وذلك لإنقاذ المؤسسة وإعادة توجيهها إلى النمو والتميز والتنافس.

النوع الثاني من التغيير هو الذي تقرره المؤسسة لأسباب استراتيجية، وذلك من أجل تحقيق أهداف بعيدة المدى. هذا التغيير الإستراتيجي يحتاج إلى ريادة وإمكانات ملائمة لإعادة الهيكلة أو إعادة هندسة العمليات الإدارية أو تغيير ثقافة المؤسسة، إلخ.


النوع الثالث من التغيير هو التحسين المستمر على نمط أنظمة الجودة، و6 سيغما، وكايزن، وغيرها من الأساليب والآليات التي تسعى لإحداث تغييرات تدريجية مستمرة لتحسين الأداء، مع الإبقاء على الأهداف الاستراتيجية ذاتها.


عوداً على النوع الثاني من التغيير، وهو التغيير الذي يحدث نتيجة قرار استراتيجي لتغيير مسار المؤسسة، فإن هناك عدداً من النماذج التي طرحت في هذا المجال. فهناك، مثلاً، أنموذج «كيرت لوين» (Kurt Lewin) لقيادة التغيير الإستراتيجي على ثلاث مراحل، وهي تشبه إذابة (ومن ثم إعادة تجميد) قطعة الثلج. يقول لوين (توفي في العام 1947) إن علينا أن نتعامل مع إدارة التغيير الإستراتيجي كما لو كانت لدينا قطعة ثلج مكعبة الشكل، مثلاً، ونريد تحويلها إلى شكل مخروطي. وعليه، فالمرحلة الأولى ستتطلب إذابة الشكل الحالي (Unfreezing) ومن ثم نقوم بتغيير الشكل ونمط العمل الحالي (Changing)، وبعد ذلك نقوم بإعادة تجميد الشكل على النمط الجديد (Refreezing).


المرحلة الأولى (إذابة الوضع الحالي) تتطلب تحديد ما يحتاج إلى تغيير، وإجراء مسح شامل لفهم الحالة الراهنة. في المرحلة الثانية يتوجب التأكد من وجود دعم قوي من الإدارة العليا للتغيير، ولابد من تحليل أصحاب المصلحة والحصول على مساندة الأشخاص الرئيسيين. كما يتطلب إيصال رسائل مقنعة لإحداث التغيير، وطرح رؤية استراتيجية مدعومة بالأدلة، وشرح كيف سيكون تأثير التغييرات على الجميع، وتبديد الشائعات، وتمكين الأكثرية من المشاركة في عملية التغيير. وفي المرحلة الثالثة لابد من تأسيس علاقات الثقة لدعم التغيير والتعرف على المعوقات التي تحول دون استمرار التغيير وتطوير طرق للحفاظ على التغيير، وتوفير الدعم والتدريب، ومن ثم الاحتفال بالنجاح.


أن أكثر من 70 في المئة من جهود المؤسسات لمواكبة المتغيرات تفشل، لأنها لا تأخذ نهجاً شاملاً متسقاً مع الظرف المتغير، كما أن المؤسسات لا تلتزم على نحو فعال نحو تطوير سلوكيات ومهارات العاملين لديها. وهناك نماذج أكثر تطوراً، ومثال على ذلك ما طرحه جون كوتر John P. Kotter (ولد في العام 1947) وهو الذي ابتكر في 1995 أنموذجاً لقيادة عملية التغيير الإستراتيجي يتكون من 8 خطوات، كالتالي:


الخطوة الأولى: تتطلب من المؤسسات خلق شعور بالإلحاح الطارئ نحو الاستجابة للظروف المتغيرة (Create Sense of Urgency).


الخطوة الثانية: تتمثل في بناء تحالف داخل المؤسسة لتوجيه الجهود (Build Guiding Coalition).


الخطوة الثالثة: تتمثل في تحديد الرؤية والمبادرات الإستراتيجية للتغيير (Form Change Vision).


الخطوة الرابعة: تتطلب إيصال الرؤية لأكبر عدد من اصحاب المصلحة لجذبهم نحو تحقيق الهدف المنشود (Communicate Vision Buy-In).


الخطوة الخامسة: تتطلب إزالة الحواجز وتمكين جميع المعنيين من السير قدماً نحو التغيير المطلوب (Empower Broad Action).


الخطوة السادسة: تتطلب تحقيق انتصارات قصيرة الأجل الحفاظ على التوجه الإستراتيجي الجديد للمؤسسة (Generate Short Term Wins).


الخطوة السابعة: تتطلب تعزيز الجهود نحو تحقيق التغيير المطلوب. وهذه الخطوة تتطلب زيادة المصداقية لتغيير النظم والهياكل والسياسات التي لا تتلاءم مع الرؤية االإستراتيجية الجديدة. كما تتطلب توظيف وتعزيز وتطوير العاملين الذين يستطيعون تنفيذ الرؤية. (Sustain Momentum).


الخطوة الثامنة: تتطلب تغيير الثقافة المؤسسية وتثبيتها على النحو الجديد والمطلوب وتوضيح الصلات الموجودة بينالسلوكيات الجديدة والنجاح التنظيمي، وتنمية المهارات القيادية وتأمين وجود من يستطيع استلام المهام باستمرار (Institute Culture Change).


أنموذج كوتر لقيادة التغيير الإستراتيجي يوضح حجم العمل المطلوب لإنجاز التغيير الإستراتيجي، ويوضح أهمية الإحساس بأهمية التغيير المطلوب، وكيفية إنجاح التخطيط له، وإقناع الآخرين، وإدماجهم في عملية التغيير على أساس سليم.


إن «خلق شعور بالإلحاح» لإحداث التغيير ليس أمراً سهلاً، ولكنه الخطوة الأهم من أجل البدء بمثل هذا العمل الإستراتيجي، والذي لا يمكن أن ينجح إلا إذا كانت هناك رؤية، وتواصل فعال مع كل من يهمه الأمر لإقناعهم، ولإزالة العقبات. ويتحدث كوتر على أهمية تحقيق مكاسب سريعة على الطريق من أجل الإبقاء على الحراك المطلوب، وأن هذا العمل لا يكتمل إلا عبر تغيير ثقافة المؤسسة، وبعدهما يمكن قياس النجاح الحقيقي في إحداث وقيادة التغيير الاستراتيجي المطلوب.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4745 - الخميس 03 سبتمبر 2015م الموافق 19 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 2:21 م

      احم احم

      لهدا السبب ما راح يتغير شي

    • زائر 10 | 4:39 ص

      لو

      لو الناس والحكام توجهوا الى الله سبحانه لن حلت جميع مشاكل البشريه وكلما ابتعدوا عن الله ونفذو اجندة الشيطان دمرت اوطانهم ولا زال الله يقول اليهم مدو اليه ايديكم لانقضدكم من هادى الازمات الله سبحانه عظيم لاكن الناس لاتعرف قدره وتمشى على هواها والضحيه الشعوب

    • زائر 7 | 3:06 ص

      مهارة قيادية علاوة على المهارة الصحفية

      دائما مبدع أبو علي. هذه السلسلة من المقالات هي دورات تدريبية في القيادة وإدارة الأعمال ولا أظن أحدا من كتاب الأعمدة في الصحف المحلية سبقك إلى ذلك . موفقين لكل خير وطابت جمعتكم

    • زائر 6 | 2:44 ص

      العدل اولا

      لا يحدث التغيير في المؤسسات او الدول او الجمعيات او غيرها ويوجد احساس عند الموظف او المواطن ان هناك تمييز بين الافراد على اساس الجنس او الطائفة او العائلة او غير دلك يجب ان يتم التعامل بعدل ومساواة للجميع

اقرأ ايضاً