العدد 4746 - الجمعة 04 سبتمبر 2015م الموافق 20 ذي القعدة 1436هـ

«وجود» تستضيف «أصواتاً» قصصية قصيرة جداً

محمد عبدالكريم - كريم رضي
محمد عبدالكريم - كريم رضي

بتنظيم من مبادرة «وجود للثقافة الإبداع» التي تحتضنها «دار فراديس» بين كتبها ورفوفها المكتنزة بالأدب والنقد، وفي أمسية سردية ضافية راحت مجموعة من الأصوات القصصية تسرد ومضات بوحها السريع وبأنفاس قصيرة جداً كما هي طبيعة القصة القصيرة جداً (ق.ق.ج)، وذلك بحضور مجموعة من الأدباء والمثقفين والمهتمين.

تراوحت الأصوات السردية التي أحيت الأمسية بين وجوه جديدة تجتهد لتفتح لنفسها أفقاً جديداً، وبين أصوات أخرى مألوفة معروفة أخذت تكرس حضورها بنصوص جديدة أيضاً، ومن الأصوات الجديدة التي فتحت لها كوة من النور وسردت أنفاسها القصيرة، بتول حميد، ويسرى حسن حسن، ومحمد عبدالكريم، أما الأصوات المعروفة المألوفة فيتقدمهم أحمد الحجيري، وكريم رضي، وعزيز الموسوي، وحسن بوحسن.

في هذه الأمسية التي خصصتها مبادرة وجود للثقافة للاستماع لمجموعة أصوات من القصة القصيرة جداً حضرت مجموعة من الإشكالات التي تفرض ذاتها، مرة من حداثة التجربة وجدّتها لدى بعض من قدموا نصوصهم، ومرة من طبيعة التباس هذا الجنس الأدبي الجديد والقديم في آنٍ واحد، فثمة تراوح في الإلقاء بين نبرة عالية هي أقرب للشعر منها للقصة والتي أرجح أنها كانت تحتاج إلى شيء من الهمس القريب من هذا البوح السريع، وثمة ما كان يقلق جلستك ويجرح أذنك من تعثر الضبط النحوي في الإلقاء والذي يدفعك أحياناً أن تغالب الخجل فتكاد تهمس أو تنبس ببنت شفة في كل خطأ تسمعه الأذن وتمجّه السليقة، وهذا ما لابد من ضبطه والتشديد عليه والحرص على إتقانه، وهو ما تجده أخذ يتكرر في أكثر من أمسية، وأجد أنه لابد من التنبه له وخصوصاً أن النصوص بدت متقنة ومنضبة نحوياً ولكن الإلقاء أوهنها في أسماعنا أحياناً، فعذراً لمقام الأدب الجدير بكم.

وأما ما هو من طبيعة التباس هذا الجنس الأدبي القصة القصيرة (ق.ق.ج) أن ثمة نصوص استمعنا إليها كانت تتراوح بين استعمال التكثيف الشعري القادم من حساسية الصورة والاستعارة اللفظية، واستعمال التكثيف السردي القادم من حساسية الوصف أو تخوم الزمان والمكان أو اللعب مع الشخوص، وقد أخذ البعض على النصوص تداخل هذين الفضاءين السردي والشعري، وهو أمر من الطبيعي أن يتداخل فهذه نصوص من القصة قصيرة جداً التي تتطلب هذا التكثيف بأي وسيلة فنية ممكنة سردية أو شعرية، فلا مجال للفصل بين الفنون هاهنا وخصوصاً أنها قد جاءت في زمن تداخلت الفنون فيما بينها وتراسلت حتى لا مجال للفصل، وإنما المزيد من الوصل، ولعله من الفضلة القول هاهنا إن ثمة نص أو نصين تراوحا بين أخذك للقصة القصيرة، والقصيرة جداً، وربما كان هذا واضحاً بسبب طول نسبي لنص أو نصين فقط.

في هذه الأمسية راح كل سارد يبوح بما استطاع أن يختزله في الكلمات من معنى ويكثف ما أمكنته الصورة من إيحاء، ويحيلنا إلى أمكنة وأزمنة تنقلنا إلى أفقها، ويلعب بالضمائر ما ساعدته مرجعيتها على ذلك، حيث كان لكل سارد مدخله للعب خلال مساحة هذه النصوص القصيرة النفس، القصيرة العدد.

عزيز الموسوي

أ‌. افتراضي..

قال لزميلِه في تباهٍ واضح:

لديَّ أكثرُ من ألفِ صديقٍ حقيقي.

لا أكونُ وحيداً أبداً

إلا حين تنفدُ البطاريةُ من هاتفي.

ب‌. برقيةُ شكر.

أخبرُك أيّتها الحبيبة..

إن الوردةَ التي جلبتُها لك وقمتِ بإلقائها بالطريق.

تماثل صديقي للشفاءِ حين وضعتُها قربَ سريره.

يسرى حسن

أ‌. آخر ظهور

غرق في العشق وتمادى إلى درجة الشك والرغبة في الاحتكار، فأصبح جلّ همه هو مراقبة آخر ظهور لها في كل صباح ومساء!!

ب‌. أثمرت..!

ربط خيوط حذائه الجلدي وهو يبتسم، ووالدته تدعو له وهي تمسح دموعها بأصابعها المجروحة بغرزات الإبر، توجه نحو الباب وعاد خطوات قبلها على رأسها احتضن يديها.. وهمس لقد أثمرت سنوات الصبر..!

بتول حميد

أ‌. ثقوب:

يفرطُ في تلميع أحذيته! يمشي بوقار مصطنع! لا أحد يعرف ثقوب جواربه إلا ثلاثة: عين حذائه! عينه! وعين الإسكافي!

ب‌. شهقة:

كتم شهقته وهو يراها تقبل مظروفاً أزرق اللون وتدسّه في صندوقٍ خشبي في الخزانة! انتظر بأنفاس دقائق طويلة اعتكافها في المطبخ! تناول المظروف! تلوّنت ملامحه وهو يراه محشواً بعبارات الحب والغزل.. لم يتمالكـ نفسه حين رأى اسمه مستذكراً أنه المُرسل قبل سنوات!

محمد عبدالكريم

أ‌. اعتراف

قال الطفل الذي عادت إليه حاسة السمع: أبي... عندما مشيت فوق أوراق الخريف، سمعتها تتألم.

ب‌. مكتبة

حتى اللصوص عندما داهموا منزلنا لم يسرقوا كتاباً واحداً من على الرف، كنا نخبئ الذهب خلف الكتب تماماً.

كريم رضي

أ‌.

النجار الخبير قال لي: لم ينحنِ الرفّ لثقل الكتب بل لثقل ما فيها من الأسى.

ب‌.

قال لها: أحببتك أكثر من أي شيء. وضعت كلمة «شيء» بين هلالين.

أحمد الحجيريِ

أ‌. كشف

نبش الآثاريون أسفل الجدار العظيم.. فوجدوا هياكل آدميّة لعبيدٍ في وضع الرّكوع.. ولكنّ الآثاريين خافوا من إعلان اكتشافهم..

ب‌. تحريض

أراد الشّاعر أن يهجو الأمل.. فراح يحرّض الجدار على الفتك بالفراشات..

يسرى حسن - بتول حميد
يسرى حسن - بتول حميد

العدد 4746 - الجمعة 04 سبتمبر 2015م الموافق 20 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً