العدد 4746 - الجمعة 04 سبتمبر 2015م الموافق 20 ذي القعدة 1436هـ

«أبتسم وأمضي... بكعب عالٍ»... حكاية امرأة تقاوم المرض بابتسامة

صدر عن مسعى للنشر والتوزيع في البحرين كتاب «أبتسم وأمضي. بكعبٍ عالٍ» للكاتبة نهلة أبوالفتح، وهو عبارة عن سيرة ذاتية تتناول في شكل إنساني تجربتها مع مرض (التصلب العصبي المتعدد) وهو مرض يجعل جهاز المناعة يصبح عدائياً تجاه جسم المريض ويهاجمه.

وهو كذلك مرض التهابي مزيل لصفائح الميلانين (النخاعين) المغطية للأعصاب، وهي عبارة عن مادة دهنية تحمي وتساعد على سرعة إيصال الإشارات العصبية من المخ إلى أجزاء الجسم. أما أسباب الإصابة به فليست معروفة حتى يومنا هذا، كما أن العديد من صفاته تدل على أنه مرض ذاتيّ المناعة حيث الجسم يهجم على خلاياه وأنسجته.

ما يميز هذا الكتاب أنه يتحدث بسلاسة عن امرأة تقاوم مرضها بأنوثتها، تحيّده بطاقة إيجابية لا تستطيع أن تكتشف كقارئ من أين تأتي بها، إنها لا تقاومه فقط، بل هي تسعى لجعل المرضى الآخرين يفعلون، هي تساهم في تفهمهم لطبيعة المرض، ولطرق التعامل معه، ولذلك بحثت كثيراً عن تاريخ المرض، وعن العلاجات التي اقترحها الطب له، وعن وسائل المساعدة في تخفيف أعراضه، هذا كتاب عن امرأة تبتسم وهي تواجه عدوّها. وعلى رغم تنوع أعراض هذا المرض الذي يضرب في جوانب شتى، لكن كل ذلك لم يجعل هذه المرأة تنهار، أو تتوقف عن حياتها.

عبر فصول الكتاب التي تزيد على الثلاثين، تستعرض الكاتبة تجربتها مع أعراض هذا المرض، وخبراتها التي اكتسبتها من خلال التعامل معه، فهي تارة تتحدث عن النسيان فتدرج مواقف صعبة تعرضت لها كامرأة مع هذا المرض، وكيف كانت تنسى الطرقات والشوارع أحياناً، أو تنسى الأشخاص والمعارف، أو حتى تنسى الأمور التي يتوجب عليها فعلها أو تنسى الأرقام المهمة في حياتها، وكيف تعاملت مع هذا العرض الغريب من أعراض مرضها الأغرب.

ثم تتحدث عن فقدان الإحساس ببعض أعضائها، وكيف جعلها ذلك تشعر بالفزع لدى اكتشافها لإصابتها بالمرض، إنها تصف بدقة ذلك الشعور الرهيب لامرأة تتعامل مع حالة مرضية غريبة وغير مفهومة، تجعلها تفقد الشعور بأطرافها لدرجة أنها لا تعلم حين تجرح يدها من أين جاء الجرح، وهل هذا الدم المتدفق ينهمر من يدها حقاً!

وفي كل حديثها عن أعراض المرض، لا تنسى الكاتبة أنها أنثى، وأنها كذلك مصممة، تختار ملابسها وإكسسواراتها بعناية، وهذا الهاجس الحاضر في فصول الكتاب عن مظهرها، عما كيف تبدو عليه، يجعلنا نشعر بأهمية هذا الأمر لديها، وأهميته كذلك في جعلها تقاوم المرض، وتسيطر عليه، إنها ترسم من خلال ذلك صورة لصراع - تجعله يبدو درامياً - بين معنى الاستسلام للمرض، وبين معنى أن يكون لامرأة ما طموح، ورغبة في القيام والصعود والصمود أمام غرابة المرض، وغرابة أعراضه.

في الكتاب لا تقنع الكاتبة بسرد الأحداث أو التعليق عليها، لكنها ومن منطلق حرصها الشديد على نشر الأمل، تعطي خلاصة تجربتها مع المرض، من خلال نصائح مهمة سواء للمرضى بهذا المرض أو أقاربهم أو الذين يتعاملون معهم، إنها تتحدث بإيجابية قلّ نظيرها، لتتحدث عن وسائل العلاج بالأوكسجين تحت الضغط العالي، وعن الحالة النفسية للمريض، وعن أسرار التغذية المناسبة لتقليل أعراض المرض حتى أنها تخصص قسماً لأحد أنظمة التغذية المخصصة للمصابين بهذا المرض، وعن أهمية أخذ القسط الكافي من النوم، وكذلك القيام بالواجبات اليومية.

في أحد فقرات الكتاب تقول: «لن أكتب عن المرض، أو التعب، أو حتى العقبات التي صادفتني في علاقتي مع صديقي التصلب العصبي المتعدد، لن أكتب عن الألم أو الحزن. سأكتب عن سر الابتسامة، وعن الراحة النفسية التي تتركها الابتسامة في حياة الآخرين. فكلما تعرفت على مريض جديد، وجدت نفسي أبتسم له! وهو يرد الابتسامة لي ببهجة وابتسامة أجمل منه».

وهي بصدق تجعلنا في هذا الكتاب الصغير، نفهم تماماً القدرة الهائلة للابتسامة على الشفاء، نفهم كيف يمكن لها أن تمنحنا القوة لنواصل حياتنا، ولنجعل من كل عقبة عتبة نصعد بها إلى حيث يمكننا أن نصل، إلى حيث نريد أن نصل.

العدد 4746 - الجمعة 04 سبتمبر 2015م الموافق 20 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:47 ص

      بالتوفيق

      تحية اكبار وتقدير لك عزيزتي نهلة على هذه الروح العالية. وفقك الله لكل خير.

    • زائر 1 | 7:57 م

      از شاء الله بالتوفيق وإلى الامام والاحسن

      ان شاء الله بالتوفيق وإلى الامام والاحسن يارب

اقرأ ايضاً