العدد 4748 - الأحد 06 سبتمبر 2015م الموافق 22 ذي القعدة 1436هـ

«الوسط»... أن تشعل شمعةً في الظلام

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تحتفل «الوسط» اليوم (السابع من سبتمبر/ أيلول) بذكرى صدورها، والعالم يكاد يكون غير العالم، والسياسات في المنطقة تكاد تكون غير السياسات.

عند صدور العدد الأول في مثل هذا اليوم من العام 2002، كان قد مرّ 11 شهراً على غزو الولايات المتحدة لأفغانستان، فيما كانت تعد العدة لغزو العراق بعد 6 أشهر. وهما الحربان اللتان ستكلفانها مئات المليارات من الدولارات، وتكلفان دول المنطقة مثل ذلك، وتسببتا في إلقاء المنطقة في فراغ سياسي كبير، وفوضى عارمة، ونشر الإرهاب بدل محاصرته، حتى انتهينا إلى نموذج «داعش» التي أرجعت إلى الذاكرة الجمعية فظائع الغزوات المغولية للشرق قبل 800 عام.

في تلك الفترة، كان الصدور على إيقاع آمال كبيرة بحدوث نقلة ديمقراطية كبيرة، ومن الطبيعي أن تكون حرية الصحافة أحد عناوينها ومصاديقها وتجلياتها. وكانت أن اختطت «الوسط» لها نهجاً وسطاً، يقوم على الصدق والمهنية واحترام عقل القارئ، ولذلك حظيت بسمعةٍ واحترام لدى الجميع، فكان رأس مالها الأكبر ثقة الناس، فما الصحافة إلا الرأي الحر والخبر الصحيح.

كان سقف الحريات معقولاً في السنوات الأولى، ففتحت ملفات كثيرة، سياسية واقتصادية واجتماعية، ما كان لها أن تُفتح، لو استمر النهج التقليدي في تغطية قضايا المجتمع والطبطبة عليها. وانقضت من مسيرتها 13 عاماً، وعلى الرغم من انخفاض منسوب القضايا الممكن تغطيتها، الا ان «الوسط» استمرت في اخلاصها لحرية التعبير والمبادئ السامية التي رفعهتا دائما.

لا يمكن التكلّم عن حرية الصحافة إن لم تكن قادراً على سماع الرأي الآخر. حرية الصحافة ليست أغنيةً في التلفزيون. حرية الصحافة التزام أخلاقي وقانوني تجاه المجتمع بجميع مكوناته وتياراته.

خلال هذه المسيرة، تغيّر الكثير الكثير على مستوى العالم. فالصحافة ظلت، حتى بعد بزوغ القنوات الفضائية، رقماً مهماً له جمهوره في النصف الأول من عمر «الوسط»، وفي النصف الثاني طرأت كل هذه المستجدات: شبكة الإنترنت التي دخلت كل قرية وزقاق، ومواقع تواصل اجتماعي كسرت شوكة الرقيب، حتى تحوّل ذلك «العالم الافتراضي» إلى عالم حقيقي، تجلّت تأثيراته في حراك الربيع العربي، حيث نزلت الملايين إلى الميادين في عدد من العواصم العربية للمطالبة بالكرامة والحريات واحترام حقوق الإنسان العربي المهان.

في هذا العقد، تم كسر احتكار الإعلام والاتصال لأول مرةٍ في التاريخ، منذ تجربة الحمام الزاجل حتى الفاكس. والرسالة البريدية التي كانت تحتاج إلى أسبوعين لتصل من المنامة إلى القاهرة أو دمشق في الستينيات، أصبح بمقدورك أن ترسلها رقميا خلال ثوانٍ إلى الصين أو الدول الاسكندنافية أو الأرجنتين.

وأنت تنظر إلى 13 عاماً خلت، تبصر الكثير من النجاحات والإخفاقات، والتطلعات والخيبات. على أن أغلى ما تكسبه ثقة الناس، فهي عملةٌ نادرةٌ لا يحظى بها إلا من يكون صادقاً مع الجمهور. وهو ما تتلمسه في تفاعلهم المباشر مع الصحيفة في الشارع والمناسبات والمنتديات.

دون إعلامٍ حرٍّ مستقلٍ ونزيه، ودون ضمان التعددية واحترام الرأي الآخر... لا يمكن بناء الأوطان.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4748 - الأحد 06 سبتمبر 2015م الموافق 22 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 1:08 ص

      نعم ..

      إعلامٍ حرٍّ مستقلٍ ونزيه وضمان التعددية واحترام الرأي الآخر .. يمكن بناء الأوطان وبما ان جريدة الوسط اختطت سير الاعتدال والوسطية ونقل الكلمة الصادقة استطاعت ان تبقى قوية الى اليوم رغم تقلبات الاجواء

    • زائر 6 زائر 5 | 4:13 ص

      مواطن

      بعض الناس في الصرح الوطني مايفهمون الوسط شنو ولهذا عقولهم ما بتتغير

    • زائر 3 | 12:45 ص

      الف تحية لمن يشعل الشموع

      أوجه لكل شخص من رئيس التحرير إلى أصغر عامل في الوسط التحية والاحترام - وجه من وجوه الاعتدال فاستمروا

اقرأ ايضاً