العدد 4767 - الجمعة 25 سبتمبر 2015م الموافق 11 ذي الحجة 1436هـ

من حكايات العنف الأسري

عصمت الموسوي

كاتبة بحرينية

ضمن حملة لمناهضة العنف الأسري ضد المرأة أطلق مركز تفوق بالشراكة مع جمعية ملتقى الشباب استبياناً إلكترونياً لرصد العنف الواقع على النساء في إطار الأسرة هذا مقال «حكاية» يشير إلى أحد وجوه العنف العديدة أوصلته المرأة الشاكية إلى الجريدة ذات يوم من أيام التسعينات بعد أن تعذر عليها الحصول على حقها عبر المحاكم.

الزوجة تعمل مديرة في شركة خاصة، وقد اتفق الطرفان على تخصيص نصف راتبهما لشراء بيت العمر، لكن بعد فترة بدأت تنتاب الزوجة الشكوك حول تصرفات زوجها، وتعمقت شكوكها بعد أن علمت من خلال أحد معارفها أن الزوج اشترى البيت فعلاً؛ لكنه سجله باسمه وذلك على خلاف الاتفاق المبرم بينهما بتسجيل البيت باسم الاثنين، وفاتحت الزوجة زوجها بالأمر، فأنكر، وسألته أن يفتح الحقيبة الدبلوماسية المقفلة دوماً، والتي يحرص الزوج على أخذها معه في كل مكان حتى أنه يضعها بالقرب من رأسه حين ينام على حد قول الزوجة، قالت له، أريدك أن تفتح الحقيبة أمامي وتريني كل الأوراق والوثائق التي تحتويها، ورفض الزوج وطلبت الزوجة تدخل أحد أقربائها ليكون شاهداً وحكماً، وجاء الشاهد وقالت الزوجة:

أليس لي الحق أن أعرف أين ذهبت أموالي؟ كان الزوج يمسك بالحقيبة بقوة ويرفعها عالياً وبعيداً مهدداً بالضرب كل من يحاول لمس الحقيبة ناهيك عن فتحها أو معرفة محتوياتها، اشتبكا بالأيدي والشاهد بينهما لا يدري ماذا يفعل، وبينما كانت الزوجة تحاول انتزاع الحقيبة بكل قوتها أقدم الزوج على توجيه صفعات على وجهها، أما الشاهد فقد تيقن أن لدى الزوج أسراراً وخفايا في حقيبته، وربما شيء أكبر من وثيقة البيت، بعد أسبوع خرجت الزوجة من بيت زوجها إلى بيت أبيها، وطلبت الطلاق لأسباب تتعلق بالعنف والكذب وتبديد أموال الزوجة ونقض العهود الشفهية، كم من امرأة ساهمت مع زوجها في بناء بيت العمر، وخرجت بعد الطلاق خالية الوفاض لأنها لم تحتفظ بالأرصدة؟

وذهب الشاهد إلى المحكمة للشهادة على واقعة الضرب فقط، للرجل في الإسلام وفي كل الأديان والأعراف الحق في تطليق امرأته حتى دون سبب أحياناً، بل لمجرد الملل منها أما المرأة في الإسلام فلها الحق في الطلاق لأربعة أسباب متفق عليها في جميع المذاهب هي العيب والغيبة وعدم الإنفاق والأذى ومالم تشترط الزوجة في عقد الزواج أن تكون العصمة بيدها أو بيد الاثنين معاً.

ذكر الشاهد في المحكمة واقعة الضرب؛ ولكن الزوج كذبها، وأقسم على القرآن أنه لم يضربها (قالوا للكذاب احلف قال : جاء الفرج) وإنها شهادة منحازة وغير محايدة بسبب صلة القرابة بين الزوجة والشاهد، وتأجلت المحاكمة، وخرج الشاهد من المحكمة، فوجد الزوج بانتظاره عند مواقف السيارات يوبخه ويهدده بالانتقام مردداً «حسبي الله ونعم الوكيل، الله ينتقم من الظالم».

بعد أشهر من تلك الواقعة تصالح الزوجان، وعادت الزوجة إلى بيت الزوجية من أجل حفظ شمل العائلة، وعدم التضحية بمستقبل البنات والأولاد الصغار، لقد تصالحا أخيراً لكن العداوة مع الشاهد «قريب الزوجة» تطورت بشكل سلبي، إذ ظل الزوج يقرع الشاهد ويلومه ويكذّب شهادته ويصفه بأنه كان محضر شر وشاهد زور، وتدور الدنيا ويموت الزوج في حادث سير، لكن قبلها وخلال فترة التصارع الزوجي ومن أجل الوصول إلى حل توافقي أقدم الزوج على تسجيل البيت باسم ابنائه وبناته خشية منازعة أهله وأخوته فيه، أو إخراج الزوجة منه، ويبدو أن الزوجة رضيت بهذه القسمة لتعذر وجود خيار أفضل، ولإصرارالزوج على تجريدها من حقوقها إلى النهاية.

إقرأ أيضا لـ "عصمت الموسوي"

العدد 4767 - الجمعة 25 سبتمبر 2015م الموافق 11 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 3:44 ص

      مشكلة العنف الأسري انه ينظر له بعين المرأة فقط

      اذا اردنا تسليط الضوء على مشكلة العنف الأسري بصورة موضوعية ومنصفة فلا بد من استطلاع آراء الرجال والنساء، فمعظم النساء في حالة وجود مشكلات مع ازواجهن يقولون نصف الحقيقة الذي في صالحهم، ويطمسون النصف الآخر الذي يدينهم، فأي زوجة اليوم على استعداد مثلا أن تطالب زوجها بحقها في نصف بيت الزوجية رغم أنها تعلم أنها لم تدفع سوى 1% من تكلفة البناء، وحين يرفض الزوج تتهمه جزافا بالظلم والتسلط، وتتباكى أمام الجميع كمظلومة ومضطهدة، مع أنها في قرارة نفسها تعرف أنها ليست كذلك، والمصيبة أن الناس تصدقها وتساندها!

    • زائر 6 | 3:15 ص

      المراة كل الوطن

      الرجل خيمة والام والامراة وطن وهل يستطيع ان يعيش الانسان بدون وطن وفى اي وقت او زمن من الصعب

    • زائر 5 | 3:01 ص

      فعلاً قرأت القصة !!

      قرأت القصة وخلت اني سوف افاجئ بنهاية منطقية .. فعلا لا بد من خاتمة السؤال الذي يطرح نفسه هل حال المرأة البحرينية أخف وطأة من حال المرأة الخليجية والعربية ؟!!
      لكن في موت الزوج عبرة حيث اختطفه الموت عبر حادث سيارة فاحذروا إياكم واليمين الكاذبة والظلم والحذر الحذر من دعوة المظلوم .

    • زائر 4 | 11:39 م

      خاتمه

      للاستفاده لابد من خاتمه للمقاله

    • زائر 3 | 11:32 م

      من الصعب

      عندما اخسر زوجي والرجل في حياتي لاتهمني الأموال لان الستر والسند قد ضاع فكيف لي ان أزيد الوضع سوء بخلافات على الملى

    • زائر 2 | 11:30 م

      الأغلب

      هناك لغة عنف مكتومة في ملفات يوميات الزوجة البحرينية ولكنها الأقل امام الخليجيات

    • زائر 1 | 11:29 م

      توقعت ولكن

      كنت في اشتياق لقراءة المقال والقصة ولكنها أقل القصص تراجيديا لحكايا النساء مع رجل لا يحترم المرأة ومن واقع معاش أقول بأن الرجل الذي تربى مع أب لا يعتبر للمرأة لن يكون سوى مسحة ضوئية لأشباه رجال وكذا الحال للمرأة

اقرأ ايضاً