كشف الباحث التاريخي جاسم آل عباس صاحب المدونة التراثية الشهيرة سنوات الجريش، عن اندثار جزيرة بحرينية منذ أكثر من 300 سنة، كانت تقع بين جزيرة سماهيج وجزيرة ابن المتوج (نادي الضباط حالياً بالقرب من جزيرة النبيه صالح)، وتدعى جزيرة السلاق.

وفي حديثٍ إلى «الوسط»، ذكر آل عباس «أن السلاق واحدة من 300 جزيرة اختفت عن أرض البحرين بفعل تتالي الأحداث فيها، السياسية والبيئية»، مشيراً إلى أن المؤرخ العالمي كريستن نيبور أرَّخ في كتاباته في أواخر القرن الثامن عشر «أن الحروب خفضت سكان البحرين، فمن أصل 360 قرية ومدينة لم تبق إلا 60 قرية بائسة»، منوهاً إلى أن الكثير من الحوادث التاريخية التي وقعت في البلاد بقيت مهملة وغائبة عن الذاكرة المحلية.

وعما إذا ما كان يقصد بجزيرة سماهيج القرية الحالية أم منطقة أخرى، قال آل عباس: «المقصود بجزيرة سماهيج هي ما يطلق عليه الآن جزيرة المحرق. أي المحرق وتوابعها من القرى المحطية؛ فالمصادر التاريخية دائما كانت تطلق على جزيرة المحرق اسم جزيرة سماهيج»، مضيفاً «كما أنه في فترة من الفترات أصبحت تعرف بجزيرة مش ماهيج».

وبيَّن «لقد كان لجزيرة السلاق تأثير سياسي وحضور اجتماعي كبير. ويستدل على ذلك بوجود حكم وقلعة في الجزيرة، أي إنها جزيرة تحوي كنوز من الأسرار التي لم نوفق للوقوف عليها بسبب الانقطاع الكبير في التاريخ بيننا وبينها».

وتابع «هنالك موسوعة تاريخية حديثة، أشارت إلى أن أحد علماء البحرين ويدعى الشيخ عيسى البحراني الأوالي حكم الجزيرة، وكان قد ولد في العام 1014 هجرية، وتوفي 1091 هجرية.

وعن سبب اختفائها، أرجع آل عباس السبب إلى «المياه إذ طمرتها، كما طمرت غيرها من الجزر والمناطق البحرينية»، وضرب مثلاً بجزيرة الجارم، وقال: «إن فشت الجارم كانت جزيرة قديمة وتحوي قلعة تسمى قلعة الجارم، وسكنها قوم الجارم بن الهزيل، وكانت تحوي نخيلا ومصادر مياه، وفيها الكثير من آثار البيوت والسكن»، مستدركاً «لكنها الآن أضحت جزيرة تحت البحر».

وعن الأمر الذي قاد إلى اكتشاف جزيرة السلاق، روى آل عباس حكاية قال إنها السبب في ذلك، موضحاً أن عالماً بحرينياً يدعى الشيخ جعفر كمال الدين بمعية صديقٍ له يدعى الشيخ صالح الكرزكاني، هجرا البحرين إلى مدينة شيراز بسبب الفقر وسوء الأحوال المعيشية، وطلباً لوضع أفضل، لكن ذلك لم يحدث فقرر الشيخ جعفر الهجرة إلى الهند فيما بقي الشيخ صالح في شيراز وتعاهدا على أن من تزدهر أحواله المعيشية يدعو الآخر للعيش معه.

وأردف «من عجائب التاريخ، أن الشيخ جعفر كمال الدين بعد هجرته للهند تزوج بابنة حاكم الهند آنذاك وبدأ الخير الوفير ينهال عليه من كل حدبٍ وصوب».

وأكمل آل عباس «حينها بدأ الشيخ في إرسال الأموال والحقوق الشرعية إلى فقراء البحرين، حتى أن المؤرخين يذكرون بأن الأوضاع الاقتصادية في البحرين انتعشت بعد أن بدأ الشيخ جعفر بإرسال الأموال إليها».

وأوضح «وظهر ذكر جزيرة السلاق، عندما ترجم المؤرخون حياة الشيخ جعفر الذي مات في الهند ودفن فيها، حيث أوصلوا نسبه إلى جدٍ له يدعى الشيخ عيسى البحراني الأوالي الذي ذكرناه في المقدمة، والذي كان يحكم جزيرة وقلعة السلاق في البحرين»، مشيراً إلى أن حاكم جزيرة السلاق هو الجد العاشر للشيخ جعفر كمال الدين، واسمه الكامل الشيخ جعفر بن كمال الدين بن محمد بن سعيد بن ناصر بن جعفر بن علي بن عبدالله بن سليمان بن عيسى البحراني الأوالي.