العدد 4775 - السبت 03 أكتوبر 2015م الموافق 19 ذي الحجة 1436هـ

ألمانيا بين حبلي العنصرية واللاجئين

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

من اللعب بقدر الشعوب وادخالها في دوامة الحروب والنزاعات وصولا الى رحلات الموت التي يلجأ اليها كل من يريد الهرب من ويلات الحرب.هكذا هم الافغان والباكستانيون والعراقيون والسوريون وغيرهم ممن يأتي في الغالب من بلدان الشرق الاوسط. كما ليس غريبا ما يطرح ويتداول اليوم من حديث عن رسم خارطة شرق اوسط جديد بعد التخلص من آفة الارهاب وجماعتها والانتقال الى خيارات استراتيجية اخرى تحقق المكاسب لحفظ المصالح الغربية في المنطقة.

ومنذ أيام طالعتنا الصحف الاوروبية عن كلام من هذا القبيل ولكن أزمة اللاجئين مازالت تهيمن على المشهد الأوروبي. ففي خبر أفاد بتجدد الاشتباكات بين نزلاء في مركز لإيواء اللاجئين، في عدد من المدن الاوروبية، وكان آخرها في مدينة هامبورغ الألمانية بين سوريين وأفغان بحسب مصادر الشرطة. في الوقت الذي تتزايد وتتعالى فيه دعوات ألمانية وأوروبية محتجة على سياسة اللجوء، كالدعوة التي أطلقها حزب «البديل من أجل المانيا».

وفي ظل تنامي العنصرية بألمانيا وعدد من الدول الأوروبية بسبب هذا التدفق الذي رحب به بداية، هناك من يرى في فرار اللاجئين، تهجيرا للعقول وتشتيتا للشعوب وذلك بسبب غياب عنصر الاستقرار والأمن في بلدانهم.

وبسبب تعالي الاصوات العنصرية فقد اصدر مجلس اوروبا محذرا من ذلك يوم الخميس الماضي (1 اكتوبر/ تشرين الاول 2015) تقريرا أبدى فيه قلقه من تنامي العنصرية في المانيا، مشيرا بشكل خاص الى التظاهرات التي نظمتها حركة «وطنيون اوروبيون ضد اسلمة الغرب» (بيغيدا) في الشتاء الماضي، فيما ابدى هذا البلد في الاسابيع الاخيرة انفتاحه على المهاجرين والترحيب بهم.

وشدد التقرير الذي اعدته اللجنة الاستشارية للاتفاقية-الاطار الاوروبية لحماية الاقليات الوطنية للفترة الممتدة من 2010 الى مطلع 2015، على ان «الوضع المتعلق بالمظاهر العلنية للعنصرية ومعاداة الاجانب، تطور بطريقة مثيرة للقلق».

واضاف التقرير الذي نقلت عنه وكالة الانباء الفرنسية ان «مظاهر معاداة السامية والغجر والعداء للاسلام وللمهاجرين، في تزايد، وكذلك الاعتداءات على طالبي اللجوء». كما اشار التقرير الى المسيرات التي كانت تنظمها كل يوم اثنين حركة بيغيدا في دريسدن وفي مدن ألمانية أخرى.

وبلغت هذه الحركة ذروتها في 19 يناير/ كانون الثاني 2015 لدى مشاركة 25 الف شخص في احدى تظاهراتها، ثم تراجعت في الربيع ولكنها عادت بقوة بعد استقبال اللاجئين في الأسابيع الأخيرة.

وأشار التقرير إلى أن «اجواء انعدام الأمان بالنسبة للمسلمين والمنحدرين من أصول مهاجرة أو أبناء الأقليات» التي ولدتها هذه التظاهرات، مذكرا بـ «الاعتداء المشين والدامي طعنا بالسكين على اريتري في دريسدن، عشية واحدة من تلك التظاهرات، بعد ثلاثة ايام فقط على رسم صليب معقوف على باب منزله».

واذ شدد التقرير على اهمية تنظيم التظاهرات المضادة المعادية لبيغيدا، اعتبر انه «مازال من الضروري بذل جهود حثيثة لتشجيع اجواء من التسامح والحوار بين الثقافات» في ألمانيا، وتتناقض هذه الخلاصات مع صور المهاجرين الذين استقبلهم الألمان بالترحاب في محطات القطار، وسط الهتاف والتصفيق أحيانا وتفيد عدة استطلاعات للرأي أن أكثر من 60 في المئة من الألمان يرحبون اليوم باستقبال المهاجرين في بلادهم.

وخلص تقرير مجلس أوروبا من جهة أخرى إلى القول «اذا كانت المدرسة تولي اهتماما خاصا لدراسة التعابير الماضية لمنظمات اليمين المتطرف خلال الفترة القومية الاشتراكية، فغالبا ما لا تعلق أهمية تذكر على أساليب التعبير الحالية عن العنصرية والعداء للأجانب ومعاداة السامية وأشكال التعصب الأخرى المرتبطة بها».

ورغم كل ذلك إلا ان الجهود الرسمية في الدولة الألمانية تبذل اقصى ما في وسعها في إلغاء صورة العنصرية، والعمل في عملية الدمج للاجىء داخل المجتمع باسرع ما يمكن يتيح لها الوقت، اذ ترجمت ألمانيا حتى الآن المواد العشرين الأولى في دستورها إلى اللغة العربية لمساعدة اللاجئين على الاندماج في المجتمع وهي المواد المعنية بالحقوق الاساسية كحرية التعبير. لكن يخشى ألمان كثيرون بشأن كيفية اندماج هؤلاء اللاجئين الذين يمثلون نحو واحد في المئة من تعداد السكان في ألمانيا فضلا عن تكلفة رعايتهم. وهذا يبقى عنصر تحدٍّ لبلد مثل ألمانيا كان يحمل تركة ارث عنصري بغيض واليوم يحاول جاهدا ان يكون قدوة للعيش المشترك... فالمسألة ليست تعلم اللغة الألمانية لكن تقبل الآخر وقبول مبادئ الفصل بين الكنيسة والدولة والمساواة تحت مظلة مبادئ الديمقراطية الحرة.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 4775 - السبت 03 أكتوبر 2015م الموافق 19 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 6:46 ص

      سينقلب السحر على الساحر

      الزمان منصف دائماً ، هؤلاء الغرب هم سبب ويلاتنا ، لا بد و أن يأتي الزمن الذي تثور فيه الشعوب المستضعفة و تسيطر على مصيرها في هذه البلدان

    • زائر 3 | 3:55 ص

      الدول العربية

      يجب ع الدول العربية استظافة تلك الامواج البشرية من المهاجرين بالخصوص العربية منها .

    • زائر 2 | 1:18 ص

      أين الأمن في دولنا

      السبب الأنظمة التي جعلت العربي ذليل يبحث عمن يأخذ بيده لانتشاله. التهجير يا أستاذة هو جزء من سياسة لرسم شرق أوسط جديد كما جاء ذكره في مقالك.

    • زائر 1 | 1:14 ص

      صباح الخير

      ألمانيا تعيش اليوم في صراع يعكس حقيقة أن الدول لا يمكن أن تكون عادلة

اقرأ ايضاً