العدد 4780 - الخميس 08 أكتوبر 2015م الموافق 24 ذي الحجة 1436هـ

تطور أدوات نقل المحتوى

علي سبكار

رئيس النادي العالمي للإعلام الاجتماعي للشرق الأوسط

عندما أجد صفحتين متقابلتين كاملتين تحت عنوان واحد في صحيفة ما، تسردان بنحو أربعة آلاف كلمة موضوعاً معين، فإنني صراحةً أشفق على الصحافي أو الكاتب الذي بذل جهوداً كان يمكن أن يستثمرها في كتابة قصة قصيرة، كما أشفق على القارئ أيضاً، رغم أنني أعتقد أن معظم القراء اليوم يقرأون العنوان ويشاهدون الصورة فقط، ومن النادر أن يقرأ أحد كامل الموضوع إلا إذا كان يمسه بشكل مباشر ودقيق.

حقيقة أنا لا أعتقد أن هناك أزمة قراءة، وإنما أزمة نقل محتوى، ولا نريد الدخول هنا في متاهة السؤال: هل الكاتب غير جديرة بالقراءة أم القارئ غير جدير بالكتابة، لكن يمكن القول بشكل عام إن التعبير عن الأفكار بالكتابة، أي النصوص المكتوبة، يتطور الآن مع ظهور أدوات أخرى لنقل الأفكار مثل الفيديو والصورة والصوت والجرافيكس وغيرها.

لو كان مطلوباً مني كتابة موضوع عن توزع سكان البحرين على المحافظات الأربع، فلاشك أنا بحاجة لأكثر من مئة أو مئتي كلمة ربما لأنقل الفكرة، لكن هناك طريقة أخرى، وهي أن أضع خارطة البحرين وعليها توزيع المحافظات مع السكان.

وهنا أنا أدعو صراحة الإعلاميين إلى التعرف على مهارات الجرافيكس، وتكثيف استخدامه بالصحف، فيمكن الاستعانة بجدول صغير بدل كتابة آلاف الكلمات، وهناك مواقع على الإنترنت يمكن ببساطة من خلالها تعلم هذه المهارة.

يخبرنا الموقع الأزرق الشهير «فيسبوك» أن أكثر من 80 في المئة من المحتوى المتداول عبره هو فيديو وصور، فيما أقل من 10 في المئة نصوص مكتوبة، وهذا هو الحال نفسه مع تويتر، أما انستغرام فإن الكثيرين يرجعون سر نجاحه وانتشاره بهذا الشكل الواسع على مستوى العالم إلى أنه يعتمد على الصورة، والصورة فقط، حتى أن أحد النصائح المهمة التي يقدمها التطبيق هي عدم الكتابة على الصورة، وإنما تحتها، وعند الضروة فقط.

يبدو أن انستغرام أدرك مبكراً العبارة القائلة إن صورة أفضل من ألف كلمة، هذا من جانب، ومن جانب آخر يجب الاعتراف بأننا لا نملك جميعاً مهارات الكتابة والشرح، ومن بين المستخدمين هناك من لا يجيد صياغة عبارة صحيحة باللغة العربية أو الإنجليزية تشرح مقدار سعادته وهو يمضي عطلة نهاية الأسبوع يحتسي الشاي الأخضر في مطعم راقٍ، وبدل أن يضطر لكتابة كل ذلك يلتقط صورة «سيلفي» التي تشرح أيضاً ماذا يرتدي وتظهر السعادة على وجهه!

اليوتيوب بدوره أصبح أكبر محرك بحث في العالم، أي أن عمليات البحث التي تجري على يوتيوب أكثر من تلك التي تجري على محرك غوغل نفسه، الذي يملك اليوتيوب، وهذا دليل على ولع الناس بالفيديو ونفورهم من النصوص المكتوبة.

لكن يجب الانتباه دائماً إلى أن الفيديو والصوت والصورة والغرافيكس مجرد أدوات، واستخدام هذه الأدوات بطريقة جذابة هي مسئولية المستخدم أولاً وأخيراً، فالتصميم يعمل لكي يزيّن المحتوى ويحسّن طريقة عرضة، أي أن التصميم قائم في الأصل على المحتوى، وإذا استطعت أن تجمع بين المحتوى الناجح والتصميم الإبداعي فحتماً أنت قد حققت المعادلة الصعبة.

إقرأ أيضا لـ "علي سبكار"

العدد 4780 - الخميس 08 أكتوبر 2015م الموافق 24 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:00 ص

      التصميم حقيقة

      كلامك عسل والتصميم والمحتوي اخوان والتصميم الابداعي مطلوب لكي تتحقق المعادلة ومقال جميل وانت اجمل يااستاذ علي سبكار

اقرأ ايضاً