العدد 4781 - الجمعة 09 أكتوبر 2015م الموافق 25 ذي الحجة 1436هـ

ذكرى رحيل أبوالقاسم الشابي ... في تمجيد الحياة

أبوالقاسم الشابي
أبوالقاسم الشابي

في مطارحة فكرية سريعة ألحت على عقلي، وجدتُني أمايز بين جدلية الألم والأمل وامتثالهما السحري لأصابع ممارساتنا للحياة عبر مقولة عالم النفس النمساوي/ سيغموند فرويد «نحن نسعى لأن نتجنب الألم أكثر من سعينا لأن نجد السعادة» في الوقت ذاته استذكرت عبارة لافتة للشاعر/ مريد البرغوثي «أحياناً يضغط الأمل على صاحبه كما يفعل الألم».

مناسبة هذه المطارحة هي عبارة مضيئة في رسالة من الشاعر التونسي/ أبوالقاسم الشابي لأحد أصدقائه يعبر له فيها عن التطور الذي جرى في وجدانه وألهمه قصائد جديدة مطرزة بالأمل، ليعلن بصوت جسور بأنه سيبقى حياً بالحب حتى وإنْ أمعنت الأقدار في إيلامه أو كانت أمنياته كاذبة، يفتح ذراعيْ القلب لاستيعاب المزيد من الحياة بطيف ابتسامة تقهر البكاء على أطلاله أو لبنه المسكوب! يقول الشابّي«إني كنت أتقبل آلام الحياة، وأتحسس أشواكها بنفس ضارعة، وقلب دامع باك، أما الآن فإنني ألقاه ببسمة ساخرة، ونظرة الحالم المنتشي بجمال الوجود».

في ذكرى رحيل الشابّي، ونحن نتتبع مشواره الشعري سنلْحظ الانقلاب الكبير الذي حدث في حياته قبل وفاته بزمن قصير، إذْ انتقل من شعوره بالملل والانطواء والشكوى المرتبطة بأوجاع الفقدان وانتكاسة صحة قلبه إلى الثورة والتغني بالحياة والتشبث بالأمل. تبدلت كلمات معجمه الشعري من الدمع والشقاء والأنين والحرمان، وعنون قصائده بعناوين وردية ودعت طعم الدمع المالح ورحبت بسكاكر الفرح. تختلف عن سابقاتها - على سبيل المثال «الكآبة المجهولة، السآمة، مأتم الحب، أغنية الأحزان، الزنبقة الذاوية».

هذا التحول الشعوري في نظرته لمرآة الحياة، انعكس على ملامح قصائده «إرادة الحياة» و«نشيد الجبار» وليس من المبالغة القول أن هذه القصائد خلدت ذكرى الشابي وأثرت مسيرته الاستثنائية. أنارت زنازين المعتقلين بومضة جياشة قد يكتبونها ذات ثورة على الجدران «إذا الشعب يوماً أراد الحياة... فلا بد أن يستجيب القدر».

العدد 4781 - الجمعة 09 أكتوبر 2015م الموافق 25 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 7:11 ص

      خالدون ...

      في أملنا .. بالغد.

    • زائر 2 | 1:09 ص

      «إذا الشعب يوماً أراد الحياة... فلا بد أن يستجيب القدر».

      هذا التحول الشعوري في نظرته لمرآة الحياة، انعكس على ملامح قصائده «إرادة الحياة» و«نشيد الجبار» وليس من المبالغة القول أن هذه القصائد خلدت ذكرى الشابي وأثرت مسيرته الاستثنائية. أنارت زنازين المعتقلين بومضة جياشة قد يكتبونها ذات ثورة على الجدران «إذا الشعب يوماً أراد الحياة... فلا بد أن يستجيب القدر».

    • زائر 1 | 1:37 ص

      رحمة الله عليه

      رحمة الله عليه

اقرأ ايضاً