العدد 4788 - الجمعة 16 أكتوبر 2015م الموافق 02 محرم 1437هـ

الكون الخادع: خدع كونية نقع ضحايا لها يومياً بسبب الفيزياء

الوسط - محرر المنوعات 

تحديث: 12 مايو 2017

كثرت الأقاويل أن الفيزياء قوانينها ثابتة لامتغيرة، هذة الجمله صحيحة لكن أريد أن أُزيد عليها جزءاً آخر وهو أن الفيزياء ثابتة خادعة لاتتغير مع مرور الزمن. في هذا المقال، حسب ماذكره موقع "اراجيك الاكتروني" نتناول الخدع التى نكون ضحايا لها بسبب الفيزياء وماجعلنا فى كون غامض خادع بسببها أيضاً.

بداية سأصدمك بهذة الحقائق:

الأولى: ليس كل ماتراه مضيئاً فى سماء الليل نجوم فهناك كواكب تراه بعينك المجردة. كيف؟

الثانية: ليس كل ماتراه صباحاً من ألوان السماء هى ألوان حقيقة. ماذا؟

الثالثة: كل ماتنظر له صباحاً ومساءً فى السماء ما هو إلا انك تنظر فى الماضي. ماذا،كيف؟

هذة المعلومات وأكثر ماجعلتنى أن أطلق على كوننا أسم "الكون الخادع".

دعونا نتناول تلك الحقائق:

ليس كل ماتراه مضيئاً في سماء الليل نجوم

فى كل ليلة صافية تنظر إلى السماء وترى النجوم ("تتلألأ" ببريقها، فأنت تطلق عليها نجوم، لكن فى هذة اللحظة من الممكن ان تكون مخطئاً، لأنك من الممكن أنك تنظر إلى كوكب المشترى مثلاً. لكن لماذا تتلألأ النجوم بهذة الطريقة الجميلة المُبهرة؟

قبل أن نجُيب على هذا السؤال: دعونا نذكر شيئاً عن الغلاف الجوى، الغلاف الجوى يؤثر عليك تأثيراً كبيراً حيث أنك تحمل وزن الغلاف الجوي بأكمله على كتفيك، هذا ليس بكل شئ، أيضاً فى كل بوصة مربعة من بشرتك تتعرض لضغط يُقدر بـ 15 باوند. ورغم الحاجة الشديدة للغلاف الجوى لبقاء البشرية على سطح الأرض إلا انه يجعل مشاهدة الأجسام الفضائية أمراً صعباً بل ويكاد أن يكون خادعاً.

عند إحضار كوب مملوء نصفه ماء، وقمنا بتسليط ضوءاً ملون من أعلى سطحه. فنلاحظ أن الضوء (انكسر) عن مساره بداخل الماء. هذا هو مايحدث حينما نرى النجوم، فانه حينما يمر شعاع الضوء إلى الأسفل من الأعلى عبر حجم معين من الهواء، فيقوم بإضطراب فى الغلاف الجوى للأرض وهذا مايسبب ظاهرة الإنكسار "Refraction" للأشعة الضوئية من حين لأخر.

وبذلك نرى النجوم متلألأ فى السماء، فالضوء الذى سيصدر من النجوم سيمر عبر الغلاف الجوي للأرض، وبسبب التغييرات فى الغلاف الجوي، فإن الضوء سيعانى من حدوث إنكسارات مختلفة تحدث خلال أزمنة من الميللى من الثانية قبل أن يصل لأعيننا، وذلك الضوء سيعانى خلال مسيرته إلينا الكثير من الإنكسارات فى أزمنة مختلفة وفى أماكن مختلفة. وهذا مايجعل النجم يغير من حقيقته فى وصوله إلينا من نجم فعلياً يصدر ضوءاً فقط لا يلمع ولا يتلألأ لنجم نراه متلألأ لامعاً فى السماء، فظاهرة الانكسار الفيزيائية هى السبب فى هذة الخدعة التى كلنا تعرضنا لها، فالنجوم فعلياً لا تلمع ولا تتلألأ، وإنما الانكسار الذي يحصل على الضوء الآتي منها وصولاً لأعيننا هو ما يجعلها تبدو كذلك.

ليس كل ماتراه صباحاً من ألوان السماء هى ألوان حقيقة

هذا العنوان يحمل الكثير من الأقاويل الخاطئة لكنها شائعة مثل: الشمس لونها أصفر، السماء زرقاء. هذة الجمل صحيحة فى مايبدو ظاهراً لنا، لكنها خاطئة فى مكنونها. فالشمس ليست صفراء لكنها بيضاء اللون.

لكن لماذا تبدو صفراء؟... السبب هو أن أشعة الشمس تتبعثر فى الهواء قبل أن تصل لأعيننا، هنا يقوم الغلاف الجوي بإزالة الموجات الطولية القصيرة (ألوان الأزرق والبنفسجي) من الطيف المرئى (ألوان قوس قزح: أحمر برتقالي أصفر أخضر أزرق نيلي بنفسجي، والطيف المرئي هو الجزء المحدود والمسموح لنا برؤيته من طيف الأشعة الكهرومغناطيسية)، فتندمج الألوان المتبقية من الطيف مكونة لون أصفر، هذا هو اللون الظاهر للون الشمس.

هذا التبعثر لأشعة الشمس فى الهواء يسمى تبعثر ريليه (نسبة إلى العالم الفيزيائي البريطاني جون ويليام ريليه، واصفاً هذا التبعثر المرن للأشعة الكهرومغناطيسية) وبما أن الشمس نجم، فأن كل نجم له لون معين يُحدد من حيث حجمه ودرجة حرارته. هذا هو الحال والكيفية التى تجعلنا أيضاً نرى السماء زرقاء بنفس الطريقة.

بعيداً عن النظريات المُعقدة: كيف تصبح الفيزياء مُسلية؟!

كل ماتنظر له صباحاً ومساءً في السماء ما هو إلا انك تنظر في الماضي

كل ماننظر له فى السماء إنما ننظر غليه فى الماضى ليس فى هذا الحاضر كما نرى، ضوء القمر يصل إلى أعيننا خلال 1.30 ثانية، هذا معناه أننا ننظر إلى القمر من ثانية ونصف فى الماضي. كذلك الشمس نراها بحوالى 8 دقائق من الماضى، لأن ضوئها يصل إلى الأرض فى حوالي 8 دقائق..

كذلك أقرب نجم لنا بعد الشمس نراه بحوالى 4 سنوات فى الماضي، كذلك أقرب مجرة نراها بحوالى 2.50 مليون سنة للماضى… إذن كل ماننظر إليه فأننا نراه للماضي. فدعونا نتخيل إن قمنا برحلة إلى (أقرب مجرة لنا) وأردنا أن ننظر إلى الأرض، حقاً سنرى الأرض فى زمن الديناصورات. هذة هى حقيقة كوننا الخادع الذى يعزف أمتع وأجمل الألحان على سيمفونية الفيزياء بقيادة الرياضيات.

ختاماً... لماذا لا تنظر الينا كما ننظر إليك؟ لماذا لا تظهر بأكملك لنا ؟! هل تخبئ شيئاً عنا ؟! أم تحضره لنا ؟! لماذا لا نرى إلا عدد محدود من النجوم كل ليلة فقط و نراهم فى الماضي.

لماذ لا نرى إلا مساحة محدودة مسموحة لنا فقط برؤيتها من الأشعة الكهرومغناطيسية؟ لماذا...؟ لماذا...؟ هل بالفعل كما قال كارل ساجان "فى مكان ما شئ عظيم ينتظر أن يكُتشف"، ياله من غموض كوننا الذى لايريد أن يكشف نفسه لنا بأكمله، فقط استرجع مقولة ريتشارد فاينمان لكى اطمئن "أنا كون من الذرات وذرة من الكون".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً