العدد 4795 - الجمعة 23 أكتوبر 2015م الموافق 09 محرم 1437هـ

الحسين الذي نعشق

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

لم يكن رجلاً عادياً، بأخلاقه التي جُبِل عليها في بيت النبوة واكتسبها من منبع الرسالة، له مآثر لا تحصى، وحكايا تطول في الأخلاق الحسنة والمواقف الطيبة.

الحسين بن علي عليه السلام، الذي حين استشهد بكربلاء وجدوا آثار جراح قديمة على ظهره غير الجراح التي أحدثتها المعركة، وحين سألوا عنها، أجابهم الإمام علي بن الحسين أنها آثار حمل المؤن للأيتام والأرامل، فقد كان كريماً في السر قبل العلن كأبيه. هو الذي حين حلّت ليلة العاشر من المحرّم، وحين طوت الظلمة كلّ شيءٍ جمع الإمام أصحابه وأهل بيته، وقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: «أمّا بعد، فإنّني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، فجزاكم الله جميعاً عنّي خيراً. ألا وإنّي لأظنّ يومنا من هؤلاء الأعداء غداً، وإنّي قد أذنت لكم جميعاً، فانطلقوا في حلّ ليس عليكم مني ذمام، وهذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً ... فإنّ القوم إنّما يطلبونني، ولو أصابوني لهوا عن طلب غيري».

بهذه الأخلاق تحلى الحسين، فقد أوضح الإمام لهم كلّ شيءٍ، وحدّد لهم مصيرهم وهو القتل، ليكونوا على بيّنة من أمرهم، ورغب أن ينصرفوا تحت جنح الظلام، فيكون لهم ستاراً، كما أنّ الظلام يخفي خجلهم إن هم رغبوا في فراقه.

لكنّه لم يكد يفرغ من كلامه، حتى هبّت الصفوة الطيبة من أهل بيته يتقدّمهم أخوه العباس قائلين: «لم نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك؟ لا أرانا الله ذلك أبداً».

وتبعهم خيرة أصحاب الحسين الآخرين.

يخيّرهم في آخر اللحظات قبل المعركة، وهو يعلم أنهم أقل عدداً وعتاداً، كي لا يشق عليهم، يسألهم الرحيل إن رغبوا به، وهو يعلم أنه سيغدو وحيداً لا ناصر له، فأي خلق هذا الذي يتزين به؟

هذا الخلق الممتد لكل المواقف السابقة له والتي تملأ كتب سيرته الشريفة، فهو الذي إن وعد صدق، وإن طلب منه أحد خيراً وجده وأكثر منه، فقد كان يجالس المساكين متواضعاً؛ إذ روى ابن عساكر بإسناده عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن الحسين مر بصبية ومعهم كسرة فسألوه أن يأكل معهم، فجلس وأكل، ثم قال لهم: قد أجبتكم فأجيبوني، قالوا: نعم، فمضى بهم إلى منزله فقال للرباب: اخرجي ما كنت تدخرين.

مواقف كثيرة لا تحصى، وحكايا لو أخذنا منها العبرة لعشنا الحياة بوجع أقل وسعادة أكثر وأمل لا ينضب، كيف لا ونحن نتعلم من أهل بيت رسول الله كيف نغدو بشراً تميزنا أخلاقنا الطيبة عن غيرنا وتحبب الخلق فينا، وتساعدنا على اجتياز كل عثرة وكبوة بصبر وإيمان إن الله سيكون معنا كما دائماً.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4795 - الجمعة 23 أكتوبر 2015م الموافق 09 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 9:13 ص

      هم

      اهل البيت عليهم السلام هم رجال الله فى الارض هم الحق هم الحريه هم السعاده هم العبادة هم كل شى فى الوجود هم الكرامة هم الاخلاق الحميده
      هم الذين يضحون باموالهم لاجل الفقراء واليتامه ولايريدون من الدنيا اله رضى الله
      اللهم صلى على محمد واله محمد وثبتنا على ولايتهم

    • زائر 2 | 3:03 ص

      القائد

      السلام على الحسين

    • زائر 1 | 10:23 م

      نسيتي امرا

      هو الذي الهم مئات الثورات على مر التاريخ مرورا هو الذي سطر ابرز مباحم الاباء و رفض الظلم و عندما نتخير بين الموت و الذلة نختار عزة الموت ، هو الذي علمنا مجاهدة و قتال العدو و الظلم لاخر نفس و مهما كانوحجمه ، و اهم من ذلك هو من فدى بنفسه لأجل دين جده ص ، علما ان نقوم لله و في الله فهو القائل كما قبل اخر لحظات عمره ( الهي تركت الخلق طرا في هواك و ايتمت العيال كل اراك ،فلو قطعتني اربا ما مال الفؤاد الى سواك )عزة كرامة اباء سنواجه بها كل الظلمة و سننتصر عليهم و سنحقق عدل السماء في الارض ان شاء الله

اقرأ ايضاً