العدد 4798 - الإثنين 26 أكتوبر 2015م الموافق 12 محرم 1437هـ

الحُلم الجميل!

محمد عباس علي comments [at] alwasatnews.com

عضو سابق في مجلس بلدي المحرق

أتفق تماماً مع القول المشهور بأن الأمور العظيمة والإنجازات التي ترتقي إلى المعجزات عادة ما تبدأ بالأحلام، حيث تتخطى الأحلام المتفائلة العوائق والعقبات التي تعرقل بزوغ الفجر الجديد بكل ما يحمل من أمنيات محبوسة، جل ما تروم له هو الخير ونشر المحبة والألفة، من أجل الحياة بصورة طبيعية، التي يرتضيها جميع الأسوياء من البشر.

فعندما وقف القس والناشط في مجال الحقوق المدنية، ذو الأصول الإفريقية مارتن لوثر كنج (1929 - 1968) في الثامن والعشرين من (أغسطس/آب عام 1963) على عتبات النصب التذكاري للرئيس الأميركي والمحامي والناشط الحقوقي أبرهام لنكلن (1809 – 1865)، حيث الرمزية لتاريخ صاحب النصب، بالعاصمة الأميركية واشنطن دي سي، والقى خطابه الشهير المعنون بـ «لدي حلم» I Have a Dream!، الذي سرد فيه الكثير من الأحلام التي كان يتوق إليها الملايين من البشر، ليس فقط الذين من بني جلدته، لكني أجزم بأن أضعاف أضعافهم من البشر حول العالم، كانوا ولايزالون يطالبون بالمطالب نفسها، ولو اختلفت الظروف الزمانية والمكانية. فالحلم بالحرية والعدالة الإجتماعية والمساواة والعيش المشترك المبني على الاحترام المتبادل وفق أنظمة وقوانين تجد طريقها للتطبيق على أرض الواقع، تنصف الجميع، كلها بلاشك قيم إنسانية يتوق لها جميع الأسوياء من البشر.

فعلى رغم الظروف القاسية، التفاؤل بغد مشرق أمر في غاية الأهمية، إذ إنه يساعد إلى حد كبير في التفكير خارج الصندوق. فهذا النوع من التفكير لا يساعد فقط على تحسين الصحة النفسية للفرد ويبعد الأفكار السوداوية، بل من الممكن أن يسهم في إيجاد مخارج وحلول لكثير من الأمور التي قد تبدو مستحيلة.

شخصيّاً، وأعتقد يشاركني في ذلك الكثير من أبناء بلدي عندما سمعنا وقرأنا عن خبر إعطاء جائزة نوبل للسلام إلى منظمات أهلية تونسية لمساهمتها في إيجاد مناخات بناءة وإيجابية أسهمت في إجراء حوارات وطنية، نتج عنها حقن دماء التونسيين، كما ساهمت بشكل كبير في إرساء العملية الديمقراطية من خلال الاحتكام إلى صناديق الاقتراع. وعليه استحقوا نيل هذه الجائزة العالمية المرموقة، في هذا الحقل الإنساني العظيم، وهو السلام!

لن أدخل في جدل تقييم مثل هذه الجائزة التي منحت في السابق إلى أناس لم يستحقوها!... لكن بلاشك أن هذه الجائزة العالمية المرموقة منحت إلى شخصيات عظيمة ومؤثرة، قارعت الظلم والاضطهاد لعقود، وأرست مدارس سيخلدها التاريخ لنضال الشعوب، مثل الرئيس السابق لجنوب إفريقيا نيلسون مانديلا (1918 - 2013).

بالرجوع إلى الحُلم، فإن أول ما تبادر إلى ذهني وبطريقة تلقائية،.... أنه من الممكن أن يحصل على هذه الجائزة المرموقة شخصيات وطنية كبيرة من أبناء وطني الغالي. نعم عندنا من القامات الكبيرة والفاعلة أناس يستحقون مثل هذه الجائزة المرموقة، إذ نذروا أنفسهم لرفعة وطننا من خلال المطالبة بالطرق السلمية والحضارية بإرساء أسس العدالة والديمقراطية والحرية والكرامة لجميع أهل هذه الأرض المعطاءة، بل أجزم بأن قلوبهم الكبيرة والمحبة تتسع لجميع بني البشر، أينما وجدوا!

هم أناس نذروا أنفسهم للعمل وبشكل جلي لا لبس فيه، من أجل إحقاق الحق ونبذ البغضاء والحقد والكراهية والتخوين الأعمى، من خلال المطالبة بتحكيم لغة العقل والمنطق وإعطاء إنسان هذا الوطن، جميع أهل الوطن، بدون التقسيمات المختلفة والتي ماأنزل الله بها من سلطان، والمبنية على العصبية واللاقانون، فرصة للعطاء من خلال اعتماد معايير عالمية مجربة أثبتت فاعليتها، مثل العدالة والكفاءة والشفافية.

فهؤلاء كثر وهم موجودون في الكثير من المواقع الحيوية في بلدنا الحبيب. فمنهم الساسة والحقوقيون والنقابيون والمحامون والكتاب، بل ومن الناس البسطاء الذين يتفوهون بكل تلقائية بما يشعرون به من أحاسيس ومشاعر إنسانية نقية، لم تلوثها الأحقاد ولا العصبيات العمياء المدمرة التي تحمل أمراضاً فتاكة، حيث تنشر الحقد والأنانية أينما حلت.

حلمنا المشروع ليس فقط أن ينال عدد من أفراد بلدي جوائز عالمية مرموقة، مثل جائزة نوبل للسلام، بل في أعتقادي إن إنسان هذه الأرض متى ما اتيحت له المناخات الصحية المناسبة، فهو بلاشك ستتفتق مواهبه وتتفجر طاقاته، وسيبدع في جميع الحقول العلمية والمعرفية، وسيسهم بمختلف الطرق في مسيرة الحضارة الإنسانية. فهذه الأرض ولادةّ!

بل الأهم من الجوائز هو أن يحدث التغيير الإيجابي الحقيقي، الذي يتوق إليه جميع الأسوياء من البشر، والمتلخص في إعطاء إنسان هذه الأرض الفرصة للحياة الشريفة من خلال تفعيل مقومات أساسية، كالحرية، والعدالة الاجتماعية، والمنافسة الشريفة، والشفافية... إلى آخره من قيم إنسانية سامية،... أليس هذا حلماً مشروعاً؟!

إقرأ أيضا لـ "محمد عباس علي"

العدد 4798 - الإثنين 26 أكتوبر 2015م الموافق 12 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 11:04 ص

      أوافقك الرأي دكتور و كم جميل لو يتحول هذا الحلم أو المشروع إلى واقع معاش ، ليس في البحرين فقط بل في كل الوطن العربي .
      بهيجة مجاهد

    • زائر 9 | 3:16 م

      رد على 7

      الجمعيات السياسيه مثل الوفاق وووعد وجميع الجمعيات المعارضه هم اصح لقضية البلد لو مو هم اصح شان ما قامت الحكومة واعتقلتهم ارجوا منك ان تتثقف قبل ان تتكلم وانت ترى الرمووز واصحاب جمعية الوفاق وهم فى السجون بمجرد تكلمو بالحق لصالح الشعب الله يهيديك ونور قلبك على الحقيقة
      وسيرو ياجمعيات الحق والعدالة والله معكم والشعب المظلووووووم خصوصا البحرانى

    • زائر 8 | 12:50 م

      مشروع يستحق التأمل فيه

      حلم جميل أتفق معك و ان شاء الله يتحقق في القريب العاجل . شكرا لك دكتور مقال رائع جدا

    • زائر 7 | 7:39 ص

      نتمنى بروز الحكماء الوطنيين الذين يستطيعوا أن يزيحوا

      هذه الجمعيات الطائفية ويوحدا الشعب في جمعيات مدنية تحتضن الجميع وتحقق المطالب العادلة وتسير في الطريق الصح كباقي دول العالم المتحضر العريق في الديمقراطيه

    • زائر 6 | 5:37 ص

      هل يعقل ان يكون العربي بمستوى الشعوب الاخرى؟

      الواقع يقول ان الشعوب العربية لايمكنها النهوض والتقدم. فهل يعقل ان نحلم بان نكون مثل باقي الشعقوب الاخرى؟ !! معقول

    • زائر 5 | 5:28 ص

      هل يخدم الوطن الأنانيون؟

      الوطن يخدمه من يتمسك ويعمل بكل ما يستطيع على رفعته من خلال العناية بالمواطنين. والمقصود بالمواطنين هنا جميع فئات الشعب بدون تميز ولا محاباة. والعناية بالمواطن فانه اللبنة التي يتكون منها الوطن، حين ذلك يتمو في جميع مناحي الحياة.
      لو سخرت الامكانيات لأبناء البحرين فسوف نرى تقدمهم في جميع مرافق الحياة. فهو بالتأكيد لا يقلون في كفاءاتهم وفي طاقاتهم وامكانياتهم عن باقي الشعوب الحية. ولكن ما يحدث هو انهم لا يعطون الفرص التي تعطى للشعوب الاخرى. والدليل على ذلك كثرة الجامعين العاطلين من فئة معينة!!

    • زائر 4 | 5:20 ص

      محب للخير

      نعم ان الانسان السوي هو من يحب الخير له وللأخرين. فلا تستقيم الامور اذا كانت الاوضاع تؤشر إلى ان هناك خلل في جانب العدالة الا جتماعية. وليتذكر من يحب الخير له فقط او إلى شريحة معينة، على حساب الشرائح الاخرى في المجتمع، بأن الله سبحانه وتعالى موجود وهو لايغادر صغيرة ولا كبيرة إلا احصاهها، سبحانه وتعالى. وهو الرزاق. وهو الذي اودع فينا القدرات..

    • زائر 3 | 5:09 ص

      جميلا جداً

      أحلى ما في هذا الحلم انه لا يتحدث عن فئة، بل عن وطن وعن جميع مكوناته. الحديث عن الوطن والكفاءات والشفافية ورعاية الطاقات بشكل شامل وبعيد عن التقسيمات المجزئة للوطن حو الحل للتقدم ولبناء الوطن. اذا صدقت النيات وقطع دابر الطائفين، وحسنت النيات سوف يتحقق هذا الحلم الجميل، بإذن الله سبحانه وتعالى وبعزيمة جدميع المخلصين وهم كثر.

    • زائر 2 | 4:59 ص

      حلم جميل

      اتفق معك بأنه حلم جميل، ونتنمني ان تهيئ البيئة الصالحة لتحقيق هذا الحلم الوطني بامتياز. بالبحرين زاخرة بالطاقات المعطلة، والتي لم تحصل على الظروف الملائمة كي تنمو وتزدهر.

    • زائر 1 | 12:24 ص

      حلم مشروع

      نعم انه حلم مشروع يا دكتور ،ولكنه سيبقى حلما فى بلد تقتل فيه المواهب والكفاءات وكل ما ينتمي للخير بصلة .

اقرأ ايضاً