العدد 4807 - الأربعاء 04 نوفمبر 2015م الموافق 21 محرم 1437هـ

المال والعربدة الأميركية في مناطق الاضطرابات

هاني الريس comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي بحريني

تَصرُّ الولايات المتحدة الأميركية، دائماً على اعتماد القوة العسكرية كقاعدة أساسية في سياساتها الدولية، بذريعة ما تعتبره «خدمة ضرورية وملحَّة لمشاريع السلام والأمن والاستقرار حول العالم»، ولاسيما في مناطق الحروب والاضطرابات والنزاعات المسلحة، التي تعجز الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن معالجتها أو عرقلة تنفيذها وتعسر كبحها بالوسائل «القانونية الدولية المشروعة».

وعلى سبيل المثال، ما كانت تقوم به الولايات المتحدة، منذ عدة عقود مضت في دول أميركا اللاتينية والبلقان، وخلال الفترة الحالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا. بتبني برامج خاصة لإعداد «قوات مسلحة» تخدم قضايا السلام والأمن في مختلف مناطق العالم، على اعتبار أن استمرار الحروب والاضطرابات في كل هذه المناطق، يمكن أن يهدد ليس فقط الاستقرار الوطني والمحيط الإقليمي لتلك الدول، إنما أيضاً مسيرة السلام والأمن في بلدان العالم برمَّته.

وتكلف مشاريع وبرامج إعداد القوات المسلحة الأميركية، المكلفة حفظ الأمن والسلام في العالم، مليارات الدولارات من أموال الخزينة الاميركية، على رغم عدم جدوى المهمات الرئيسية التي تقوم بها تلك القوات، في المساعدة على تعزيز السلام والاستقرار في جميع مناطق الحروب والاضطرابات، بسبب وجود الحركات والقوى السياسية أو العسكرية، التي لم تعد تعترف بسياسات العربدة الأميركية، «حمالة الأوجه» التي لا تسير بخط مستقيم في معالجة القضايا الملحَّة، وتركز فقط على المصالح الحيوية الاميركية، في خضم دوائرالصراع الدولي.

وكشفت آخر التقارير، عن أن الإدارة الاميركية، صرفت مئات المليارات من الدولارات خلال السنوات السابقة والأشهر الأخيرة من العام 2015 على البرامج المخصصة لاعداد وتدريب «وحدات القوات المسلحة» التي أوكلت لها مهمات «حفظ السلام والأمن في الشرق الاوسط وشمال إفريقيا وجنوب القارة الآسيوية» ومنها قرابة 65 مليار دولار لتأهيل قوات الجيش والشرطة الأفغانية، وأكثر من 25 مليار دولار لتجهيز وتدريب فرق القوات الخاصة في الجيش والشرطة العراقية، وأكثر من 500 مليون دولار لتجنيد عناصر جديدة في صفوف المعارضة السورية، وقرابة 600 مليار دولار لدعم القوات العسكرية والاستخباراتية في مجموعة دول شمال وجنوب القارة الإفريقية، في وقت يؤكد فيه معظم المراقبين الدوليين، عدم قدرة البرامج التسليحية الأميركية المتعددة، على إحراز نتائج مهمة تقود إلى تحقيق الأهداف والتطلعات المنشودة بإحلال السلام والأمن والاستقرار في جميع المناطق المقصودة، إذ تحتدم هناك حدة الصراعات والعنف، وحيث يظل شركاء الادارة الأميركية، يتصارعون على السيطرة أو الأستحواذ أو اقتسام «المغانم» المالية والعسكرية والعينية، المقدمة من واشنطن أو بعض حلفائها في الصراع، في ظل غياب الإرادة السياسية الحقيقية والصادقة.

وعلى رغم كل هذه الخسائر الاقتصادية الفادحة، وعجز البرامج التسليحية الأميركية، وفشلها في مواجهة مختلف قضايا الارهاب والتطرف حول العالم، فإنه لايزال مساعدو ومستشارو الرئيس الأميركي باراك أوباما، لشئون الأمن القومي، يقترحون إرسال المزيد من القوات الأميركية الخاصة، وجحافل المستشارين العسكريين، إلى مختلف مناطق العمليات العسكرية في سورية والعراق وأفغانستان، بسبب سخونة الأوضاع، واحتدام الصراع الشرس، بين القوات النظامية الرسمية والحركات المتطرفة والإرهابية، والتي صاحبتها خلال المراحل الأخيرة، بعض التدخلات العسكرية المباشرة، سواء على مستوى دول المنطقة، أو من جانب الاتحاد الروسي، الذي بسط ظله العسكري بقوة على الجبهة السورية أخيراً، وذلك انطلاقاً من فكرة أن تأمين تفوق الولايات المتحدة الأميركية، في الخارج هو مهمة ضرورية وملحَّة، وعلى الادارة الأميركية إنجازها بشتى الطرق الممكنة، لكن بشرط ألا تكلف الولايات المتحدة، أرواحا بشرية هائلة، مثل ما كلفتها حروب الأنظمة السياسية المستقلة وذات السيادة، التي لم تخضع لإرادتها المطلقة، وتحدت جبروت أدواتها العسكرية، سواء على مستوى حروب فيتنام وكمبوديا وكوريا والصومال والبوسنة والهرسك وأفغانستان والعراق، أو بالنسبة إلى الأنظمة العالمية الأخرى، التي حاولت أن تواجه غطرسة الإدارات الأميركية، حيال مسائل فرض مشاريع التجارة الحرة والتعاون الاقتصادي وكلفت الولايات المتحدة، مئات الآلاف من الضحايا العسكريين والفنيين والاستشاريين والأمنيين، الذين سقطوا في ساحات المعارك الضارية، بين قتيل وجريح ومفقود، وعليه ـ بحسب هؤلاء المساعدين والمستشارين، أنه يجب على الولايات المتحدة الأميركية، أن تبقى محافظة على نفوذها وتفوقها في ساحات الصراع الدولي، حتى لو اضطرت إلى صرف أموال خيالية طائلة، وذلك في سبيل تحقيق أهدافها وتطلعاتها باتجاه فرض واقع السيطرة والهيمنة، التي سيطرت على «العقلية الأميركية» من بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، أو على الأقل أن تكون صاحبة السلطة المطلقة في شئون الأمن الدولي، تحت مبرر أن «عظمة أميركا وجلالها» هي الأقدر على حماية أوضاع العالم برمته، وتحقيق «الأمن والسلام الدوليين» الذي تعجز فيه منظمة الأمم المتحدة، أو المجتمع الدولي عن تحقيقه.

إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"

العدد 4807 - الأربعاء 04 نوفمبر 2015م الموافق 21 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 11:07 ص

      ما تنفع إلا القوة لتأمين المصالح

      إذا كان هناك تنافس على المصالح بين أمريكا و الروس في أفغانستان و أمريكا اللاتينية فلابد من الحسم العسكري مباشرة أو غير مباشرة.
      ما يحصل في سوريا حرب مصالح بين الروس و أمريكا. و الثمن الشعب السوري الذي انقسم على أسس عرقية و مذهبية و غيره.
      المهم الحفاظ على قواعد الروس و تحييد سوريا و إيجاد موطئ قدم أو قواعد لأمريكا و غيرها.
      بدون استعمال القوة و التدخل سيبقى الاسد مسيطرا في سوريا و هذا ليس لمصلحة روسيا و أمريكا

    • زائر 1 | 1:49 ص

      الاطماع الامريكية

      نعم سوف تفرض امريكا نفوذها وسطوتها على جميع الامم التي تكون خانعة لافعالها وطامعة في اموالها الزائفة وانا لله وانا اليه راجعون .

اقرأ ايضاً