العدد 4818 - الأحد 15 نوفمبر 2015م الموافق 02 صفر 1437هـ

متى يغيّر الرئيس الفرنسي سياسته؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إذا كانت تفجيرات «شارل ايبدو» مطلع العام 2015، أسهمت في استعادة الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند جزءاً كبيراً من شعبيته المتراجعة وتعزيز سياساته الخارجية، فإن من المؤكد أن تفجيرات باريس الأخيرة ستدفعه إلى تغيير هذه السياسات باتجاه أكثر عملية ومسئولية وعقلانية.

فرنسا التي كانت تتميّز باستقلالها عن السياسات الأميركية، لعقود طويلة، تحوّلت إلى تبنّي مواقف يمينية تزايد فيها على المواقف الأميركية، في عهد الرئيس السابق ساركوزي، وخلفه الاشتراكي أولاند. وهكذا تميّزت مواقفه بالتطرف والتشدّد، ووضع العصا في عجلة أية حلول لمشاكل المنطقة وملفاتها المعقدة، من أجل ضمان الحصول على صفقات أسلحة.

في الموضوع الليبي، كان ساركوزي من أقرب الزعماء الأوروبيين لمعمّر القذافي، الذي دعمه بالملايين في حملته الانتخابية، ولكنه كان أولّ من تخلّى عنه، وكان في مقدمة المشاركين في الحملة العسكرية التي أطاحت به. وسبق ذلك تخلّيه عن صديقه الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، الذي فرّ بطائرته ليلاً، وحاول الاتصال به لترتيب منحه اللجوء في فرنسا، إلا أنه لم يردّ على اتصاله، وأغلق الأجواء الفرنسية أمام طائرته.

الغربيون ليس لهم صديقٌ أو حليفٌ غير المصالح والصفقات، وهو ما يفسّر مواقف أولاند المتشدّدة في مختلف قضايا المنطقة. ومع ذلك فإن تفجيرات باريس الأخيرة وفداحة خسائرها، ستضطره لتغيير موقفه مكرَهاً. وقد اعترف بأن هذه الجريمة تمت بـ «تخطيط خارجي، وبتعاون داخلي». ومع أنه كان من أكبر الداعمين للتنظيمات المسلحة التي كانت تقاتل النظام السوري، إلا أن «داعش» خاطب أنصاره وخلاياه الكثيرة في فرنسا، بأن من لا يستطيع الهجرة للقتال في سورية، فلينفّذ عمليات انتقامية داخل فرنسا نفسها! وهي دليلٌ جديدٌ على ما آلت إليه السياسات الغربية البائسة من نتائج، بسبب دعمها الأعمى لهذه التنظيمات التكفيرية، حيث ينقلب السحر على الساحر كل مرة، فلا هم يتوبون ولا هم يستيقظون!

كثيرٌ من المحللين حاولوا الإجابة على سؤال: لماذا اختار «داعش» فرنسا لتوجيه ضربته؟ وكل ما قدّموه أسباب غير مقنعة، لأن المنطق يفرض أن تكون فرنسا آخر من يفكّر «داعش» في ضربه، على الأقل احتراماً لمواقف رئيسها المتشددة ضد النظام السوري، وإصراره حتى الأخير على إسقاطه، ودعوته إلى عدم تقديم أية تنازلات له حتى قبل لقاء فيينا الأخير. ولكنّ هذه التنظيمات ذات التركيبة الفكرية العدوانية الشاملة، عوّدت الجميع على سلسلةٍ من الانقلابات على داعميها من الدول في العالم والإقليم. وهو ما يؤكّد افتقارها لأيّ مشروع سياسي قابل للحياة والبقاء.

مع إطلاق موجة المهاجرين السوريين باتجاه الغرب قبل شهرين، أعلنت «داعش» أنها أرسلت 3000 من عناصرها ضمن هذه الألوف المؤلفة، وكان ذلك تهديداً مبطَّناً لمستقبِلِيهم في القارة الأوروبية، لم ينصتوا له. اليوم من المؤكد أنهم سيعيدون التفكير في طريقة تعاطيهم مع اللاجئين، بصورة مختلفة، حيث سيخضع هؤلاء اللاجئون، وبعضهم كانوا مقاتلين، لإجراءات مشددة، تقوم على الشك والارتياب. وقد كان لافتاً المعلومات الأولية التي بدأوا بتسريبها، مثل وجود جواز سفر سوري بجوار أحد الانتحاريين، وكشف خلايا في بلدان أخرى مثل بلجيكا، مرتبطة بمنفّذي هذه الهجمات الدموية. إلا أن أكثر ما يثير الرعب لدى الفرنسيين هو محاولة تخيّل عدد تلك الخلايا في الداخل الفرنسي، مع وجود خمسة ملايين مسلم، خرج من بينهم أكبر مجموعةٍ للقتال في سورية، تحت سمع وبصر السلطات الفرنسية، وعاد بعضهم مؤخراً مزوَّداً بأبشع فنون القتل وأساليب القتال.

أولاند الذي كان «منغمساً» إلى ذقنه في دعم هذه التنظيمات المسلحة في سورية، هو من أكثر من سيعاني من «الانغماسيين» من أنصار «داعش» في فرنسا.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4818 - الأحد 15 نوفمبر 2015م الموافق 02 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 23 | 4:06 ص

      هذه نتيجة الانغماس مع الانغماسيين!!!!!!!!!!

      أولاند الذي كان «منغمساً» إلى ذقنه في دعم هذه التنظيمات المسلحة في سورية، هو من أكثر من سيعاني من «الانغماسيين» من أنصار «داعش» في فرنسا.

    • زائر 22 | 3:42 ص

      الدول الغربية و الدول العربية و إيران و غيرهم الكثير استخدموا التنظيمات الجهادية و الإرهابية لتصفية حساباتهم مع خصومهم

      نصف الحقيقة ضارة. صحيح أن الدول الغربية و العربية استخدمت التنظيمات الجهادية و الإرهابية لتصفية حساباتها مع خصومها، و لكن من لم يستخدم هذه الطريقة .... حتى إيران استخدمت تنظيم القاعدة في أفغانستان و العراق لضرب قوات الإحتلال الأمريكي (و سقط مع ذلك عشرات الآلاف من العراقيين المدنيين و العسكريين) ... المخابرات السورية كانت تدرب و تسهل مرور الجهاديين من و إلى العراق لضرب الأمريكان. لا ننسى تفجيرات بغداد في أغسطس 2009 و التي اتهم فيها المالكي المخابرات السورية بأنها هي من يقف وراءها.

    • زائر 19 | 1:30 ص

      دعموهم وسلحوهم ويدافعون عنهم

      وبعدين يبكون . امريكا وفرنسا.
      انتم تربون الافاعي في احضانهم

    • زائر 17 | 1:25 ص

      هذه نتيجة الانغماس والانغماسيين يا هولاند

      أولاند الذي كان «منغمساً» إلى ذقنه في دعم هذه التنظيمات المسلحة في سورية، هو من أكثر من سيعاني من «الانغماسيين» من أنصار «داعش» في فرنسا.

    • زائر 16 | 12:59 ص

      انا مادري اذا كان لك باع بتاريخ فرنسا انا اقول بسكم نفاق

      فرنسا كانت من الدول الاستعماريه كانت تحتل الجزائر ,, وتوجد عديد من الصور وجنود فرنسا يقطعون رؤوس الجزائريين وقتلو مئات الالاف من الجزائريين وكانو يجربون عليهم اشعاعات قاتله وغيرها من مشاهد بشعه ,, هؤلاء الفرنسيين ارهابيين بالفطره و لا يغرنكم شكلهم ,, لقد تشمتو بالطائره الروسيه المنكوبه وتشمتو بمقتل اللاجئين وهم يحرقون خيم اللاجئين .. فعن أي حريه نتكلم ؟؟ سوريه والعراق مئات الالاف القتلى والضحايا كان الجدير بالكاتبين في هذه الصحيفه ان يكتبو عن شهداء لبنان وسوريا والعراق وبسكم نفاق

    • زائر 25 زائر 16 | 5:46 ص

      تصيح

      ليس آلاف. بل مليون. الجزائر بلد المليون شهيد. لا يزال مستمرون بنفس السياسة في المحيط الهادي. يستعيدون السكان الأصليين. الحث في الإنترنيت عن تصرفات فرنسا

    • زائر 15 | 12:49 ص

      6

      مثل ما قال السيد بشار الاسد الارهاب سيرتد على داعميه وصانعيه .. نتيجة حتمية .. توها البداية

    • زائر 12 | 12:14 ص

      الضد و التضاد في المقال

      في الفقرة الاولي يؤكد كاتب المقال علي تغيير سياسة فرنسا. كيف؟ ما الدليل؟. لا يوجد. في الفقرة الثالثة يذكر الأصل في عدم وجود اساس لتعامل الغرب سوي المصالح. هل الانفجارات هزت المصالح حتي نؤكد تغيير السياسات الفرنسية؟. المصلحة باقية. الشوق لترك السلطة بالبلايين باق. لذلك الزوبعة الإعلامية ستنتهي و الفرنسيون ينسون و رجالاتهم يستغنون.

    • زائر 18 زائر 12 | 1:29 ص

      بدأت ضربات فرنسا لداعش

      وسوف يغيرون مواقفهم رغما عنهم. اذهب تابع الاخبار لتعرف ما يجري في العالم.البربرة ما تزيد الانسان الا تعصب.

    • زائر 11 | 11:55 م

      عقلية الممانع تذكرك بعقلية الطفل!

      أتذكر عندما حدثت تفجيرات سبتمبر 2011 في نيويورك خرج بعض المدافعين عن الإرهاب الإسلامي و قالوا أن سبب التفجيرات هو انحياز أمريكا لإسرائيل و البطالة و التهميش و القمع و دعم امريكا للحكومات العربية الدكتاتورية! تصور هؤلاء السذج أن السياسة الخارجية لقوة عظمى كامريكا يمكن تغييرها إلى الإتجاه المضاد بتفجير إرهابي هنا و هناك! المفاجأة أنهم رأؤوا جبروت و بطش أمريكا من 2011 و حتى يومنا هذا (و الربيع العربي الذي أحرقتهم به أمريكا أيضا داخل في دائرة إنتقام أمريكا لأحداث سبتمبر 2001).

    • زائر 10 | 11:47 م

      ابراهيم

      سلحوهم وجهزوهم للتفجير وقتل السوريين والعراقيين فقط لكن الافاعي لها اجندتها ايضا فانتشرت في دولهم ايضا لابد من اعادة نورمبيرغ ومساءلة الرؤساء المجهزين والممولين للارهابين وان تعذر ننتظر خروجهم من السلطه

    • زائر 9 | 11:45 م

      حتى أنا أستطيع أن أحرق سيارة جاري الذي أكرهه و أنسب التفجير لداعش!

      داعش فجرت باريس و داعش فجرت الطائرة الروسية و باريس فجرت الضاحية الجنوبية و داعش فجرت اسطنبول و داعش فجرت الخ!
      كل طرف يرمي بالتهمة على خصمه، طبل محور الممانعة للتدخل الروسي العسكري في سوريا و توعدوا داعش بالويل و الثبور، و أن أيامهم أصبحت معدودة، و بعدها بأيام تبنت داعش تفجير الطائرة الروسية. بالمناسبة أين أصبح التدخل الروسي في سوريا؟ إرهاب داعش لم تخف حدته بل زادت!
      عصابة حقيرة كداعش لا تستيطع القيام بكل هذه العمليات الإرهابية التي تتطلب عمل و تخطيط مسبق ... هذا شغل مخابرات دولية.

    • زائر 8 | 11:37 م

      متى يراجع حزب الله سياسته؟

      سؤال الكاتب الذي اختاره عنوانا لمقاله مضحك في حد ذاته. الكاتب يتخيل أن الأمر أصبح يتوقف على فرنسا و رئيسها فرانسوا أولاند! بمجرد أن تغير فرنسا موقفها من سوريا و بشار الأسد و يصبح موقفها متطابق مع الموقف الإيراني ستنعم بالأمن و الرخاء و الإزدهار ... لديك تجربة حزب الله، بالرغم من القبضة الأمنية التي لدى الحزب على الضاحية الجنوبية، إلا أن داعش استطاعت اختراق المربعات الأمنية للحزب و القيام بتفجيراتها!
      منطق الكاتب يتوافق مع خصومه الذين يقولون لو لم يتدخل حزب الله في سوريا لما ذهبت داعش لتفجر عنده.

    • زائر 4 | 11:18 م

      رؤساء حمقى.

      وعلى راسهم هولاند. وهذه نتائج طبيعية لسياساتهم الحمقاء.

    • زائر 1 | 10:57 م

      داعش

      داعش و مليشيات ايران الطائفية وجهان لعملة واحدة

    • زائر 2 زائر 1 | 11:07 م

      نفس

      نفس اللي هجم على اليمن .. وفرهد الأطفال .. حق إعادة الأمل ... هو نفسه اللي ربى داعش وعطاهم سلاح يهجمون على الشيعة ... الفكر هذا نفسه موجود في بيت جيرانه

    • زائر 3 زائر 1 | 11:09 م

      فكر مغشوش

      وين تفكيرك ؟ ... تفكر في داعش والجيران هم اللي مسلحينهم ... ولا في مساحدهم بعد يحللون قتل الناس واللي في خطهم ينذبح .. بالله عليه من عطاهم هالفكر المنحرف ..
      اذا فلسطين ما صار ليهم إعادة الأمل اشلون قدرتون على اليمن

    • زائر 5 زائر 1 | 11:20 م

      روح اقرأ مقال هاني الفردان

      فعلا الوجه الاخر لداعش. كثيرين موجودين عندنا من هالاشكال.

    • زائر 21 زائر 1 | 3:27 ص

      وجهان لعمله واحده

      ودليل عدم ضرب ايران وله يا البطل استخبارات الايرانيه اقوه من الفرنسيه ..

اقرأ ايضاً