العدد 4832 - الأحد 29 نوفمبر 2015م الموافق 16 صفر 1437هـ

طب النوم في البحرين بحاجة إلى صحوة

د. رياض سلمان:

يقظ جداً تجاه تحديات اضطراب النوم وآثاره على المديين القصير والطويل، ويعتبر د. رياض سلمان المتخصص في اضطرابات النوم أن التثقيف بالمرض للمجتمع وللعاملين بالقطاع الصحي أبرز مستويات التحدي.

ويرى أن مساحة التثقيف الصحي في هذا المجال يجب أن تتوسع لتشمل المؤسسات الصحية الحكومية، والأهلية، وتمتد أيضاً لشركات التأمين. حتى يكون الجميع ملماً بخطورة الاضطرابات.

على ذات السياق يواجه طب النوم مجموعة من التحديات المعقدة أمام حوالي 100 نوع من اضطربات النوم، التي تؤثر بالسلب على الصحة العامة، وتقف خلف الكثير من الإصابة بأمراض العصر المنتشرة كضغط الدم، وأمراض القلب، وداء السكري والإصابة بالجلطات.

ويعبر د. رياض عن خطورة تلك الاضطرابات بقوله: "لم أعرف مرضاً قد يقتل أشخاصاً غير مصابين به كاضطرابات النوم. فقد يتسبب مريض باضطراب في النوم أثناء قيادته للسيارة بحادث قد يصرع فيه غيره".

"الوسط الطبي" تعرفت عن قرب على نشاط د. رياض النشط في مواجهة المرض في اللقاء التالي: أ

مراض العصر عَرَض والسبب

استهل استشاري الأمراض الصدرية والعناية القصوى واضطرابات النوم في مستشفى ابن النفيس د. رياض سلمان حديثه بالإشارة إلى اضطرابات النوم كمرض ظاهر في بعض الأحيان وخفي في كثير من الأحيان. وقال: “الاضطرابات لا تقف عند حد التقليل من جودة النوم فقط بل تمتد إلى ما هو أبعد فقد أثبتت الكثير من الدراسات ارتباط النوم بأمراض العصر الحديث كضغط الدم، ومشاكل في المخ والقلب، وداء السكري والإصابة بالجلطات، وغيرها من الأمراض”. وأضاف: “يهرع المرضى المصابين بتلك الأمراض للأطباء لعلاجها. فيتم علاج العرض ويترك المرض وهو اضطرابات النوم، ويتم تجاهل اضطرابات النوم كأحد مسببات هذه الأمراض الشائعة”.

وأرجع د. رياض تجاهل واهمال علاج الاضطرابات إلى قلة الثقافة في مجتمعنا تجاهها. وأوضح: “تخصص اضطرابات النوم من التخصصات الحديثة نسبياً. وقد تحول لتخصص قائم بذاته بعد أن أثبتت الكثير من الدراسات العلمية آثاره السلبية والمدمرة للصحة. الأمر الذي يتطلب وجود اختصاصين على درجة عالية من التدريب والإلمام بمختلف تطورات هذا العلم الحديث”. وواصل: “نعاني في البحرين من قلة أو ندرة في وجود أطباء متخصصين في هذا المجال”.

وأضاف: “ندرة المتخصصين في البحرين تضاعف المسؤولية الملقاة على عواتقنا في بناء منظومة تثقيفية بالمرض، وعلاجه. شخصياً عاينت الكثير من الحالات وأرى أن هناك حالات كثيرة تنتظر المعاينة. وفي المقابل هناك حالات تحتاج للمعاينة لا تشعر أنها مريضة أو لا تعرف لمن تلجأ”.

للنوم مختبر

ويرصد د. رياض اضطرابات النوم عبر مختبر - يتبع البروتكولات والمعايير العالمية في المجال- متكامل الأركان يشمل طبيب مختص، فني، وأجهزة حديثة. ويقول: “مختبرات النوم في البحرين موجودة في مستشفيات القطاع الخاص، وأستطيع أن أوكد بأن مستشفى ابن النفيس يمتلك مختبراً متكاملاً مطابق للمعايير المذكورة”. وأشار إلى أن البحرين منذ زمن ليس ببعيد اعتادت على ابتعاث مرضاها للخارج للخضوع لإختبارات النوم، ومع وجود هذه المختبرات أصبح من اليسير على الأشخاص إجراء هذه الفحوص في المملكة.

وعرف وظيفة المختبر قائلاً: “أنه يمكن الطبيب من رصد حركات وسكنات الشخص أثناء مراحل النوم المختلفة”. وأسهب: “المجسات تقيس معظم حركات الجسم أثناء النوم، ابتداءً من تخطيط المخ لمعرفة مراحل النوم المختلفة مروراً بالتنفس عن طريق الأنف، واتساع وانقباض عضلات التنفس بالإضافة لقياس نسبة الأوكسجين، وضربات القلب، وحركة العينين أثناء النوم، وحركة الأطراف اللاإرادية، وهناك لاقط صوتي لتسجيل درجات الشخير، وكاميرا خاصة لرصد حركة الجسم أثناء الدراسة”.

ولفت إلى أن تحليل البيانات المتحصلة يستغرق عدة ساعات لأننا نتابع فعلياً كل حركة بشكل مفصل وتأثيراتها دقيقة بدقيقة بل ثانية بثانية بشكل دقيق للوصول للتشخيص المناسب والعلاج.

أما عن شكل الاختبار، فقال: “نحرص أن يكون الإختبار شبيه بليلة نوم عادية، ولذلك فغرفة المختبر مجهزة لتكون أشبه بغرفة فندقية وليس غرفة في مشفى. ويأتي المريض في فترة المغرب وقد تجنب تعاطي أي نوع من المنبهات أو العقاقير المنومة، لينام ليلة طبيعية تبين لنا نوع الاضطراب الذي يشكو منه ودرجته”.

وقال” :أن أغلب الحالات تحتاج ليلتين منفصلتين الأولى تكون جلسة تشخيصية، والأخرى تكون لدراسة النوم وعلاجه في ذات الوقت. كما قد يمتد الاختبار لنهار اليوم التالي للوصول للتشخيص المناسب لبعض الحالات من قبيل النوم القهري”.

وفيما يتعلق بالعلاج، أجاب: “سؤال يصعب أجابته في عجالة. فلو توقفنا عند مرض “الاختناق الليلي” انقطاع النفس أثناء النوم وهو المرض الذي يتسبب في انقطاع التنفس أثناء النوم. لدينا حزمة العلاجات التي تتناسب مع كل حالة. فبعض الحالات تحتاج للكمامة مزودة بمضخة توضع على الأنف أثناء النوم لتزود الجسم بالهواء في حالات انقطاع التنفس ويسمى بـ “CPED””. وأكمل: “وهناك حالات تحتاج إلى جهاز يطلق عليه محلياً “التلبيسة” يوضع على الأسنان أثناء النوم لتوسيع مجرى التنفس، أما إذا كان المرضى يعانون من السمنة فننصحهم بجعل أوزانهم مثالية”.

وأضاف: “في حالات نادرة قد نلجأ للجراحة لتصحيح مجرى التنفس، بعد معاينة وفحصٍ دقيقين. وتجرى على يد طبيب متخصص”.

عزمٌ وإرادة

أمام اضطرابات متنوعة تصل أذرعها إلى 100 لا يقف د. رياض سلمان حائراً ومكتوف الأيدي، بل يحلق في سعيه لمكافحة المرض برفع مستوى التثقيف الصحي والتعريف به للمجتمع عموماً، وللمجتمع الطبي بشكل خاص.

وأوضح: “للأسف لا يتعامل مجتمعنا مع اضطرابات النوم بمعرفة كاملة، فعلى سبيل المثال، يعتبرون أن الشخير علامة من علامات النوم العميق، وهذا غير صحيح بالمرة”. وأكمل: “ولحداثة التخصص فإن المجتمع الطبي في البحرين بحاجة لرفع مستوى الثقافة حول المرض، لنشكل معاً فريقاً متكاملاً لعلاج المرض وأعراضه”.

ودعا للصحوة من النوم واضطراباته لمجابهة التحديات المستحقة لهذه الاضطرابات. وشدد على أن معالجته ليست ترفاً بل ضرورة لعلاج أعراضه الخطيرة أو استباقها والوقاية منها.

العدد 4832 - الأحد 29 نوفمبر 2015م الموافق 16 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً