العدد 4845 - السبت 12 ديسمبر 2015م الموافق 30 صفر 1437هـ

فيضان الرسوم... هل يطيح بصغار التجار من السوق؟!

أحمد صباح السلوم

رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

يبدو للمتابع الاقتصادي - والتجار بالطبع - أن هناك سباقاً محموماً في الفترة الراهنة بين جميع وزارات ومؤسسات وهيئات الدولة على فرض المزيد من الرسوم على المتعاملين مع هذه الجهات بشكل عام والمستثمرين بشكل خاص، وكأن هناك «بطولة عالمية» يتسابقون للفوز بها.

الأشغال والبلديات ترفع عدداً كبيراً من الرسوم، الكهرباء ترفع الرسوم، التجارة ترفع الرسوم، الصناعة ترفع الرسوم، المالية ترفع الرسوم، أما الحكومة فترفع الدعم عن الأغذية وبعض المحروقات وفي طريقها إلى الباقي!

فهل يستطيع الشارع التجاري البحريني واقتصاد البلد بصورة أعم وأشمل أن يحتمل هذا السباق الشرس بين هؤلاء جميعاً لزيادة الرسوم وتجميع المزيد من الأموال لسد عجز الميزانية؟

وبما أنني أكثر التصاقاً بأوضاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البحرين فإنني أكاد أجزم بأن ما يجري حالياً على الساحة الاقتصادية ستكون له آثار سلبية شديدة الضرر على أوضاع هذه المؤسسات في مملكة البحرين ومستقبلها، فالشركات الصغيرة التي تسير بالكاد يوماً بيوم وشهراً بشهر وبعضها متعثر والبعض الآخر يترنح تحت عبء الديون لا يمكن أبداً بأي شكل من الأشكال أن تتحمل المزيد من الأعباء في ظل أوضاع السوق الراهنة، والمخاوف التي بدأت تلاحق الجميع فأثرت على حركة الإنفاق في الشارع وبات المواطن العادي أكثر تحفظاً في الصرف وأكثر حرصاً على الاحتفاظ بأمواله «في مخباه» انتظاراً لما ستسفر عنه الفترة القادمة، وبالطبع هذا هو بداية عجلة الركود الاقتصادي التي نتمنى أن تسارع الجهات الاقتصادية المعنية سواء كانت الوزارات أو مجلس التنمية الاقتصادية أو غرفة التجارة بوقفها في أسرع وقت ممكن، من خلال محفزات ومنشطات للسوق تطبق بشكل عاجل وفوري.

الوزارات يجب أن تدرس بشكل أشمل تأثيرات الرسوم المستقبلية، وأن الأمر يتعدى بكثير مسألة تجميع بعض الأموال لتسد عجز الموازنة العامة، لكن على المدى البعيد ما تأثير ذلك على الشركات البحرينية وعلى المؤسسات الصغيرة منها على وجه الخصوص، هل ستزيد الرسوم «الطين بلة» وبدلاً من معالجة الوضع الاقتصادي الراهن ستكون وبالاً على الشركات فتغلق الأبواب وتسرح الموظفين، وبدلاً من أن يكون لدينا عبء اقتصادي... فيكون لدينا هم كبير وبطالة!

مجلس النواب يجب أن يكون أكثر عمقاً في تناول الشأن الاقتصادي لأن الاقتصاد هو معيشة الناس، والموافقة - حتى لو كانت بعد مناقشات وجدل بالساعات - على كل شيء وأي شيء دون حسابات ستكون لها تأثيرات كبيرة على الناس، خاصة أنني بدأت أسمع بشدة عن سخط شعبي كبير على أداء المجلس الحالي من مؤيديه قبل معارضيه، وهذا مؤشر في غاية الخطورة، لأن الناس تشعر أن نواب الشعب لم يفعلوا أي شيء للشعب!

غرفة التجارة عليها دور أيضاً... لكن أوضاع الغرفة الصعبة والصراعات القائمة «المخفية والظاهرة» أضعفت أداء مجلس الإدارة الحالي جداً، حتى باتت الكيانات الاقتصادية الأقل عدداً من حيث الأعضاء والأقل إمكانات من حيث الميزانية والإنفاق تلعب أدواراً مهمة في الساحة الاقتصادية الآن بديلاً عن الغرفة المغموسة في المشاكل، ونحن نتمنى أن تنتبه الغرفة لدورها المهم في الفترة القادمة، وأن تقود السفينة الاقتصادية البحرينية إلى بر الأمان، لأن الشارع التجاري في أشد الحاجة حالياً إلى دور قوي للغرفة، وهذا لن يتأتى إلا بمجلس إدارة قوي يعمل لصالح الشارع التجاري في المقام الأول.

وإذا قلنا إن هذه الأطراف جميعاً عليها أدوار في غاية الأهمية لتلافي أعباء المرحلة القادمة... فأنا اقترح أن يكون لـ «تمكين» دور مكمل في هذه الفترة الحرجة للغاية من الناحية الاقتصادية - والاقتصاد يعني استقرار يعني سياسة، فالدائرة متصلة بشكل لا يمكن فصله أبداً - وهذا الدور يرتكز على دعم التجار في هذا الوقت العصيب الذي يحتاجون فيه بشدة إلى الدعم، من المعلوم للجميع أن ميزانية تمكين من الرسوم التي يدفعها التجار لهيئة سوق العمل، وإذا كان التجار في أشد الحاجة إلى بعض الأموال لتفادي «مرحلة مؤقتة صعبة» فأعتقد أنهم أولى بأموالهم من غيرهم، وكذلك فإن «تمكين» أولى بهم من أي جهة أخرى.

الاقتراح ببساطة شديدة أنه إذا كان لابد من فرض بعض الرسوم في المرحلة القادمة ولا مفر للخروج من عجز الميزانية إلا تحميل القطاع الخاص «فاتورة» انخفاض أسعار النفط، فيجب أن تقدم تمكين بعض الدعم المالي المباشر «مؤقتاً» للتجار وتتحمل جزءاً من تبعات زيادة الرسوم وخاصة للمؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر، وذلك وفقاً لآلية معينة يتم التوافق عليها بحيث تركز على المؤسسات الجادة العاملة وتبتعد عن المتلاعبين والوهميين.

اللهم إني قد حذرت واقترحت... اللهم فاشهد.

إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"

العدد 4845 - السبت 12 ديسمبر 2015م الموافق 30 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 12:38 م

      ندي

      اشكرا من كل قلبي الكاتب احمد على احساس بي المواطن المواطن يرزح بين ديون البنوك او الضرايب ..

    • زائر 8 | 5:21 ص

      لماذا الحديث عن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فقط

      لماذا الحديث اقتصر على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فقط، اعتقد أن المواطن المعدوم الذي يكاد يملك قوت يومه أحق وأهم بكثير من صغار التجار الذين على أقل تقدير يملكون حتى يومنا قوت يومهم ولعل الله يفتح لهم أبواب الرزق. ولكن قالوها كلمن يغني على ليلاه!

    • زائر 7 | 2:30 ص

      أحسنت

      الصراحة كلام منطقي وفي محله. اتمنى يلقى صدى لدى صناع القرار. الوضع من سيئ إلى أسوأ.

    • زائر 5 | 12:39 ص

      ولد البد

      استاذ محد بي يسمع كلام اليك الكل مشغول اشلون يطلع قيمة القرض 10 مليار من الشعب الفقير ايفكرون اصحاب المشاريع الصغير يمتلكون ثروه هم على شفه من الافلاس بعد قرات الحكومه

    • زائر 4 | 12:34 ص

      عام

      اشكر الكاتب على احساسه الى اصاحب المشاريع الصغيرة والمتوسطة انا عندي 5محلات أغلقت 3 الباقي 2-او اذا ما في دعم مادي من تمكين خلاص ابكون عاطل او مديون الى البنوك او مصير الى السجن ا كيد الرسوم من الدوله من صوب او ضعف السوق من صوب او في مثلي تجار صغار كثير الله يكون في عونهم

    • زائر 3 | 12:33 ص

      اذا حل الفيضان

      فسيجرف البلد بأكملها لا صغار التجار فقط لان القاعده واحده ولا تشتعل النار الضخمه الا اذا اتقدت بداية بالحطب الصغار.وقريبا انتظرو الانهيار في كل شئ.

    • زائر 1 | 10:47 م

      والله حرام عليكم

      تونا نقول بسم الله بهالمشروع اللي ماكملنا سنه

    • زائر 2 زائر 1 | 12:25 ص

      الله كريم

      لو في شغل تهون هلمصاريف والزيادات لابله شغل ما ميش والحاله قشره

اقرأ ايضاً