العدد 4849 - الأربعاء 16 ديسمبر 2015م الموافق 05 ربيع الاول 1437هـ

تركيا وروسيا... شجاعة أم حماقة؟

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

يعتقد كثيرون أن الدافع الوحيد لجرأة تركيا فيما ذهبت إليه في تعاملها مع الوجود الروسي في سورية، هو الحلم التركي، بالتاج العثماني، الذي سقط من على رأسها قبل نحو قرن من الآن (1922)، وهو تبسيط لما يدور في البؤرة الأكثر صراعاً اليوم.

شهدنا كيف حبس العالم أنفاسه عندما اشتعلت النيران التركية في جسد المقاتلة الروسية، وليس من أحد لم يتوقع أن تشعل هذه النيران فتيلاً، يفتك بالمنطقة برمتها، أو يغير وجه الأزمة وخريطتها على الكرة الأرضية، ولكن يبدو أن الروس فضلوا أن يردوا بطريقة مختلفة وبما لا يضيع هدف مقاتلاتهم في سورية، فاختاروا حرق أعصاب الأتراك برد اقتصادي قد ينهك البلد الذي يخطط منذ زمن للّحاق بالقارة العجوز، وبالتأكيد فإن الأمر لم ينته بعد، ولا أحد يعلم ماذا يدور في رأس الدب الروسي، وخصوصاً أن فلاديمير بوتين يؤكد بين الحين والآخر «مخطئ من يعتقد أن ردنا على إسقاط مقاتلتنا يقف عند البندورا»، وهل أن هناك ثمة معركة قادمة ولكنها مؤجلة بقرار روسي؟!

بعد أن لفتت تركيا أنظار العالم بحادث جريء في الجو، هاهي الآن تلفت الأنظار من خلال تحرك على الأرض، وإن كان أقل جرأة من الأول، وهو تمركز قواتها بآليات عسكرية ثقيلة، في شمال العراق، وهي بذلك تدرك جيداً أن العراق مشغول بنفسه، ولا قدرة له على الصد، وإذا كانت ثمة آلة عسكرية لدى العراق قادرة على الحراك فهي مشغولة بمواجهة تنظيم داعش الذي كان على وشك الوصول إلى بغداد قبل عام من الآن.

يصعب على المراقب أن يقرأ الأحداث الأخيرة التي لعبتها تركيا، بمنأى عن بقية الأطراف التي تلعب دوراً مهماً في الصراع السوري، فهل الضغط على الزناد لإسقاط الطائرة الروسية كان بيد تركية فحسب؟ وهل يمكن لدولة مثل تركيا أن تقف لوحدها في وجه الروس، وهو الأمر الذي تحسب له الولايات المتحدة نفسها ألف حساب؟ وهل دخول تركيا في عمق الأراضي العراقية بجيش جرار يمكن أن يكون تكتيكاً تركياً خالصاً؟ للإجابة على كل تلك الأسئلة يجب أن نفهم طبيعة الصراع المركب في سورية، فإلى جانب الصراع الداخلي السوري، هناك صراع أكبر في الخارج السوري، فكل هذه الأسراب من الطائرات متعددة الجنسيات التي دخلت بهدف تخليص العالم من تنظيم داعش، ليس بالضرورة أن تكون أجندتها، واحدة، وليس بالضرورة أن تكون أهدافها متطابقة، وأكبر دليل على ذلك هو أن ظاهر المعركة أن الطائرات الأميركية، ونظيرتها الروسية تقاتل ضد هدف واحد، وهو تنظيم داعش، ولكن باطن الصراع يمكن أن تكشفه التصريحات المتبادلة بين الطرفين، والتي لا تنم عن توافق محض في الأهداف ولا الاستراتيجيات، وآخرها تصريحات وزارة الخارجية الروسية التي اتهم فيها الولايات المتحدة الأميركية بأنها تقسّم الإرهابيين إلى «صالحين وطالحين». إذاً نحن أمام معركة متشابكة المصالح، ومركبة بطريقة يصعب تفكيكها بمنأى عن صراع النفوذ الذي تحرك أطراف اللعبة فيه القوى العظمى المتصالحة جواً، والمتخاصمة أرضاً، وكأن الهيمنة على مناطق النفوذ لا يمكن الدخول إليها إلا عبر البوابة السورية، وواضح وضوح الشمس أن الأزمة السورية هي التي سترسم شكل المنطقة وستحدد مناطق النفوذ باللون الأحمر على خريطة السياسة في الشرق الأوسط، وواضح أن الجميع ينتظر الانتهاء من هذه المباراة المحتدمة على الساحة السورية والتي يلعب فيها كل الأطراف فحتى ساعة الحسم، ستنجلي الغبرة، وسيكون بالإمكان النظر إلى مشهد أكثر وضوحاً من هذا المشهد المعتم، وإن اتضحت الكثير من ملامحه.

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 4849 - الأربعاء 16 ديسمبر 2015م الموافق 05 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 50 | 4:00 م

      الرد بالمثل يعني قيام حرب

      ما الرد الذي كان يتوقعه المتابعين من الروس على اسقاط مقاتلتهم ؟ ان اي فعل عدائي من روسيا على تركيا يعني اشعال فتيل الحرب.
      الرد الروسي كان متوقعا وذلك لان الدب الروسي لا يريد ان يحرف مسار اهدافه من التدخل ضد داعش بسوريا. في حين ان تركيا حولت اطماعها إلى الداخل العراقي .

    • زائر 45 | 4:10 ص

      رقعوا اللي ما يترقع

      الحاج بوتين مو عارف وين الله قاطنه، ومحرج وضاربتنه أم الديفان وللحين تلاقي ناس تلمع فيه وفي روسيا عنبوكم سطارات أكلهم وهو ساكت شلون تبون ترقعونها هادي.

    • زائر 37 | 3:27 ص

      على بوتين أن يتقبل الهزيمة بروح رياضية

      أخطأ بوتين في التقدير باستفزازه الأتراك.

    • زائر 36 | 3:17 ص

      هادى

      هادى خطة جديده تلعبها امريكا وحلفائها من اجل مصالح اليهوود سيدتهم وقالها السيد رحمة الله عليه انه جميع مشاكل العالم سببها امريكا لانها عدوة الشعوب والشره على العرب الي سلموهم ثروات بلدانهم وجوعو شعوبهم من اجل مصالحهم الدنيويه ونسو ان الله لهم بالمرصاد قاتل الله الجهل القبلي

    • زائر 43 زائر 36 | 4:00 ص

      من الجهل من قتل يا هادي

      بل قاتل الله الجهل الطائفي الذي يرى في روسيا وليا دون دولة مسلمة ناجحة كتركيا.

    • زائر 35 | 3:08 ص

      رجل أوروبا .......، رحلة العشق الطائفي!

      الاغبياء الذين صدعوا رؤوسنا ب(رجل أوروبا المريض) لم يقولوا لنا رأيهم في تصريحات اردوغان انه لو كان يعلم انها طائرة روسية لما أسقطها؟ ولماذا يحاول ان يتصل بالرئيس الروسي مرارا وتكرارا اذا كان واثقا من فعلته وقوته؟ ولماذا لم يكن هناك اي رد فعل على طرد روسيا لرجال الاعمال الأتراك من روسيا والاجراءات الاقتصادية الاخرى؟

    • زائر 38 زائر 35 | 3:30 ص

      قول والله

      ممكن تقول لي يا محامي سيد بوتين ليش روسيا على أقل تقدير لم تطرد السفير التركي بعد الصفعة المدوية? على الأقل سحب سفيرها في أنقرة? ليش دولة عظمى ردها على مسح كرامتها يكون بعدم الرد على الاتصالات دلع وزعل بنات مثلا? ننتظر رد الدب الروسي بوجود صواريخ S-400 وجيش جرار وحلفاء مسددين من الالهه أن يظهروا بعض من الرد الرجولي في هكذا مواقف.

    • زائر 40 زائر 35 | 3:39 ص

      مهرج أوروبا الدب الذليل

      بعد الكف التركي العالم لم يعد يلقب روسيا برجل أوروبا المريض بل مهرج أوروبا الدب الذليل. ونعم لو كان يدري اردوغان أن الطائرة الروسية لما أسقطها فالروس أصبحوا مسخرة العالم مؤخرا ويكفي طعنا للميت.

    • زائر 31 | 2:03 ص

      غريبة

      المشكلة أغلب الردود هي ردود جهلة و أطفال في السياسة. ضربني لازم اضربه. انا اتحدى تركيا و جميع قوى التخالف ان تعترض طائرة روسية بعد اليوم.

    • زائر 32 زائر 31 | 2:44 ص

      الصمت أفضل من الهرار

      وليش أنت تتحدى يالحبيب أنت روسي مثلا!! وبعدين اللي ضربوهم على قفاهم تقبلوا الكف التركي أنت تبغي تتحدى!! ما أقول غير قاطع الطماط التركي ابرك ليك من ترديد ثرثرات القنوات الروسية.

    • زائر 47 زائر 31 | 5:58 ص

      رد

      و هل انت تركي لتدافع عن تركيا؟
      روسيا هي من اعلنت التحدي و لنرى من يتجرأ عليها الآن. تحياتي

    • زائر 49 زائر 31 | 12:28 م

      زائر 47

      يمكن اللى رد عليك مب تركى و لكن انسان مسلم و يدافع عن تركيا مسلمة و انت شنو موقعك مع الروس الملحدين بس لانهم حلفاء ايرن و انت وياهم وياهم

    • زائر 51 زائر 31 | 7:09 ص

      رد

      لا تدخل موضوع الاديان فهو ليس لمصلحتك يا جاهل. فتركيا حسب ماهو موجود دولة علمانية و ليست اسلامية، بينما ايران دولة اسلامية و اسمها الجمهورية الإسلامية الإيرانية بينما روسيا دولة مسيحية.
      فلا تتوقع معي ان اقف مع الاتراك الداعمين لتنظيم داعش الإرهابي.

    • زائر 28 | 1:29 ص

      المحصله النهائية

      سيد أبوعلي بوتين عجز أمام الرئيس التركي أردوغان وشعب تركيا. فلا مقاطعة الطماط والخيار نفعت ولا محاولات عدم الرد على الإتصالات غيرت شي ولا الاستعراض العسكري بجراخيات S-400 جابت نتيجه. المحصله النهائية هي أن روسيا كما قال الأخوه قبلي صاروا مسخرة يا قدعان.

    • زائر 27 | 1:25 ص

      سيد عقيل أنت لم تأخذ بعين الإعتبار الوضع السيئ للإقتصاد الروسي!!!!

      1) الروبل فقد 45% من قيمته منذ بدء الأزمة الأوكرانية و انهيار اسعار النفط
      2) هناك عقوبات غربية مفروضة على روسيا تمنعها من الإستدانة من البنوك الغربية.
      3) إقتصاد روسيا يعتمد بنسبة 60% على تصدير النفط و الغاز
      4) تركيا ثاني مشتري للغاز الروسي!
      5) روسيا فرضت حظر على استيراد المواد الغذائية من الغرب، تركيا هي متنفسها الوحيد و إلا عليها استيراد غذائها من آخر الارض. علما بانها تستورد 40% من غذائها.
      6) رخص تركيا مقارنة مع دول أوربا يجعلها محببة للسياح الروس، و ليس لأن الروس يحبون تركيا!

    • زائر 21 | 1:12 ص

      البطل والمهرج

      سبحان الله اللي كان يسمع سوالف أبوعلي بوتين كان يستغرب حيث تم تصويره مثل جيمس بوند قوي وشجاع وذكي وحازم لكن اليوم أثبت أن الطفل الروسي المفقود من السيرك وصل لسدت الحكم. تحيا تركيا بلد الإسلام والمسلمين ولا عزاء للمهرج الروسي وجوقته.

    • زائر 18 | 1:03 ص

      تحليل أعمق

      أنا لست من مؤيدي الروس ولا تركيا لكن أعتقد والله أعلم أن العملية برمتها انتصار لدولة إسلامية معاصرة على شبح دولة عظمى ولأختصار الموقف نقول الروس صاروا مسخرة يا قدعان.

    • زائر 17 | 1:03 ص

      تحليل أعمق

      أنا لست من مؤيدي الروس ولا تركيا لكن أعتقد والله أعلم أن العملية برمتها انتصار لدولة إسلامية معاصرة على شبح دولة عظمى ولأختصار الموقف نقول الروس صاروا مسخرة يا قدعان.

    • زائر 16 | 1:03 ص

      تحليل أعمق

      أنا لست من مؤيدي الروس ولا تركيا لكن أعتقد والله أعلم أن العملية برمتها انتصار لدولة إسلامية معاصرة على شبح دولة عظمى ولأختصار الموقف نقول الروس صاروا مسخرة يا قدعان.

    • زائر 15 | 12:56 ص

      هل انت متساهل بالأتراك مثلا؟

      الاتراك حاصروا فيينا عاصمة النمسا لأشهر و حكموا بلغاريا و المجر و صربيا و دول البلقان. من تكون روسيا اللي نافخين روسنا بها؟
      ما أشوفكم قمتوا تستخدمون عقلكم لما إيران حطت رأسها برأس أمريكا ... ما سمعت منكم كل هالتخويف! علما بأن اقتصاد امريكا 18 مليار دولار فيما الإقتصاد الروسي اليوم اقل من 2 مليار دولار.

    • زائر 19 زائر 15 | 1:04 ص

      تصحيح الأرقام

      18 تريليون دولار إقتصاد أمريكا.
      2 تريليون دولار إقتصاد روسيا.

    • زائر 13 | 12:47 ص

      سيدي الكاتب، أنت بدات مقالك باستنتاج و لكن لم تخبرنا كيف وصلت لهذا الإستنتاج!

      مقالك يتوعد تركيا بالويل و الثبور من غضب الروس و لكن لا تخبرنا كيف!
      بوتين هو الذي في حال لا يحسد عليه ... الرجل كان اشبه ما يكون ببهلوان محترف في سرك يسير على حبل و فجأة سقط و صار مرتبكا من ضحك الجمهور عليه ... انتصاراته السريعة في جورجيا و اوكرانيا جعلته يتوهم انه قادر على تحقيق مثل هذه الإنتصارات في الشرق الاوسط .. الواقع على الأرض يثبت عكس ذلك.
      الحديث عن عقوبات أقتصادية تفرضها روسيا على تركيا هو محض هراء!
      بوتين يريد تجاوز الأزمة مع تركيا و لكن لا يعرف كيف!

    • زائر 10 | 12:46 ص

      طائرة روسية

      الله يهديك لو الروس كانوا بيردون كان ردوا، تدري في تركيا وأوروبا في محلات الخضار صاروا يكتبون بكل سخرية مع كل كيلو طماطم تركي تقدر تسقط طائرة حربية روسية. هذا هو حال دبكم الروسي وحلفاؤه اليوم.

    • زائر 9 | 12:42 ص

      مقدمة جميلة

      أعتقد أن المقال كان بمثابة مقدمة جميلة.
      أرجو أن يكون للكاتب تحليلات أكثر عمقًا وتفصيلًا في المقالات القادمة.
      وشكرًا

    • زائر 8 | 12:41 ص

      روسيا هي التي تتراجع عن موقفها فيما تركيا ثابتة على موقفها لم تتراجع.

      روسيا بالامس كانت تقول أنها لكي تتجاوز الأزمة مع تركيا فعلى الأخيرة ان تدفع تعويضات للطائرة المسقطة (يعني بوتين هو اللي يبي ينزل من على الشجرة بس مو عارف شلون، يبي واحد يساعده ... تدفع تركيا التعويضات و عفى الله عما سلف!) ... طبعا الإعتذار بوتين مش بوزه منه و الاتراك اكدوا الف مرة و أكثر أنهم لن يعذروا عن حماية حدودهم! ألحين الازمة محصورة في التعويضات!

    • زائر 3 | 12:40 ص

      ما ينفع حاول مره أخرى

      ترقيع مسح كرامة الدب الروسي وعدم قدرته على الرد على الكف التركي بغير مقاطعة الطماط والبطاط غير مجدي بتاتا. أما تحليلات قنوات الهرار الروسي فهي كثيرة فهي تنفخ في قربة دب سلخه الأتراك وانتهى الأمر. .

    • زائر 34 زائر 3 | 2:49 ص

      الروس هم الرابحين

      بسب سقوط الطائر الروسية تركية لا تسطيع ارسالة طائرة ورقبة الي سورية ولا جندي واحد يعني الحدود السورية في أيادي الروس لتصفية مخزون التمويل القادم من تركيا الي الدواعش ولإذلك تركية تريد منطقة عازلة بدواعي خبيثة

    • زائر 2 | 12:37 ص

      أقرأ هذه المقالات التي تتوعد تركيا بين الحين و الأخر برد بوتين القاسي و أصاب بنوبة من الضحك!

      إقتصاد تركيا 800 مليار دولار ... حجم التصدير إلى روسيا من مقالك هو 9 مليار دولار، أي أن ذلك تقريبا يعادل 1% من إقتصاد تركيا! فالضرر الذي سيصدر من بوتين تجاه تركيا محدود جدا على الناحية الإقتصادية.
      أنظر لها من منظور مختلف، إقتصاد روسيا 60% منه غاز و نفط. الروبل الروسي فقد أكثر من 45% من قيمته منذ الأزمة الأوكرانية (يناير 2014 الروبل كان يساوي 35 للدولار ... اليوم يساوي 68 للدولار). إضافة إلى أن روسيا فرضت حظر لإستيراد المواد الغذائية من الغرب فلم يبقى لها إلا تركيا!

    • زائر 1 | 12:25 ص

      الجشع والأطماع

      محرّكات تركيا هي الطمع والجشع والحنين للماضي العثماني

اقرأ ايضاً