العدد 4880 - السبت 16 يناير 2016م الموافق 06 ربيع الثاني 1437هـ

عشوائيات سوق العمل ومنافسة الهاربين من المخالفين لقوانين البلاد

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

يعيش الكثيرون همومهم ومعاناتهم في سوق العمل وفي الدوائر الحكومية دون أن يكون باستطاعتهم تغيير أي شيء، وأقصى ما يفعلون هو شكواهم لصديق؛ ولكنني أعتقد لو أن كل من صادفته مشكلة وجد من يستمع إلى شكواه ويتواصل في حلها معه من المسئولين وتجديد القوانين في ملاحقة المُقصرين والمُتلاعبين في شئون الناس أو أحوالهم أن يجد لها حلاً بديلاً أو بتصعيد شكواه أو إيصالها للبرلمان (وهو أضعف الإيمان) كي تَفضحهم على الملأ، وهو أقل تقدير، لأصبحت دنيانا أكثر عدالةً وإنتاجاً وتقويماً، وأكثر جمالاً وبهجةً.

المهم أنني سأحاول أن أرصد بعضاً مما لا يتمكن الكثيرون من إيصاله، وأبدأها بشخصي، حيث صادفتني إحدى المشاكل وحاولت الاتصال بالمديرالمسئول؛ ولكن الموظف الأول طلب شرح الشكوى والاسم؛ ولكنني قلت له بأنني مواطنة ولم أشأ التعريف وشرحت له الشكوى، وبعدها تركني على الخط واختفى!

وحاولت ثانية مع موظفٍ آخر وهذه المرة لم أشرح شيئاً، وذكرت ما حدث مع زميله؛ ولكنني أعطيته اسمي عله يُسعفني، وعرفني، والحمدلله قام بإيصالي في ثوانٍ يعني كان (اسمي هو الوسيط الذي أوصلني للمدير) وشرحت له مشكلتي ووعدني خيراً وسؤالي: لماذا يجب أن تكون معروفاً كي تحصل على الاهتمام، لماذا لم يستجب لي الآخر كمواطنة مهما كان شأني أو حجمي؟ ولماذا لا يوجد صوتٌ للبشر في بقاع أراضينا؟

إن هذه المشكلة تأخذني إلى عدة مشاكل متفرعة من مبدأ الوساطة، ودعوني أسليكم ببعض ما يدور حولنا من مشاكل َيندى لها الجبين من الإهمال وعدم وجود الذمة، وانعدام الضمير.

أخبرني أحد المعارف بأنهم مجموعة من الشباب جمعوا بجهدهم بعض المال لفتح مقهى، وأُعطوا الرخصة المبدئية على أن تتم الموافقة لاحقاً، حيث تم مماطلتهم لعشرة أشهر وبعد أن خسروا كل ما جمعوه من مال وبعدها رُفض الطلب!

وفيما كان خارجاً يائساً من الدائرة المُختصة لحق به أحد الأشخاص كطرفٍ ثانٍ قائلاً سأتمكن من إخراج الترخيص (بعشرين ألف دينار) فأجاب طالب الرخصة لقد أضعنا كل ما نملكه على تجهيز المقهى، ولم يتبقَّ لنا شيء مع الأسف، وبعد مدة أتاه أحد الخليجيين يود مشاركته وكان على استعداد لدفع المبلغ، وحينما ذهب إلى ذلك الشخص باشره قائلاً ممكن، ولكن للخليجي يتضاعف المبلغ، ويتم كل ذلك في وضح النهار!

أما المشاكل الأخرى فتتم في الخفاء وظلام الليل، حيث يفتتح العديد من الوافدين من الشرق والغرب أماكن للعلاج الطبيعي، وعلاجات الطب النفسي وغيرهما ودون ترخيصٍ رسمي، والتي رصْدتَهم بحكم معارفي، وقدمت فيهم الشكاوى، وأعطيت العنوان لمسئولين في الصحة؛ ولكنهم أجابوني بجواب غريب بأنهم لا يوجد لديهم القانون للمداهمة، وإمساك هؤلاء الذين يعملون دون التراخيص (يعني عذراً أقبح من الذنب)، كما وهنالك بيوتٌ أيضاً تمارس أعمال الصالونات من صباغة وقص الشعر والمساجات... الخ، وحتى الـ (home visits) الزيارات المنزلية العلاجية، وبعض العاملين في هذه الأماكن من الذين يهربون من عيادات العلاج الطبيعي أو الصالونات وحتى المطاعم وإيصال الطلبات الرخيصة الثمن تُطهى في أوانٍ مهترئة وصدئة، وفي غُرفةٍ وسخة في أماكن معيشتهم إلى جانب مرافقهم الصحية مع الفئران والصراصير ودون رقيب أو تراخيص!

وَقصَّت لي إحداهن بأن من تعمل لديها في العيادة هربت وباتت تأخذ زبائن العيادة في الخفاء إلى بيتها أو تقوم بعلاجهم في بيوتهم تحت اسم المركز، وبعد ثلاث سنوات قدَّمت الهاربة بلاغاً في المحكمة مطالبةً صاحبة المركز للعلاج الطبيعي بالتعويض وبغرامة خرافية من الدنانير الموجعة، بدعوى عدم دفع الراتب لفترة هروبها، والأغرب أن تقوم المحكمة بوضع قيد عدم السفر على الدكتورة المتضررة إلى أن تفي بالتزاماتها، وعدم التدقيق في صحة أقوالها أو سؤال الدكتورة عن صحة مطالبها، على رغم أن الدكتورة قامت بالشكوى على المدعية بعد هروبها وأخبرتها الشرطة، بأنها حكم عليها شهراً بالسَجن والترحيل بسبب هروبها وسرقتها وانتحالها لاسم مركزها ومرضاها؛ ولكنه لم يُنَفذ لعدم قُدرتهم على إيجاد عنوانها.

إن هذه الحكايا وغيرها الكثير من أنواع وأشكال موجودة بسوق العمل، وكل ما أتمناه هو إيجاد مركز وخطٍ ساخن لمتابعة قضايا الناس وشكاواهم، ومساندة الوزارات المعنية وتقوية طاقمها وإعطاؤه الصلاحية لمداهمة كل الأماكن المشبوهة، والتي تعمل في الخفاء ودون تراخيص للقبض على المخالفين؛ كي لا تُستباح حُرمة بلادنا ولا تتم الاستهانة بقوانينها.

هذا عدا عن تكاليف التراخيص الرسمية التي يدفعها الملتزمون، والتي تتزايد كل يوم وكأنها الضرائب المُستترة، وكأنه لا يكفينا منافستهم لنا في مستشفياتنا وأدويتنا ومدارسنا ووظائفنا الرسمية... الخ، كي يلجأوا للكسب غير المشروع والحيلة، ذلك كي نحمي وسائلنا في تقديم الأفضل منها، وكي نحمي رؤوس أموال مواطنينا وأبنائنا من الخسائر والغدر، والضرب بيدٍ من حديد على كل من تسوِّل له نفسه إلى اللعب بالجحور، وفي الأماكن المحظورة.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 4880 - السبت 16 يناير 2016م الموافق 06 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 6:21 ص

      كلام منطقي جداً وفي الصميم وانا اتمنى ان تسمعها الجهات الرسميه للاقلال من الهروب ومساعدة المساكين المتضررين اصحاب المحلات يعني الشموى لازم تكون راساً الى الادعاء العام لمداهمة البيوت رائع وياريت والله

    • زائر 4 | 4:22 ص

      تكملة

      الغلط الاكبر منا.. احنا اندور الفري فيزا وانشغلهم بحكم انهم ارخص ومانراعي ان الكفيل متضرر والضرر في الاول والاخير يوصلنا

    • زائر 3 | 4:18 ص

      تكملة

      وعن موضوع القهاوي.. انتي ماحددتي انها قهاوي للشيشة.. وانا وياج بهالموضوع.. من طلع قانون التدخين وسحبوا تراخيص الشيشة اتغربلوا الفقارة.. للاسف القانون سووه عن يازعم للكل بس يطبق ع ناس وناس.. وماتكلم بس عن التفتيش بالصحة اتكلم عن الترخيص نفسه من التجارة.. اذا تعرف فلان وعلان وعندك تدفع بيطلع هالترخيص

    • زائر 2 | 4:15 ص

      ...

      موضوع الي يشتغلون او يزاولون انشطه تجارية بمختلفها ببيوت محد يقدر يدخل لهم الا الشرطة وبقرار من النيابة.. البيوت ليها حرمة وكل جهة رقابية بقانونها ممنوع منعا باتا تدخل بيوت الا بقرار من المحكمة.. هالشغلة الكل يشتكي منها والي متضرر او شايف شي يبلغ النيابة مباشرة لان لا الصحة ولا العمل ولا غيرهم يقدرون يدخلون ابيوت ..

    • زائر 1 | 10:37 م

      الكاسر

      المشكلة الحين بيصدر بيان توضحي لمقالك بالنفي
      وسوف يرد عليك مسؤول العلاقات العامة بالكلام المعسل والخارج عن المصداقية مشكلتنا لا نعترف بالخطأ لكي نصحح للافضل وانا دائما نبرر بكلام نفي للحقيقة

اقرأ ايضاً