العدد 4880 - السبت 16 يناير 2016م الموافق 06 ربيع الثاني 1437هـ

التعليم بين «التربية» والمؤسسات المساندة والهيئات المنظمة

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

قبل أكثر من خمس سنوات والتعليم في البحرين يعاني من أزمة تعليمية حقيقية، لم يمرْ عليه مثلها في القسوة طوال عمره المديد، الذي يمتد إلى 96 عاماً، في مختلف الظروف والأحوال، على رغم مضاعفة مساندة المؤسسات التعليمية للتعليم الأساسي، والهيئات المنظمة الداعمة لتطوير نظم وجودة مخرجات التعليم، كهيئة ضمان جودة التعليم والتدريب، التي بدأت قبل أكثر من عشر سنوات في التقييم الفعلي للتعليم والتدريب في مملكة البحرين، والتربويون يعلمون أنها تعتمد المقاييس العلمية المأخوذة من مجموعة معايير تعتمدها الهيئات الدولية التي سبقتنا في خبرتها ودرايتها وصوغها جميعاً، في رؤية بحرينية خالصة، تحقيقا لرؤية البحرين الاقتصادية 2030، التي تضع التعليم والتدريب على رأس أولوياتها، وكان هدفها الأساسي هو الارتقاء بمستوى التعليم من خلال مخرجاته التعليمية.

ولهذا تكونت هيئة ضمان الجودة في التعليم والتدريب من أربع وحدات أساسية، فكانت مهمة الوحدة الأولى هي مراجعة أداء المدارس، والوحدة الثانية مهمتها مراجعة أداء التعليم العالي، والوحدة الثالثة مهمتها مراجعة أداء مؤسسات التدريب المهني، والوحدة الرابعة خاصة للامتحانات الوطنية، والتقارير السنوية التي ترفعها الهيئة إلى وزارة التربية والتعليم وإلى الجهات المعنية بمستقبل التعليم في البلاد، كشفت الكثير من جوانب القصور في مختلف مفاصل التعليم، وقدرت حال التعليم في الكثير من المدارس الحكومية بغير الملائم والقليل جدا من المدارس حصلت على تقديرات مرتفعة نوعًا مَّا.

وعلى إثر المستويات المتردية للمدارس، قامت الهيئة بتحديد نوع البرامج التدريبية التي تساهم في تحسين التعليم، وأعطت ملاحظاتها وتوصياتها لوزارة التربية والتعليم منذ العام 2005، لكن على رغم الجهود الكبيرة التي تبذل وملايين الدنانير التي تصرف على البرامج التعليمية فإننا نجد التعليم في تراجع مستمر، وينذر بمستقبل مجهول، ويكشف أن الوزارة لم تستفد من البرامج المساندة للتعليم التي تقدمها المؤسسات والهيئات المعنية بتطوير التعليم في البلاد، ولم تستفد من موازناتها المالية السنوية في الارتقاء بالتعليم كما يجب.

من المؤكد لو تعاملت الوزارة بجد مع ملاحظات وتوصيات الهيئة، وأخذت بالمعايير التربوية الحقيقية، وطبقت المبدأين، المواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص في التعيينات والترقيات والحوافز والمكافآت والبعثات الدراسية، والتزمت بالقانون بكل حذافيره في معاملاتها مع التربويين والطلبة، ولم تتخذ قرارات وإجراءات عشوائية في السنوات الخمس الماضية، كقرارات الفصل والتوقيف عن العمل والاستقطاع من الرواتب التي طالت مئات التربويين، وقرارات فصل عشرات من طلبة كلية البحرين للمعلمين وتغريم بعضهم مبالغ خيالية تصل إلى 12 ألف دينار، وقرارات وقف الترقيات والحوافز والمكافآت عن مئات المعلمين والإداريين والاختصاصيين وحراس المدارس لأكثر من سنتين، لكل تربوي حوّل إلى لجان التحقيق التي شكلت على عجل ومن دون معايير قانونية، والتي تعرض التربويون في الكثير منها إلى مختلف أنواع الإهانات والاستخفاف والضغوظ النفسية والمعنوية، وإلا ماذا تسمى قرارات التنقيلات لأكثر من 70 موظفا من معهد البحرين للتدريب وبعثرتهم في الكثير من المدارس الحكومية من دون مبررات تربوية ومهنية واضحة؟ وما هي المبررات القانونية التي تستند إليها الوزارة في عدم تسكينهم في الهيكل التعليمي حتى هذه اللحظة؟ ماذا يعني استبدالهم بآخرين انتدبوا من الوزارة، لا يمتلكون خبرة ولا كفاءة في المجال الذي انتدبوا إليه؟ أليس إصرارالوزارة على عدم الأخذ بالشفافية في خطوات وإجراءات التعيينات والتوظيف والترقيات وتوزيع البعثات والرغبات الدراسية يثير دهشة العقلاء؟ أليس امتناعها عن إعطاء التربويين الحاصلين على مؤهلات عليا، كشهادة الماجستير والدكتوراه استحقاقاتهم المهنية والمادية يؤدي إلى إحداث انعكاسات سلبية على مستوى التعليم؟ ماذا تقول الوزارة عن 15 مخالفة قانونية التي وردت في تقرير ديوان الرقابة المالية الأخير؟ أليس وحدها تكفي لمساءلتها قانونيا واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجتها جذريا؟

بالتأكيد أن التردي في التعليم والتدريب لم يأت من فراغ، ولم يكن ناتجا عن عدم معرفة الوزارة بما يصلح التعليم، فهي على دراية كافية بكل القرارات والإجراءات والخطوات والآليات والأساليب التي بإماكنها أن تجعل التعليم في المقدمة دائما، ولا نظن أنها لا تعلم أن القرارات والاجراءات النفسية وغير التربوية التي اتخذتها الوزارة في خمس السنوات الأخيرة ستكون لها تداعيات سلبية على التعليم، وهي تعلم أيضا بكل الاعتبارات غير التربوية التي ساهمت في تراجع التعليم، والتي بموجبها حرمت التعليم من الاستفادة من الطاقات والكفاءات والخبرات الوطنية، ما جعله غير قادر على تلبية المتطلبات الأساسية لسوق العمل، وعدد العاطلين عن العمل المتزايد، يكشف بوضوح أن وزارة التربية والتعليم لم تأخذ بتوصيات هيئة ضمان الجودة في التعليم والتدريب بصورة جدية، وهذا ما جعل التعليم يعاني من إخفاقات كبيرة في مختلف مفاصله التعليمية التعلمية، لماذا تتعامل مع التعليم وكأنها لا تعلم بخطورة هذه المسألة الحساسة على مستقبل البلاد، ألم يحن الوقت لعمل دراسة علمية جادة لكل الإخفاقات التربوية والتعليمية، لتصحيح مسار التعليم في البلاد، الذي وصل إلى مستوى مخيف لا يسعد أحداً من المخلصين في وطننا الحبيب؟ طموحاتنا أن نرى التعليم رائدا في كل تخصصاته العلمية، إقليميا وعربيا ودوليا، ويكون حاضنًا لكل المتميزين من أبناء البلد، وراعيا لهم تعليميا وماديا، بعيدا عن كل المؤثرات النفسية السلبية التي تضر بالوطن، فالتعليم لا يسمو ولا يرتقي إلا بالكفاءات والخبرات الوطنية المتميزة، فالله (جلت عظمته) قد أنعم على بلدنا الغالي بالكثير من الطاقات المتميزة، التي باستطاعتها تقديم خدماتها الراقية في مختلف المجالات، العلمية والتربوية والطبية والأدبية والثقافية والفنية والرياضية، والأدلة على ذلك واضحة وجلية للرأي العام المحلي والخارجي.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4880 - السبت 16 يناير 2016م الموافق 06 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 8:21 ص

      مقال رائع

      للأسف وزارة التربية تتبنى مشاريع قد تكون متميزة لكن بدون التخطيط لتوفير البنية التحتية لها ...غير عن أمور أخرى الترقيات الحوافر والطائفية و .. التي أثرت بشكل مباشر على المعلم والطالب بشكل سلبي كبير

اقرأ ايضاً