العدد 4882 - الإثنين 18 يناير 2016م الموافق 08 ربيع الثاني 1437هـ

المشكلة في اختلال القيم

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

المنتدى الاقتصادي العالمي يعقد مؤتمره السنوي في مدينة دافوس السويسرية تحت شعار «إتقان الثورة الصناعية الرابعة» في الفترة من 20 حتى 23 يناير/ كانون الثاني 2016. وتوضيحاً لهذا المصطلح، فقد كتب رئيس المنتدى كلاوس شواب يقول بأن هذه الثورة - في رأيه - بدأت في مطلع القرن الحادي والعشرين بعد ابتكار تقنيات وأساليب جديدة ودمج العوالم المادية والرقمية والبيولوجية بطرق من شأنها أن تُحدث تحوُّلاً جذريّاً للبشرية. ولكن ربما أن تسمية شواب الفترة الحالية بثورة رابعة «متسرعة» وربما أنها ليست سوى وسيلة تسويقيّة لجذب الانتباه لاجتماع هذا العام.

بحسب التقسيم المُستخدَم عادةً، فإنّ الاقتصاد العالمي مرّ بثلاث ثورات في الإنتاج الذي تعتمد عليه البلدان في اقتصادها. فقد كانت البشرية تعتمد في الأساس على الزراعة لآلاف السنين حتى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، وكان الإنتاج يعتمد على الفلاحين. وبعد اختراع الآلة البخارية بدأت الثورة الصناعية التي استمرّت حتى منتصف القرن العشرين، وأصبح الإنتاج يعتمد على عمّال المصانع. وفي نهاية الخمسينات من القرن العشرين بدأ عصر المعلومات، أو ما يُسمّى أيضاً بـ «العصر المعرفي»، وأصبح الإنتاج يعتمد على عمّال المعرفة. ما نمُرُّ فيه حاليّاً لازال ضمن مخاضات الثورة المعلوماتية (المعرفية)، وبالتالي فإنّ تسمية هذه الفترة بالثورة الرابعة ربما من أجل التنويه إلى تسارع التحوُّلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بسبب التطوُّرات الكثيرة في التكنولوجيا الرقمية، وتداخلها مع الابتكارات في عدة مجالات.

ولقد كتب المفكر بيتر دراكر في 1994 بحثاً قال فيه إن المعرفة أصبحت المورد الرئيسي للاقتصاد، وإن من مخاطر التحوُّلات السريعة هو ضياع مفهوم «تكامل المصالح»... وبدلاً عن ذلك ستواجه البشرية «تصارع القيم» لأنّ جهات عديدة سترى أن قيمها الأخلاقية مُطلَقة، سواء كان ذلك بشأن الحق في الحياة للجنين الذي لم يولد بعد، أو عن البيئة، أو عن الهويّة والحقوق.

ولعلَّ شواب توصّل إلى النتيجة ذاتها في مقاله عن شعار المنتدى هذا العام، عندما أشار إلى أنه «يجب أن نعالج، فرديّاً وجماعيّاً، القضايا الأخلاقية والمعنويّة التي أثارتها أحدث الأبحاث العلمية في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيويّة، والتي ستمكن من إطالة العمر وولادة الرضّع وفق الطلب واستخلاص الذاكرة».

وفي هذا الإطار، أصدرت منظمة «أوكسفام» أمس تقريراً بمناسبة انعقاد منتدى دافوس، أشارت فيه إلى «اختلال القيم» في توزيع الثروة، فقد أصبح الآن 62 شخصاً ثريّاً يملكون أكثر مما يملكه 3.6 مليارات شخص في العالم (نصف البشريّة). وقالت أوكسفام، إنه بعكس ما يبشر البعض (مثل المجتمعين في دافوس) من أنّ الثروة التي تتولد في الأعلى تنزل إلى الأسفل، فقد أظهرت النتائج المسْحيّة أن 1 في المئة من أثرياء العالم زادت ثروتهم بنحو 44 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية، بينما انخفضت الثروة التي كانت بيد نصف البشرية بنحو 41 في المئة. ولذا فإننا لانزال في العصر المعلوماتي/ المعرفي، وإن المشكلة تكمُن في اختلال القيم.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4882 - الإثنين 18 يناير 2016م الموافق 08 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 9:54 م

      In Direct مباشرة ،،،،

      على ذكر منتدى دافوس الإقتصادي ،، دولنا تذهب هناك للshow وتبادل الصور والعناق الحار مع المندوبين فقط ولا رؤى أو فكر اقتصادي أبدا وبدليل الأزمة التي يعيشون الآن وهم في الحضيض ،،، وفي المقابل دول تذهب هناك وتعمل وتثابر لرفع ونمو إقتصاد بلدانهم..بالفعل مصيبه.

اقرأ ايضاً