العدد 4885 - الخميس 21 يناير 2016م الموافق 11 ربيع الثاني 1437هـ

(رسالة مواطن)... كتب التنظير الغربية عن التنمية البشرية خيال للعربي أم حقيقة تجاري واقعه؟

على مدى سنوات، قرأت وتصفّحت واطلعت على عشرات الكتب التي تتناول التنمية البشرية، والتي تعدك جميعها -في التقدمة- بأن حياتك ستتغير ومستقبلك سيزهر وعقلك سيبدع، إن قمت باتباع الإرشادات، التعليمات، والنصائح والطرق الواردة في الكتاب، وأنت محظوظ باقتناء هذا "الكتاب"؛ لأنه دليلك لحياة النجاح والتميّز و التفوّق؛ بل والصحة والثراء... وغيرها!

كتب ذات شهرة وانتشار لكتّاب مرموقين كـ (كارنيغي) أو (انطوني روبنز) و(توني بوزان) وغيرهم، إلى جانب برامج مهمة تتحدث عن ذات الأفكار، وعلى رأسها المبدع الراحل ابراهيم الفقي، ومازال لتلك الكتب والإصدارات بريق يغري ويشد وخصوصا لمن يشعر انه في متاهة! وأعرف آخرين يلتحقون بدورات تدور حول ذاك العنوان، إلا اني اجزم "أن أغلبنا" نقرأ هذا او ذاك الكتاب، نشاهد برنامجا، نحضر دورة، نسمع لفلان... نتأثر، نعقد العزم على اتباع مثل تلك الطرق لكي ننجح، أو نترقى او نزيد ثقتنا بأنفسنا، او لسد اي نقص نفسي نشعر به، ننوي ونخطط ونلتزم...، ولكن الأمر لا يدوم أكثر من شهرين كحد أقصى! إذ تتراخى الإرادة شيئا فشيئا ويفقد سحر ذلك الكتاب أو البرنامج مفعوله، و يذوي الحماس ونعود لممارسة حياتنا الرتيبة كما كانت او اشد بطئاً وخمولاً!

وربما يجدر القول، ان مفعول مشاهدة فيلم (قصة هيلين كيلر) مثلاً، او قراءة سيرة ذاتية لأحد العلماء او العظماء او المفكرين (سيرة المفكّرعبدالوهاب المسيري) مثلاً، تلك السير الذاتية لها مفعول يفوق أثر قراءة كل تلك الكتب؛ كون أغلب تلك السير والأفلام و(الصور) تحوي وقائع وتفاصيل دقيقة وحقائق علمية ومنطقية يمكنها اقناعك والتأثير عليك بعيداً عن التنظير والتخيّل. اقول ذلك وأنا مازلت اعتقد ان نسبة لا بأس بها مما يطرح في كتب "التنمية البشرية" تكون صحيحة وطريقة سليمة ومثمرة، غير أن بعض هؤلاء الكتاب يعتقدون انهم يكتبون او يوجهون حديثهم "المنطقي" الى مجموعة بشرية كلها تعيش ذات النمط ولها ذات العقلية والعمر والطبقة والنفسية والبيئة المجتمعية!

وأود هنا أن انوّه ايضاً إلى مقالات الكاتب ياسر حارب (التي كان ينشرها في صحيفة الوسط)، وحلقات برنامج ما قلّ و دل، وهي مقالات وحلقات شائقة ومميزة وتبعث على الأمل والالهام، ومحركة للأحلام والخيالات، ولكنها كثيراً ما تكون مغرقة في التفاؤل والتنظير، والأمثلة وقصص النجاح التي تُساق في هذا الاطار كثيرا بل غالبا ما تكون لشخصيات أجنبية عاشت في أميركا او أوروبا، أي في ظروف ومجتمع وثقافة مختلفة تماماً!

ولا بدّ ان الكاتب يعرف الوضع الاجتماعي وكيف يعيش المواطن في الدول العربية، وما هي المعوقات والعقبات التي تواجه (المواطن) سواءً أكانت بيروقراطية او اجتماعية او ما يتعلق بمسألة المحسوبية والواسطة والنسب والتمييز وغيرها، مما هو شائع في أوطاننا! وللأسف فإن الشواهد تؤكد على ان العالِم (بكسر اللام) والمفكر والباحث العربي لا يبدع ولا يلمع ولا يرتفع إلا خارج وطنه!

 

جابرعلي





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 12:05 ص

      لا يضركم من ضَل اذا اهتديتم

      كاتب المقال يائس... عليك بنفسك.... المعوقات التي تقول عنها هي ما تسبب الاحباط وهذا اللي حاصل في البلد
      ما فيه مثل شماعة الحكومة اللي الكل يعلق فشله عليها
      الحكومة ما توظف وهو جايتنه عشر وظائف حتى لو راتبها قليل بس الله يقوله اسع يا عبدي وانا أسعى معاك
      البحرينيين يبون الغير يوفر ليهم الشغل مع انه فبه بحرينيين بنوا نفسهم من الصفر ولا خلوا المعوقات توقفهم او تكسر ارادتهم

    • زائر 2 | 10:40 م

      هذي مجرد أحلام وردية

      الكلام المنمق الذي كتبه هؤلاء يصطدم بصخرة الفساد التي تنخر في أجساد الشعوب،....، لا يمكنك أن تبني تنمية لشعب بينما المسؤولين يقدمون مصالحهم الفئوية و الخاصة و المذهبية حتى فوق كل شي، هذه مصيبة أولى ينبغى علاجها بالإستئصال مثل السرطان

    • زائر 1 | 9:51 م

      كلامك صحيح في بعض جوانبه، حيث أن أصحاب هذه الكتب يكسبون أموالا طائلة وشهرة لمجرد بيعهم وهم النجاح لفئة من الناس لم تصل بعد إليه. وقد يكون القارئ محتاج فعلا لذلك ولكن يجب أن يعرف بأنه لكي تنجح فإنك لا تستغني عن التوفيق الإلهي مهما كان مقدار سعيك. القارئ يكون بيده السعي وبذل الجهد نحو النجاح وليس بيده نتيجته حيث أن "وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ".

اقرأ ايضاً