العدد 4892 - الخميس 28 يناير 2016م الموافق 18 ربيع الثاني 1437هـ

تدهور أسعار النفط يعتبر نعمة خطرة بالنسبة لواشنطن

يبدو انخفاض أسعار النفط بمثابة نعمة للولايات المتحدة التي أسهمت فيه وترى الآن دولاً تعتبرها غير ودية تعاني منه، لكن إن تعمق واستمر الانهيار فإنه سيمثل خطراً لزعزعة الاستقرار بشكل مثير للقلق.

فعلى صعيد البلاد ككل تبقى الولايات المتحدة بشكل واضح مستورداً للنفط وميزانها التجاري يحظى إذن بطاقة زهيدة الثمن رغم أن النفط الصخري وضعها في مصاف الدول الكبرى المنتجة للذهب الأسود على وجه الكوكب.

أما على الصعيد الاستهلاكي، «فما من شك أن أسعار النفط المنخفضة تعتبر جيدة بالنسبة للولايات المتحدة - لكن مؤلمة للبعض - (للشركات والولايات الأكثر ارتباطاً بالقطاع)، لكنها جيدة بالنسبة للاقتصاد الأميركي والمستهلكين الأميركيين» الذين يوفرون في فاتورة البنزين والتدفئة على ما يلخص بروس ايفريت الذي كان من كوادر اكسون-موبيل ويدرس اليوم في الجامعتين الأميركيتين تافتس وجورج تاون.

لكن هل يترافق هذا المكسب المالي مع مزايا استراتيجية؟

أجاب جورج بيري من مؤسسة بروكينغز للأبحاث على هذا التساؤل بالقول «إنه مزية بقدر ما لا تحبون كثيراً (الدول) المنتجة للنفط».

وتقيم واشنطن علاقات تكاد تكون باردة مع عدد من أبرز الدول المنتجة التي تواجه تراجعاً كبيراً في عائداتها التي تجنيها من النفط في ظل غياب تنوع حقيقي في اقتصادها. ومن بين هذه الدول روسيا وفنزويلا وبشكل أخص إيران التي حصلت للتو على رفع العقوبات الاقتصادية الغربية مقابل تخليها عن البرنامج النووي العسكري التي كانت تتهم بتطويره.

وفيما يتعلق بعلاقاتها مع موسكو اعتبر يان كاليكي من مركز ويلسون للبحوث أن روسيا تجد نفسها «تحت الضغط، مع انخفاض (أسعار) النفط وتراجعها الاقتصادي العام، ويمكن الإشارة إلى أن ذلك حثها على أن تكون أكثر حزماً على الساحة الدولية، (...) في أوكرانيا وفي سورية على سبيل المثال، لتحويل انتباه شعبها عن صعوباته الاقتصادية».

لكنه تساءل «إن كان المناخ الاقتصادي أقل سلبية فهل أن روسيا ستكون أقل تشدداً إلى حد ما على المسرح الدولي؟».

تلاقي المصالح

فيما يخص إيران رأى انطوني كوردسمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أنه حتى ولو حسب برميل النفط بسعر 40 دولاراً، أي أكثر مما هو حالياً، فذلك لن يدرّ على إيران في أفضل تقدير سوى خمسين مليار دولار سنوياً، وذلك «لا يشبه بشيء نتائج كثيفة بالنسبة لبلد سيبلغ تعداده السكاني (في 2017) 83 أو 84 مليون نسمة وسيتمحور إجمالي ناتجه الداخلي حول 1400 و1600 مليار دولار. حتى مع انتهاء العقوبات فإن النتيجة ستكون على الأرجح تفاقماً جديداً للصراع الداخلي على السلطة من أجل المال والحاجات المدنية مقابل العسكرية».

وقال كوردسمان أيضاً لوكالة فرانس برس «يمكن الإشارة إلى أن عائدات نفطية أقل ارتفاعاً مما هو متوقع ستؤثر على قدرة إيران على استيراد المعدات العسكرية، ودعم سورية أو لعب دور عسكري في الخليج، لكن المشكلة هي أن ذلك سيضر أيضاً بالبلدان العربية الحليفة للولايات المتحدة» مثل السعودية والدول النفطية الأخرى في الخليج.

وبشكل أعم في الشرق الأوسط والعالم العربي بما في ذلك لدى حلفاء الأميركيين مثل السعودية التي تواجه عجزاً قياسياً في الموازنة، اعتبر يان كاليكي أنه «ليس من الواضح قطعاً أن الاستقرار سيتحسن إن كانت العوامل التي تميل إلى تغذية التطرف الإسلامي والمرتبطة ببطالة الشباب، والاقتصاد والتحديث، تواجه تدهوراً في العائدات التي تجنى من النفط» كما قال.

وبوجه عام لفت يان كاليكي إلى أن الانهيار الحالي في أسعار البترول تمثل في نهاية المطاف خطراً على اقتصاد الولايات المتحدة نفسها وعلى اقتصاديات بعض أقرب حلفائها مثل كندا والمكسيك اللتين تعدان أيضاً من البلدان المنتجة للنفط.

وأضاف «ما نراه هو أن (البلدان) المنتجة تستهلك أكثر و(البلدان) المستهلكة تنتج أكثر، لدرجة أن هناك تلاقياً في المصالح بين مختلف البلدان الناشطة في سوق النفط، وهذا لم يكن على هذه الحال في الماضي». واعتبر أن ذلك يجعل المستوى الحالي للأسعار أمراً مريباً بالنسبة «للاقتصاد الدولي وبالنسبة للبلدان التي لا تطرح مشكلة على الصعيد الدولي».

العدد 4892 - الخميس 28 يناير 2016م الموافق 18 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً