العدد 4894 - السبت 30 يناير 2016م الموافق 20 ربيع الثاني 1437هـ

هيومن رايتس ووتش: الحوثيون يمنعون دخول سلع حيوية إلى تعز في اليمن

قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم الأحد (31 يناير/ كانون الثاني 2016) إن القوات الحوثية قيدت على مدار شهور دخول الإمدادات الغذائية والطبية إلى المدنيين في تعز، ثالث أكبر مدينة يمنية، مُصادرة السلع الأساسية للسكان ومنع المساعدات الإنسانية هي انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني.

وصف 7 من سكان تعز لـ "هيومن رايتس ووتش" 16 واقعة بين 13 ديسمبر/كانون الأول 2015 و9 يناير/ كانون الثاني 2016 منع فيها حراس حوثيون في حواجز أمنية المدنيين من إدخال مواد مختلفة إلى المدينة، ومنها فواكه وخضراوات وغاز للطهي وتحصينات للأطفال وعبوات لغسيل الكلى وأسطوانات أوكسجين، وصادروا بعض هذه المواد. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على الحوثيين أن ينهوا فوراً أعمال المصادرة غير القانونية للسلع الموجهة للسكان المدنيين وأن يسمحوا بحرية حركة منظمات الإغاثة.

وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، جو ستورك: "يمنع الحوثيون مواد ضرورية عن سكان تعز لمجرد أنهم يعيشون في مناطق تخضع لسيطرة قوات المعارضة. مصادرة الممتلكات من المدنيين أمر غير قانوني، لكن أخذ طعامهم وإمداداتهم الطبية قسوة بالغة".

تقع تعز بين العاصمة صنعاء – التي يسيطر عليها الحوثيون منذ أواخر 2014 – ومدينة عدن الساحلية – التي أعادت القوات الموالية للحكومة السيطرة عليها في يوليو/تموز. كان تعداد سكان تعز قبل الحرب نحو 600 ألف نسمة، لكن القتال البري الغاشم خلال النزاع المسلح الذي بدأ في مارس/ آذار 2015 أدى لفرار ثلثي السكان، مع بقاء ما بين 175 و200 ألف نسمة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

تحاصر القوات الحوثية تعز وتدير حواجز أمنية عند المدخلين الرئيسيين للمدينة، بينما تسيطر قوات معارضة للحوثيين على وسط المدينة، وهي تشمل "الإصلاح"، وهو حزب سياسي إسلامي (أخوان مسلمون)، ونشطاء شباب، وسلفيين وإسلاميين مسلحين آخرين، على حد قول السكان. زعم الحوثيون أن تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" وتنظيم "داعش" منتشران ضدهما في تعز.

منذ سبتمبر صادر حراس حوثيون عند الحواجز الأمنية المياه والغذاء وغاز الطهي الذي حاول سكان تعز إدخاله للأحياء السكنية التي تسيطر عليها قوات مُعارضة لهم. أولئك الذين اشتكوا للقيادات الحوثية مباشرة قيل لهم "اطلبوا منهم (المقاومة) أن يطعموكم" على حد قولهم لـ هيومن رايتس ووتش.

وواجهت منظمات دولية وإنسانية أيضاً صعوبات في جلب الغذاء والدواء للسكان المدنيين. في أكتوبر صادر الحوثيون عقاقير طبية كانت مُرسلةً على متن 3 شاحنات من "منظمة الصحة العالمية" للمستشفيات في وسط تعز. لم يعط الحوثيون لمسئولي وزارة الصحة في صنعاء وتعز الإذن بإمداد المستشفيات والعيادات الطبية في المناطق غير الخاضعة للحوثيين بإمدادات طبية.

في 22 أكتوبر ذكرت "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" أن نحو نصف مستشفيات تعز كفت عن العمل بسبب نقص الإمدادات أو الوقود أو جراء تضرر المرافق أثناء القتال. طالبت الأطراف المسيطرة بالتصريح بتسليم الأدوية المُلحة والضرورية، التي مُنعت على مدار 5 أسابيع، إلى مستشفى الثورة.

في 24 أكتوبر قال المنسق الإنساني بالأمم المتحدة إن قدراً لا يُذكر من السلع التجارية أو السلع المرسلة من منظمات الإغاثة دخلت وسط المدينة. في اليوم التالي قالت منظمة "أطباء بلا حدود" إنه رغم أسابيع من المفاوضات المكثفة مع المسئولين الحوثيين، لم يتسن تسليم مخزون من الأغراض الطبية الضرورية لمستشفيين في تعز، وأن شاحنات أطباء بلا حدود أوقفت عند حواجز الحوثيين الأمنية ومُنعت من الدخول.

قال موردون لأسطوانات الأوكسجين التي تستخدمها المنشآت الطبية لـ هيومن رايتس ووتش إن الحراس الحوثيين صادروا شحناتهم على الحواجز الأمنية، والتزموا بألا يجلبوا المزيد من الأوكسجين. قال مسؤولون بالمجال الصحي لـ هيومن رايتس ووتش إن بعض المستشفيات نفدت منها أسطوانات الأوكسجين وإن سعرها زاد كثيرا. قالت رئيسة وحدة الأطفال حديثي الولادة في المستشفى الجمهوري إنه منذ ديسمبر/كانون الأول مات 6 مواليد مبتسرين لأن المستشفى لم يكن به أوكسجين أو وقود لتشغيل مولد الكهرباء من أجل تشغيل الحضانات.

وقالت هيومن رايتس ووتش إنه بسبب اقتصار القدرة على دخول تعز نتيجة للوضع الأمني، أصبح من الصعب تحديد مدى اتساع ممارسات مصادرة الحوثيين للغذاء والدواء المُرسل للسكان المدنيين. وقال مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة في بيان بتاريخ 5 يناير إن السيطرة المشددة على جميع نقاط الدخول إلى المدينة أدت إلى نقص في كميات الغذاء والمواد الضرورية الأخرى الواردة، مع زيادة صعوبة الوضع على السكان بشكل ملحوظ. وتدهور الوضع الصحي في المحافظة، مع اضطرار مستشفى الروضة – من أكبر المستشفيات التي ما زالت تعمل – إلى عدم استقبال المرضى بسبب العجز في الإمدادات الطبية. في 24 يناير قال المنسق الإنساني للأمم المتحدة جامي مكغولدريك إن تعز تعاني من "ندرة المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى المطلوبة لبقاء السكان على قيد الحياة. الخدمات الأساسية نادرة الوجود، ومنها المياه والوقود".

أفادت منظمة أطباء بلا حدود أنها تمكنت من تسليم مساعدات طبية لتعز في 17 يناير للمرة الأولى منذ شهور، وأفاد "برنامج الأغذية العالمي" تسليم 3000 وحدة مساعدات غذائية أسرية للمدينة في 21 يناير. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على الأمم المتحدة العمل على رصد الموقف والإبلاغ بتطوراته علناً لضمان السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى المدينة دون تأخير غير ضروري.

في حين لا يمنع القانون الدولي الإنساني محاصرة القوات المعادية، إلا أنه لابد من عدم حرمان المدنيين من إمدادات الغذاء والدواء اللازمة للاستمرار على قيد الحياة. تلتزم جميع أطراف النزاع بتيسير توفير المساعدات الإنسانية المحايدة للسكان المدنيين، ويُحظر مصادرة السلع المدنية دون تعويض. ويعد تجويع المدنيين من أساليب الحرب غير القانونية، وهو جريمة حرب.

وقال ستورك: "قد يكون الضرر اللاحق بالمدنيين في النزاعات المسلحة حتمياً، لكن لا عذر لزيادة المعاناة والوفيات عن طريق منع الغذاء والسلع المُنقذة للحياة من الوصول للمستشفيات والأحياء المُحاصرة".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً