العدد 4917 - الإثنين 22 فبراير 2016م الموافق 14 جمادى الأولى 1437هـ

«الانقراض السادس» لكولبرت يتصدَّر قائمة أفضل 100 كتاب غير قصصي

إليزابيت كولبرت
إليزابيت كولبرت

لغة الأرقام والشواهد في إصدار الكاتبة الأميركية إليزابيث كولبرت «الانقراض السادس: تاريخ غير طبيعي»، والذي تصدَّر قائمة صحيفة «الغارديان» لأفضل 100 كتاب غير قصصي، يريد القول بأن الإنسان، وليس غيره، مسئول عن أكبر عملية انقراض يشهد تفاصيلها اليوم، منذ أن اختفت الديناصورات من على الأرض. كان ذلك قبل 65 مليون سنة، حين ارتطم كويكب بشبة جزيرة يوكاتان على الساحل الشرقي للمكسيك.، واحتلَّ وقتها ترتيب «الانقراض الخامس». نحن اليوم نشهد الموجة السادسة من الانقراض الذي تتعرض له كائنات كوكبنا وبدم بارد.

أبرز ملامح الانقراض السادس هو الموات الشامل الذي يتعرض له التنوع الحيوي. الإنسان هو مصدر الخطر على التنوع، مشيرة كولبرت إلى أن «زيادة نسبة الحموضة في المحيطات ستكون من المحرِّكات الرئيسية وراء عملية الانقراض».

في الكتاب توثيق لتداعيات الانقراض الذي بدأ في التجلِّي، وثمة تسليط للضوء على عدد من العلماء الذين نبَّهوا إلى الكارثة المقبلة.

مع كل تلك الحصيلة من الدمار الذي حاق بالتنوع الحيوي، وحاق بالبيئة في المقام الأول، تبرز كولبرت المخاوف العلمية من تأثير الإنسان على البيئة؛ إذ ترى أن هناك ميْلاً «لإعادة تسمية عصرنا الجيولوجي الحالي بعصر (الانثروبوسين)؛ أي عصر الأنشطة الإنسانية ذات التأثير الملموس على النظام البيئي لكوكب الأرض».

وفي تصريح أدلت به لـ «رويترز» تزامن مع صدور كتابها أشارت كولبرت إلى أن «أكثر الأنواع المرجَّحة للبقاء والحفاظ على تركيبة حمضها النووي دون تغيير يذكر لنحو مليوني عام قادمة هي الصراصير».

كُنْ صرصوراً!

مُضيفة «الناس ينظرون باستعلاء إلى الصراصير التي نجت دون تغيير يذكر لفترة طويلة من الوقت. نعرف أنها تتعامل بشكل جيد مع الإزعاج الذي يسببه لها الإنسان. إذا أردت أن أورث حمضي النووي لأجيال لاحقة فسأختار على الأرجح أن أكون صرصوراً. وإذا أردت أنت أن تورِّث حمضك النووي فلا تكن طائراً غير قادر على الطيران».

هنا جانب من المراجعة التي كتبها روبرت مكروم في صحيفة «الغارديان» يوم الاثنين (الأول من فبراير/ شباط 2016)، من دون أن يورد كتباً أخرى في القائمة.

يعرف الحيوانُ البشري بأنه ولد منذ القِدَم وأنه سيموت، جنباً إلى جنب مع اللغة. هذه المعرفة هي ما يفصل بيننا وبين جميع الأنواع الأخرى. ومع ذلك، وحتى القرن الثامن عشر، بدأت تتكشف مسألة الانقراض. أرسطو نفسه، الذي تكهَّن بشأن معظم الأشياء، لم يضع أمكانية الانقراض في الاعتبار.

ذلك هو ما يُثير الدهشة أكثر لأن «نهاية العالم» هو موضوع يتصل بـ «التوراتية» مع تسمية ذات وقْع تتحدَّد في: الإيمان بالآخرة، تلك التي تقرأ القيامة في الثقافة الشعبية، ومن خلال عديد من السيناريوهات. من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى حرب عالمية ثالثة. مواطنو القرن الواحد والعشرين يُواجهون الآن قائمة مُتعاظمة من الهلاك المُحتمل في المستقبل.

كتاب إليزابيث كولبرت «الانقراض السادس: تاريخ غير طبيعي» هو تعبير ذكي للغاية عن هذا النوع من الأطروحات والتناول، وقد تمَّت كتابته بشكل مُتقن ومُسلٍّ في الوقت نفسه. كتابها، الذي هو امتداد لتقريرها حول الاحتباس الحراري «ملاحظات ميدانية» وصدر في العام 2006، تم اعتباره بالفعل واحداً من كتب الكلاسيكيات المعاصرة، ومُفتتحاً مثالياً لبدء هذه السلسلة الجديدة من العناوين البارزة للكتب غير القصصية الصادرة باللغة الإنجليزية.

خمس حالات من الانقراض سابقة

في الصفحة الأولى من تحقيقها الذي يتناول مستقبل كوكبنا، تقتبس كولبرت من عالم الأحياء إدوارد أوسبورن ويلسون قوله: «إذا كان ثمة خطر في مسار الإنسان، فهو لا يمثل الكثير في بقاء جنسنا البشري كما هو الحال في المفارقة الأساسية التي تبرز في التجاهل النهائي المرتبط بالتطوُّر العضوي: إنها لحظة تحقُّق فهم الذات من خلال عقل الإنسان، ومن خلال الحياة ومصيرها والإبداعات الأجمل التي تضمُّها «هذه الملاحظة التحذيرية تحدِّد صيغة الثلاثة عشر فصلاً التي تلي التقرير المُعاصر والملحَّ عن «الانقراض السادس».

(إدوارد أوسبورن ويلسون، عالم أحياء أميركي ولد في برمنغهام، ألاباما، بالولايات المتحدة في 10 يونيو/ حزيران 1929. اشتهر بعمله في مجالات التطوُّر وعلم الحشرات وعلم الاجتماع الحيوي، ويُعدُّ من أبرز المتخصِّصين في حياة النمل واستخدامه للفيرومونات كنوع من وسائل الاتصال.

كما يُعدُّ واحداً من العلماء الأكثر شهرة على الصعيدين الوطني والدولي. بعد حصوله على شهادة البكالوريوس في العلوم ودرجة الماجستير في علم الأحياء في جامعة ألاباما (توسكالوسا)، حصل على الدكتوراه من جامعة هارفارد. ويعمل حالياً أستاذاً فخرياً وأميناً عاماً لمتحف علم الحيوان المقارن في جامعة هارفارد).

رؤية كولبرت يمكن النظر إليها على أنها مذهلة ومخيفة في الوقت نفسه، ولكنها تستحوذ على الاهتمام من جانب كتَّاب يفترضون أننا «جميعاً منكوبون». خلال النصف مليار سنة الماضية، تروي لنا كولبرت، بأنه كانت هنالك خمس حالات من الانقراض الجماعي على الأرض.

تاريخ هذه الأحداث الكارثية، يُلفت انتباه كولبرت إلى أن تلك الأحداث تميل إلى أن تكون مُستعادة، تماماً مثلما وصلت الإنسانية اليوم إلى إدراك أنها على وشك أن تتسبَّب في حالة انقراض أخرى. ترى كولبرت بأن العلماء في جميع أنحاء العالم يرصدون الآن الانقراض الجماعي المقبل، الذي قد يكون الأكبر دماراً منذ انقراض الديناصورات قبل 65 مليون سنة.

الهلاك الوشيك

في 13 حلقة، هنالك سرْد رائع تستكشف من خلاله الصحافية في مجلة «نيويوركر»، امكانية الهلاك الوشيك، على سبيل المثال، الضفدعة الذهبية البنمية، وهي إحدى أندر أنواع الضفادع على وجه الأرض، واكتُشفت للمرة الأولى في العام 1656، وتتميَّز بلونها الذهبي الفاقع الجميل ولكنها اختفت عن الأرض نهائياً في العام 1989م.

يعتقد بعض العلماء أن موتها كان بسبب ارتفاع نسبة أكاسيد النيتروجين والتي تُعتبر سمَّاً قاتلاً لها ولكن لا أحد يمكنه تأكيد الحدث، وهنالك وحيد القرن السومطري، وكذلك طائر الأوك قصير العنق والجناحين، وهو من طيور البحار الشمالية. قتل آخر زوج من هذا الطائر في العام 1844، وقد بيع أحدها محنَّطاً في لندن العام 1971.

جزء من اهتمام كولبرت هو تثقيف القارئ الحديث بتاريخ الانقراض الجماعي. في حين أن الدلالة، كما تقول «قد تكون الفكرة العلمية الأولى التي يجب أن يتعامل الأطفال معها»، كما يمرحون مع لُعبهم من الديناصورات. توضح كولبرت ذلك، بأنها فكرة حديثة نسبياً ويعود تاريخها إلى عصر التنوير بفرنسا. حتى هذه اللحظة لم يكن في التراث الفكري الغربي - حتى أرسطو على رغم إنجازه 10 مجلدات عن تاريخ الحيوانات - ذلك القدْر من النظر في احتمال أن يكون للحيوانات ماضٍ.

في وقت لاحق، وفي العصر الروماني تحديداً، تضمَّن كتاب «التاريخ الطبيعي» لبليني أوصاف الحيوانات ضمن حدود أنها حقيقية، أو رائعة، ولكن أياً منها لم تنقرض. يشار إلى أن بليني، كتب الكثير من الأعمال التاريخية والفنية التي لم يتبقَ منها سوى 37 مجلداً من» التاريخ الطبيعي». وُلد في نوفوم كوموم (كومو الآن) في شمالي إيطاليا. وعمل محامياً. تولَّى مناصب حكومية مهمة. كان أدميرالاً على الأسطول الذي كان بالقرب من پومپي عندما انفجر بركان جبل فيزف في العام 79م، ومات هناك وهو يحاول إنقاذ اللاجئين.

الماستدون الأميركي

تم استخدام كلمة «الأُحفوري» لوصْف أي شيء تم حفره من الأرض، كما هو الحال مع «الوقود الأحفوري». حتى كارل لينيوس، الذي كان رائداً في نظامه: «التسميات ذات الحدَّين» في منتصف القرن الثامن عشر، فَهْرَسَ فقط نوعاً واحداً من الحيوانات، تلك التي كانت موجودة.

يذكر أن كارل لينيوس، طبيب وجيولوجي ومربِ وعالم حيوان ونبات سويدي الجنسية، ولد في 23 مايو/ أيار 1707م. رائد علم التصنيف الحديث، ويُعتبر أحد آباء علم التبيُّؤ. ألف كتاب «النظام الطبيعي» الذي وضع فيه أسس التصنيف العلمي الحديث؛ فهو أول من وضع نظام التسمية الثنائية؛ أي اسم الجنس واسم النوع.

اكتشاف بعض عظام الماستدون الأميركي (حيوان بائد شبيه بالفيل)، خلال مطلع القرن الثامن عشر - كان نتيجة غير مقصودة لاستكشاف استعماري فرنسي - ألهَمَ عالم التشريح في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس، جورج كوفييه، أن يطرح السؤال الجوهري: «ما الذي كانت عليه هذه الأرض البدائية؟ ... وما الثورة التي كانت قادرة على القضاء عليها؟». (ولد جورج في 23 أغسطس/ آب 1769. فرنسي الجنسية ويُعدُّ من أهمِّ أقطاب العلم في القرن الثامن عشر، وهو من أهم الذين ترأسوا أكاديمية العلوم. درس في شتوتغارت حتى العام 1788، ثم صار مُعلماً لأبناء أسرة أحد النبلاء في نورماندي).

قرَّاء «الانقراض السادس» لن يكونوا قادرين على التهرّب من الاستنتاج الآتي: «حاجتنا إلى اكتشاف أننا على شفا كارثة كبيرة».

غلاف «الانقراض السادس»
غلاف «الانقراض السادس»




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً