العدد 4924 - الإثنين 29 فبراير 2016م الموافق 21 جمادى الأولى 1437هـ

بطلي: أمبرتو إيكو

أمبرتو إيكو
أمبرتو إيكو

الوسط - المحرر الثقافي 

تحديث: 12 مايو 2017

المقالة القصيرة لجوناثان كو التي حملت عنوان «بطلي: أمبرتو إيكو»، ونُشرت يوم السبت (27 فبراير/ شباط 2016)، في صحيفة «الغارديان»، ويسلِّط فيها جانباً من الأثر الشخصي الذي تركته قراءاته لأعمال الفيلسوف والروائي الإيطالي إيكو.

ليس هناك الكثير من تجارب القراءة التي تتوهَّج وتضيء نفسها من أجل الارتقاء بوعيك، ولكن لدي ذاكرة أكثر وضوحاً ترتبط بالمرة الأولى التي قرأت فيها «اسم الوردة» لأمبرتو إيكو: حيث كنت جالساً على كرسي والدي، في مشهد يطل من نافذة غرفة المعيشة. لقد أعطاني والدي عدداً قليلاً من الروايات الأخرى في السنوات الـ 40 الماضية، وقد عملتْ عملها في تنشيط متعة القراءة لديَّ، المتعة الشديدة تلك التي لن تنساها.

لقد كنت دائماً قارئاً يمكن تصنيفه ضمن البرجوازية الصغيرة، وفي الوقت الراهن، أجدني أتعاطف أكثر وأكثر مع وجهة نظر كينغسلي أميس، من أن الحياة قصيرة جداً لقراءة أي من الكتب، والتي لا تبدأ بعبارة «طلقة دوَّتْ». (يشار إلى أن السير كينغسلي أميس وليام، روائي وشاعر وناقد ومعلِّم إنجليزي. ولد في 16 أبريل/ نيسان 1922، وتوفي في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 1995. له أكثر من 20 رواية، وستة مجلَّدات من الشعر، ومذكرات، وقصص قصيرة متنوعة، ونصوص إذاعية وتلفزيونية، جنباً إلى جنب مع أعمال في النقد الاجتماعي والأدبي. وفقاً لكاتب سيرته، زخاري ليدر، فإن أميس هو «أفضل روائي هزلي إنجليزي في النصف الثاني من القرن العشرين». مع الإشارة هنا إلى أنه والد الروائي البريطاني مارتن أميس. في العام 2008، وضعته صحيفة «التايمز» في المرتبة التاسعة على قائمة أعظم 50 كاتباً بريطانياً منذ العام 1945).

كثير من الطلقات تدوِّي في رواية «اسم الوردة» - أو كثير من الرهبان يُصابون بالتسمم، وهو تقريباً الشيء نفسه - بطبيعة الحال، هي رواية الأفكار الرائعة. وأنا أفضَّلها (فقط) على روايته «بنْدول فوكو»، الذي قدَّم فيها إيكو حبَّه لثقافة البوب ولبّ الخيال، وبشكل أكثر وضوحاً. الرواية التي تحتاج من مترجمها اليوم إلا إفراد حواشي وهوامش لتفسير مئات المفردات والمصطلحات، وهو - واقعاً - في عمله هذا توقع «شيفرة دافنشي» قبل عشرات السنين، وعندما سئل من قبل الصحافيين عن رأيه في دان براون، زعم أنه كان شخصية وهمية ورد بالقول: «لقد قمت باختراعه».

«بندول فوكو»، تحكي قصة فيزيائي فرنسي في القرن الثامن عشر، اسمه ليون فوكو، ابتكر آلية لإثبات دوران الأرض، من خلال تعليق ثقل قدره 28 كيلوغراماً بسلك طوله 67 متراً إلى قبة كنيسة بانتيون في باريس مشكِّلاً بذلك رقَّاصاً (بندولاً) عملاقاً. وعند تحريك البندول وُجد أن مستوى اهتزازه كان يدور باتجاه الساعة بمقدار 11 درجة كل ساعة، متماً بذلك دورة كاملة كل 32.7 ساعة. حضرت الرواية في جميع أنحاء العالم، وحققت مبيعات قياسية، على رغم أنها لم تتلقَ إشادة بالإجماع لأنها لم تكُ بتلك الهالة والإبداع الذي حوَته «اسم الوردة»، وإشادة النقاد بها.

قد تكون كنْيتي (Coe) من الجناس التصحيفي لـ (Eco)، ولكن للأسف لم تكن علاقتنا أقرب مثلما هو الأمر مع الاسم في تصحيفه. بالنسبة لي فهو لا يزال نموذجاً للمثقف الأوروبي؛ جاعلاً من السهل الوصول إلى الأفكار المعَّقدة، مُقوْلباً بتلك العين المتشكَّكة ذلك التناول في الثقافة والسياسة، والتي لا يمكن لها أن تتمثل وتحضر إلا من خلال وجود رحب، وبانورامي بالمعنى التاريخي.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً