العدد 4924 - الإثنين 29 فبراير 2016م الموافق 21 جمادى الأولى 1437هـ

عالم بطلته المرأة في «وقت النسيان»... «الأرملة» و «المرأة الأخرى»

من بين القائمة القصيرة لـ «نيويورك تايمز» للأكثر مبيعاً...

شارون جوسكين
شارون جوسكين

تستحوذ الأعمال الروائية التي تُعنى بموضوعات وقضايا ومشكلات المرأة، وتضمُّها القائمة القصيرة لصحيفة «نيويورك تايمز» لأكثر الكتب مبيعاً، على حصَّة مُلفتة فيها، بدءاً من رواية «وقت النسيان» للروائية والكاتبة الأميركية شارون جوسكين، من خلال قصة طفل يبدو فاقداً للذاكرة... يبدو أنه عاش في زمن آخر، وربما مات، ترعاه أمه «العزباء»، مروراً بـ «الأرملة» للكاتبة والروائية البريطانية فيونا بارتون، قصة امرأة يقضي زوجها بعد أن صدمته حافلة، في قصة تشويق وغموض، والدور المركزي الذي تلعبه في أحداث القصة، وصولاً إلى «المرأة الأخرى» للروائية السويدية تيريز بوهمان، وترجمة مارلين ديلارغي، قصة طالبة شابة تنتمي إلى طبقة العمَّال، وموضوعة الإغراء، أو إتاحة الفرصة لتكون موضوعاً للإغراء. كتبت المراجعة المختصرة للقائمة تشيلسي كاين، في صحيفة «نيويورك تايمز» يوم الجمعة (19 فبراير/ شباط 2016)، نورد أهم ما جاء فيها، مع هوامش للمحرر.

جاني، أم عزباء، تتقاسم شقتها الصغيرة مع ابنها البالغ من العمر 4 سنوات. ذلك نوع من الفرضية المروِّعة بالفعل، أليس كذلك؟ يدخل في حالات غضب كبرى فقط كي يتجنَّب الاستحمام، يستيقظ ليلاً وهو يصرخ فزِعاً من فكرة أن يُترك مع جليسة الأطفال. «كان ذلك مجرد جزء من تفردية نوح» مثل أي أم، تكون جاني على رسْلها بعض الشيء في محاولتها امتصاص الصدمات، وخصوصاً حين يتعلق الأمر بقُرَّة عينها. الأمر هو: أن الطفل يرْشح بالحقائق حول موضوعات لم يتعلَّمها بعد؛ أو معرفة أشياء عن الأماكن التي لم يرْتدْها. «متى ستأتي أمي؟» يسأل جاني. مرحلة ما قبل الدراسة هي استثنائية بالنسبة إلى نوح، انطلاقاً من سلوكه الغريب وعلى نحو متزايد؛ ما يجعل جاني مُضطرة إلى الحصول على مساعدة متخصصة.

في الحياة المُلتبسة

بعد زيارات متكرِّرة لكثير من الأطباء، تلقَّى نوح تشخيصاً تحدَّد في حاجته إلى أن يكون خاضعاً إلى الصحة النفسية والاستشفاء. استمدَّت جاني قوة أكبر كي تقف على حالة نوح، إنها قوة: «غوغل». توصَّلت إلى نظرية يمكنها أن تفسِّر كل شيء. هل يمكن أن يكون ابنها قادراً على تذكُّر ماضي الحياة؟ بيأس، تمدُّ يدها إلى الباحث البارز، الدكتور جيروم أندرسون.

يبدو الأمر سخيفاً. وينبغي ألَّا يأتي بنتيجة. لكن الروائية شارون غوسكن تنطلق من فرَضية سخيفة ومُلحَّة، سرّ البراعة والحيوية في التحرك. هل كانت لنوح حياة سابقة؟ هل تم قتله؟ وأين هي «أمه الأخرى»؟ للدكتور أندرسون دوافعه الخاصة لدراسة حالة الطفل. أعطى مؤخراً تشخيصاً يتلخَّص في: فقدان القدرة على الكلام، وهو يسابق الزمن لإتمام كتاب لدراسات بشأن الحالة قبل أن يتمكَّن الخرف من السيطرة على الأمور. يتذكَّر نوح أكثر مما ينبغي له أن يتذكَّر.

يذكر أن شارون جوسكين، كاتبة وروائية أميركية، عُرفت بروايتها الأولى «وقت النسيان». بالإضافة إلى كتابتها الرواية، عملت ككاتبة ومنتجة أفلام وثائقية حائزة على عدد من الجوائز، بما فيها «المسروق» و «عن التأمل». بدأت استكشاف الأفكار التي تمَّت دراستها واختبارها في «زمن النسيان» عندما عملت في مخيم للاجئين في تايلند وكانت وقتها امرأة شابة. كما عملت كمتطوِّعة في المستشفيات بعد وقت قصير من ولادة طفلها الأول. كانت زميلة في «Yaddo»، (مركز فيرجينيا للفنون الإبداعية). تخرجت في جامعة ييل، وكلية الفنون في جامعة كولومبيا. تعيش في بروكلين مع زوجها واثنين من أبنائهما.

«الأرملة»... فيونا بارتون

يُمكن أن يكون الأزواج مصدراً للكثير من الضغط. إليك زوج جان (غلين)، الذي صدمته حافلة للتو خارج سينسبري. «إصابات في الرأس كما قالوا. لقد مات على أي حال». ولكن أن تكون أرملة بدلاً من زوجة فذلك يناسب جان وبشكل رائع. ولا عجب في ذلك. يُصبح غلين تايلور، هو المُشتبه الرئيسي في قضية فقدان طفلة من حديقة منزلها الأمامية، ولم يقدِ البحث عنها إلى نتائج مُثمرة. جذبت القضية الاهتمام في كل أنحاء إنجلترا. تقودنا الرواية إلى تدرُّج في السرْد، وسْط كل إجراءات التحقيق من جانب الشرطة.

أصرَّ غلين على انه بريء. وقفت جان إلى جانبه مؤازرة له. المُخبر المُكلَّف بحلِّ اللغز في القضية تُساوره الشكوك في أن جان تعرف أكثر مما تُدلي به. «يجلس الصحافيون خارج المنزل في سياراتهم، ممسكين بأجهزة الماك الكبيرة» مُهرولين تارة للحصول على قصة جان. ما الذي تعرفه؟ ومتى تسنَّى لها معرفة ذلك؟ كيت ووترز، واحدة من أولئك الصحافيين، تعتقد أنها في النهاية ستتمكَّن من الوصول إلى الحقيقة عندما توافق جان على إجراء مقابلة.

في استعراض سابق للعمل نفسه تمَّت إلإشارة إلى أن كل قِسْم من رواية «الأرملة» هو عنوان بحدِّ ذاته: «المخبر» «المراسل» وهلم جرا، وفقاً لكل مشْهد يجري فحْصه. جان هي الشخصية الأولى التي تأخذ دورها في السرْد، على رغم كشفها لعملية إنقاذ زوجها الذي توفي، يوصلنا ذلك إلى معنى ونتيجة: «لا مزيد من تُرَّهاته»، وهي عبارة تقشعرُّ لها الأبدان تلك التي تتركها بارتون معلَّقة وبذكاء ملحوظ. في ضوء ذلك، هل تبدو جان مُتواطئة، بإكراه ما أو ربما بتجاهل. عن قصد أو غير ذلك؟ يلي ذلك: هل غلين بالتالي مذنب أيضاً؟

إشاعة حال من التوتر

العلاقة بين كيت والمُخبر بوب سباركس يتم توجيهها وتصويرها بشكل مُلفت: إنهما في الجانب نفسه (الوصول إلى الحقيقة)، ولكنهما ليسا مع الفريق نفسه. يتم الوقوف على الدوافع والمسارات بشكل منهجي لافت في الرواية، فيما المَشَاهد الصحافية تبدو حقيقية جداً، ولدى بارتون عقود من الخبرة والدراية في هذا المجال.

تقدِّم لنا بارتون بذكاء الكيفية التي تتواءم فيها التفاصيل مع كل فرد في عملية التحقيق الطويلة، من دون أن يقلِّل ذلك من حال التوتر التي تُشِيعها في العمل. رواية «الأرملة» هي تكريم لأولئك المهنيين الذين لا يتركون قصة أو حالة تمضي هكذا من دون التفات، مهما كانت باردة، ومهما بدت غير ذات مغزى.

تعرف بارتون أيضاً كيف تعمل على زيادة التوتر لدى القارئ. يحدث ذلك عندما تترك شخصية جان للتركيز على المُخبر والمراسل، هنا تفقد القصة بعضاً من قوتها وزخمها. لدى الثلاثة (جان، كيت ووترز وبوب سباركس) كمٌّ من الأسرار، وجميعهم كاذبون! إلا أن جان تكذب على نفسها؛ ما يجعلها أكثر إثارة للاهتمام.

تركِّز بارتون في مفاصل كثيرة من الرواية على العلاقة التكافلية، والتي تبدو غير مُريحة في كثير من الأحيان بين الشرطة ووسائل الإعلام، والضحايا أو شهود الجريمة.

يذكر أن فيونا بارتون ولدت في كامبريدج بالمملكة المتحدة. عاشت لسنوات عديدة في لندن حيث عملت محرِّرة أولى في صحيفة «ديلي ميل»، ومحرِّرة أخبار في صحيفة «الديلي تلغراف»، ورئيسة مراسلين في «ذا ميل أون صنداي»، حيث فازت بجائزة مراسل العام في حفل توزيع جوائز الصحافة الوطنية. منذ أن تركت وظيفتها في العام 2008 للتطوُّع في سري لانكا، تدرَّبت وعملت بارتون مع المبعدين، والصحافيين الذين تعرَّضوا إلى تهديدات من جميع أنحاء العالم. تعيش الآن في جنوب غربي فرنسا مع زوجها، وهي تعمل حالياً على كتابها الثاني.

«المرأة الأخرى»... تيريز بوهمان

لا تُخبرنا الروائية السويدية تيريز بوهمان عن اسم بطلتها أبداً في رواية «المرأة الأخرى»، تلك التي ترجمتها مارلين يلارغي إلى الانجليزية، ولكننا نعرف بأنها شابة جذَّابة تعمل بدوام جزئي كعاملة كافتيريا في مستشفى، وتريد أن تُصبح كاتبة. «لقد قرأت مؤخراً لدوستويفسكي، وتوماس مان «الموت في البندقية». وعلى رغم أنها انقطعت عن الدراسة في الجامعة لأسباب مالية، يجب ألاَّ تشعرَ بالأسف حيالها. «لقد وجدتُ معظم المواد سهْلة في الجامعة»، وتُبيِّن «أتمتع بذكاء، ولست في حاجة أبداً إلى بذل جهد كبير في هذا الصدد».

في وقت ما تم إغراء الفتاة (أو، بدلاً من ذلك، سمحت لنفسها أن تكون عرضة للإغراء) كارل مالمبيرغ يعمل استشارياً أول، ويقود سيارة من نوع فولفو. وينفق الكثير من المال على النبيذ الذي يحتسيه في أقداح فنلندية باهظة الثمن. فتاة الرواية تنتمي إلى المدينة «تناوب على برمجتها جيل بعد جيل من العمّال» رتَّبت أوضاعها كي تتمكَّن من الحصول على وظيفة وضيعة. متذبذبة هي - عملياً - بسبب استيائها من الطبقة التي تنتمي إليها. دعنا نقل فقط بأن العلاقة تمرُّ بحال من الفوضى. «إذا لم يحدث شيء»، كما صرَّحت «فعليك التأكد من أن شيئاً قد حدث، بحيث يكون لديك شيء للكتابة عنه».





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً