العدد 4924 - الإثنين 29 فبراير 2016م الموافق 21 جمادى الأولى 1437هـ

عبدالله السعيد... فني الكهرباء المولع بالتاريخ والحالم بإصدار 14 كتاباً تأريخياً

أسَرَته البلاد القديم فأبحر في تراثها ومساجدها

السعيد متحدثاً إلى «الوسط»: تدليس التأريخ يهدمه - تصوير : محمد المخرق
السعيد متحدثاً إلى «الوسط»: تدليس التأريخ يهدمه - تصوير : محمد المخرق

خلف جدران المنزل رقم (929) في منطقة البلاد القديم، تختبئ المئات من الأوراق والوثائق التاريخية، وتحديداً في غرفة لا تتجاوز مساحتها 4 أمتار مربعة، تملؤها رائحة ملفات قديمة، وشهادات وصور مضى عليها عشرات السنين، مازالت محبوسة بانتظار اللحظة التي ترى فيها النور عبر مؤلفات وكتب تقرأها الأجيال.

الغرفة التي تضم تحفاً وأدوات قديمة وحديثة، وضعت فيها طاولة وكرسي، لتعطي صورة مكتب قديم حديث، يجلس عليها الباحث التاريخي الذي توّلع بالتأريخ بعد أن قضى سنيَّ عمره بين أسلاك الكهرباء، ليضيء بها حلم إصدار 14 كتاباً تأريخياً عن البحرين ومنطقته التي أسرته (البلاد القديم)، فجعلتها يبحر في تراثها ومساجدها ومآتمها، وفي علمائها، والمهن التي كان أهلها يتخذون منها طريقاً لكسب الرزق.

ذلك هو عبدالله السعيد، الباحث الذي ملأ وجهه الشعر الأبيض، المولع بتدوين تاريخ البلاد القديم منذ العام 2001، مازال يعتبر نفسه مقصراً، لأنه لم يعطِ الحياة شيئاً، على الرغم من أنه بلغ من العمر 76 عاماً.

السعيد استضاف «الوسط» في منزله الكائن بمنطقة البلاد القديم، وبدأ في الغوص في أعماق التأريخ منذ اللحظة الأولى للقاء، حيث أبدى تحفظه على تسمية مقبرة أبوعنبرة بهذا الاسم، فهو يؤكد بأن اسمها الأصلي هو «أبو العنبر» مستدلاً بوثائق صحيحة.

مقال بوشهري... شمعة الطريق

يتحدث السعيد عن بدايته في تدوين تأريخ البلاد القديم، حيث كان المقال الذي نشره الباحث علي بوشهري عن هذه المنطقة «شمعة الطريق» له، وجعلته يصب اهتمامه في هذه المنطقة، الساكنة في قلبه، ودفعته إلى كتابة مسودة كتاب يضم 15 فصلاً تقريباً، يتحدث عن البلاد القديم وكل تفاصيلها.

يقول السعيد: «لم يكن لدي اهتمام بهذا الجانب، وأنا كغيري، إلا أن مقالاً نشرته «الوسط» للباحث علي بوشهري عن مسجد أو جامع المنارتين، وأطلق عليه مدينة المشهد، وأرسل لي مع أحد أبنائي العدد من هذه الصحيفة، ومنذ لحظة قراءة المقال تحركت كلياً لما قرأته، وأصبحت لدي إرادة وشجاعة، وعلقت على المقال، ونشر التعليق في صحيفة «الوسط». وكذلك بعض الموضوعات التي نشرت في صحيفة العهد عن البلاد القديم».

ويؤكد «كل أمنيتي أن أتنور وأفيد وأستفيد، وأتطلع إلى أن أوفق في إصدار الكتاب عن البلاد القديم، ونحن قطعنا شوطاً كبيراً في كتابته».

الغرفة ورفوف المجلس

يتخذ الباحث السعيد من إحدى غرفة منزله مكاناً ليضع فيه كل نتاجه، سواء المتعلق بالتأريخ أو الأدب، كما إنه حرص على تعليق شهاداته المدرسية ويعود إحداها إلى العام 1955، إلى جانب شهادات التدريب التي حصل عليها عندما تدرب في شركة نفط البحرين (بابكو) وعمل فيها قبل أن ينتقل إلى وزارة الكهرباء والماء (سابقاً)، إلى جانب مكتبة وضعها في غرفة المجلس وتضم كتباً متنوعة.

ويوضح قصة عمله في (بابكو)، بأنه اختير مع 44 طالباً بعد تخرجه من المرحلة الثانوية، وذلك للتدريب والعمل، ضمن أول مشروع تدريب مهني لدى (بابكو)، واستقال من الشركة بعد 5 أعوام، وتحديدًا في العام 1981، ليلتحق بعدها في العمل بمحطة سترة لتحلية المياه، بوظيفة فني كهرباء، واستمر في العمل إلى أن أحيل إلى التقاعد في العام 2000. ويشير إلى أنه بدأ في العام 2001 بتصوير المساجد التي تضمها البلاد القديم، ويسأل كبار السن عن أسمائها، ويبحث عن معلومات حول هذه الأسماء، وخصوصاً إذا كانت لشخصيات معروفة.

لماذا البلاد القديم؟

«الوسط» سألت السعيد عمّا يميّز البلاد القديم عن بقية المناطق، فكانت إجابته بتأكيد أنها ليست «بلاد القديم» كما هو مشاع، بل إنها البلاد القديم، إلا أن أل التعريف حُذفت منها. ويقول: «البلاد القديم تعني أنها سبقت غيرها في العمران أو في الخراب، وكانت مدرسة علمية أكثر من غيرها، ولهذا السبب وفد عليها الكثير من العلماء الأجلاء، وبعضهم سكنها والآخر غادرها.

ويبيّن أن البلاد القديم تمتاز بآثارها الكثيرة، على الرغم من أخذ الكثير منها، إلى جانب وفرة العيون فيها، ومن بينها عين قصاري وعين عذاري، هي تمتاز بكثرة العيون التي رُدم بعضها ولكن ما زالت آثارها باقية.

ويشير إلى أن البلاد القديم بموقعه الأصلي تضم أكثر من 40 مسجداً، ومن أبرزها مسجد الرفيع الذي تمكّن من إعادة ساجة محرابه، بعد إلقائها على قارعة الطريق خلال عملية ترميمه قبل نحو 10 أعوام، إلا أنه تمكن من المحافظة عليها في منزله، إلى أن بادرت إدارة الأوقاف الجعفرية وأعادت الساجة إلى المحراب ووضعت عليها زجاجة لحمايتها.

مصادر التأريخ وتدليسه

يؤكد الباحث السعيد أن أبرز معوقات تدوين التأريخ هو صعوبة الحصول المعلومات، فعندما يرغب شخص في البحث أو تدوين تأريخ أي معلم أو شخصية، فإنه يصعب عليه الحصول على المعلومات.

ويشدد على ضرورة الابتعاد عن «يقال» في سرد الأحداث التاريخية، دون الاستناد إلى مصادر موثوقة. وقال: «أكره بل من المحرم أن ترد كلمة يقال في نقل الأحداث التاريخية، فالمصدر يخرجك إلى السليم، ويعطي القوة إلى المعلومة.

ويخلص إلى أن حقيقة إبراز التاريخ لا يحتاج إلى تدليس، فهذا يهدم التاريخ. وكثير من الأشخاص يكتبون ولكنهم لا يأتون بالحقيقة، بهدف المجاملة، وبهدف الحصول على المال، وبالتالي لا يهتم إلى إسناد ما يذكره إلى مصادر موثوقة، ويطلق المعلومات الخاطئة على أنها حقائق.

العدد 4924 - الإثنين 29 فبراير 2016م الموافق 21 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 11:12 ص

      الله يعطيك العافية يالخال

    • زائر 4 | 3:02 ص

      لله يطول عمرك يابوسامي

    • زائر 3 | 1:28 ص

      في ميزان حسناتك يا أب الجميع وأطال الله في عمرك ووفقك لما فيه الخير والصلاح

    • زائر 2 | 10:51 م

      الله

      الله يعطيك الصحة و العافية ويطول في عمرك ...... استاذنا الفاضل .... و نحن منتظرون بفارغ الصبر لنرى نتاج هذه الرحله الطويله من التاريخ .

    • زائر 1 | 9:22 م

      بالتوفيق

      الله يوفقك استاذ ..ونتمنى ان نرى الاصدار في القريب العاجل

اقرأ ايضاً