العدد 4925 - الثلثاء 01 مارس 2016م الموافق 22 جمادى الأولى 1437هـ

الخليج وتطور الرأسمالية المتوحشة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

للعام الثاني على التوالي، نظّم «المنبر التقدمي» منتداه الفكري الثاني في فندق «ريفييرا» عذاري، في ذكرى تأسيس «جبهة التحرير الوطني البحراني»، أقدم فصيل سياسي يساري منظّم في تاريخ البحرين.

المنتدى الذي انطلق عند العاشرة من صباح الجمعة (26 فبراير/ شباط 2016) واستمر حتى الثالثة ظهراً، تضمن ثلاث جلسات، ذات طابع فكري سياسي عام، تحت عنوان: «خصائص تطور الرأسمالية في الخليج العربي».

وفي الورقة الأولى تناول الكاتب الاقتصادي محمد الصياد «نشوء وتطور رأسماليات الخليج العربي»، إذ انتقلت هذه التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية ذات الطابع الزراعي والانتاج الاقطاعي المتخلف، إلى حالة أخرى بعد اكتشاف النفط. ومع وجود عدة صناعات كالغزل والنسيج والأواني الفخارية، صعوداً إلى صناعة السفن، إلا أن الحرفة الأكبر والأهم كانت الغوص للؤلؤ، الذي شكل المصدر الأساسي للدخل. كان نصف سكان البحرين يعملون في هذا القطاع، وكانوا ينتجون ثلثي قيمة اللؤلؤ المصدّر في الخليج.

في العام 1893، نجح صائد أسماك ياباني اسمه ميكيموتو كويتشي (1858 - 1954) في زراعة اللؤلؤ، بعد عدة محاولاتٍ فاشلة. وقد بدأ تسويقه ابتداءً من 1920، فكان نجاحه ضربةً أطاحت بتجارة اللؤلؤ المزدهرة في الخليج.

يقول الصياد «بينما بدت أبواب الرزق وكأنها سُدّت أمام البحرينيين، إذا بالغيث يأتيهم من تحت أرجلهم، ففي صبيحة (2 يونيو/ حزيران 1932)، بدأ تدفق النفط بغزارة من حقل البحرين بمعدل 9600 برميل يوميّاً، ووصل إلى ذروته في السبعينات بمعدل 70 ألف برميل».

لقد كانت صدفةً تاريخيةً أنقذتنا من المجاعة وشظف العيش... لكن المشكلة أننا بقينا على هذا المصدر الوحيد للدخل، نستخرجه بشراهة، ونبيعه بسرعة، وننفقه بسرعة أكبر، في مشاريع غير إنتاجية، يغلب على أكثرها الترف والمباهاة والاستهلاك.

هنا يأتي دور الإدارة الابتكارية كما يقول الصياد، مشيراً إلى تجارب سنغافورة وكوريا الجنوبية، والأخيرة لم تكن معروفة بأي منتَجٍ مميّزٍ قبل الثمانينات، فإذا هي اليوم من الدول المنافسة على الإنتاج السمعي والبصري والثقافي، حتى بلغت قيمة منتجاتها من «ثقافة البوب» وحدها خمسة مليارات دولار العام الماضي. بل إن صناعة ألعاب الفيديو التي دعمتها الحكومة في 2005، أصبحت تدرّ إيراداً وطنيّاً يفوق 12 مرة دخل منتجات أغاني البوب الكورية.

تاريخيّاً، كما يذهب الصياد، كانت المرحلة الليبرالية التي امتدت من الثلاثينات حتى السبعينات، إحدى أكثر مراحل التاريخ العربي المعاصر الزاهية، حيث كانت الطبقة الوسطى تشقّ طريقها في أخاديد النسيج الاجتماعي البسيط التكوين، وتشكّل العمود الفقري لازدهار ثقافة التنوير والتحديث الطبيعي المتدرج. ولولا سياسة حرق المراحل التي اتبعتها بعض الأنظمة التي جاءت عبر الانقلابات خصوصاً، لكانت المجتمعات الحضرية العربية أكثر نضجاً واستعصاءً على هذا الارتداد الحضاري الذي تشهده هذه الأيام مع هذا التيه الاجتماعي وحالة الاحباط، وصعود «القاعدة» و»داعش» ونسليهما.

كان الطلب على «الليبرالية» كخيار بديل في منطقتنا في السبعينات، إلا أن النيوليبراليين العرب، يطرحون نسخة أميركية لتطبيقها، وهو ما قد تمت تجربته في عهد أنور السادات، لاستنساخ الطبعة الانجليزية التي طبقتها بشراسة، مارغريت ثاتشر أثناء رئاستها الوزارة في بريطانيا من 1979 حتى 1990، والتي جاءت بنتائج كارثية على الاقتصاد المصري بتحويله من نمط الإنتاج إلى الاستهلاك، فيما أسماه بـ»الحقبة التنموية الهزلية».

في تعقيبه على ورقة الصياد، ذهب عضو المنبر والنائب السابق عبدالنبي سلمان، إلى أننا لم نستفد مما صنعته دول «الآسيان»، بالتحوّل إلى نمط اقتصادي قائم على الصناعة والخدمات والسياحة، بل اعتمدنا على استيراد العمالة الآسيوية الرخيصة والماهرة، لإدارة الصناعات والأعمال دون الاهتمام بتدريب العمالة الوطنية وتأهيلها. وفي المقابل، استمرت الأنظمة الخليجية في تبني سياسات السادات، القائمة على ترويج الاستيراد على حساب الصناعات الوطنية التي بنيت خلال الحقبة الناصرية.

وينتقد سلمان ما قامت به الليبرالية المتوحشة من غزو للعراق واستباحته أرضاً وشعباً وقيماً وتاريخاً، ووضعته على حافة شبح التقسيم، وكذلك اليمن وسورية وليبيا، مستشهداً بعادل سمارة: «أميركا خلقت الخليج بحسب مصالحها وليس على شاكلتها»، فما جرى في منطقتنا الدافئة، تنميةٌ مشوّهةٌ وغير حقيقية، تخدم رأس المال الغربي في المركز، على حساب الهوامش والأطراف.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4925 - الثلثاء 01 مارس 2016م الموافق 22 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 8:19 ص

      زيادة المال تزيد الذنوب فهل تاجر اليوم أو بمصطلح آخر البرجوازي الذي يجمع المال لا يختلف ... وهنا يمكن القول ما أشبه الجال بالجال وما أشبه العالم بالعالم. فهل يستوي السفهاء ومع الفقهاء؟؟؟

    • زائر 6 | 3:53 ص

      !

      تقول صدفه تاريخيه انقذتنا من المجاعه.اخطئت عزيزي وإنما إرادة الله انقذتنا وليست الصدفه.الله رحيم بعباده.يأخذ شي ويعطي شي.

    • زائر 5 | 1:54 ص

      الله يغربلهم اليابانيين

      كل شئ يصنعونه حتى الموز سووه مربع و البطيخ مثلثات. :)

    • زائر 2 | 10:15 م

      نورانا بعد ضاعت وكان أهالي كرانه إستبشروا خيرا ومصيرها مصير الشمالية.

اقرأ ايضاً